الدوحة: تطرح الحدود الباكستانية - الافغانية نفسها دائماً كأكثر الحدود سخونة والتهاباً في العالم، بسبب الظروف الدولية التي تحيط بها ولأهميتها اللوجستية والديموجرافية، والايام المقبلة ترشح خط الحدود بين الجارتين الذي يبلغ طوله 2.643 كيلو متر مربع ليكون بؤرة الاحداث وليضيف مزيداً من التعقيد على علاقات إسلام آباد وكابول، وذلك على وقع تبادل باكستان وافغانستان الاتهامات بعدم القيام بما يكفي لمنع المتمردين من عبور الحدود بين البلدين وشن هجمات على أراضي البلد الاخر.

وقد انتقل السجال بين الدولتين بخصوص ضبط الحدود إلى النطاق الرسمي فقد عبرت وزيرة الخارجية الباكستانية حنا رباني كهر عن قلق بلادها إزاء تزايد هجمات المسلحين على مواقع الجيش الباكستاني عبر الحدود الأفغانية ،وطالبت الحكومة الأفغانية بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من أنشطة المسلحين قرب الحدود الباكستانية، وعدم السماح باستخدام الأراضي الأفغانية كقاعدة انطلاق لاستهداف نقاط القوات المرابطة على الحدود.

وكشفت وزيرة الخارجية الباكستانية أن ضبط الحود سيكون محور لقاء رئيس الوزراء الباكستاني راجه برويز أشرف خلال الزيارة الرسمية إلى كابل في منتصف شهر يوليو الجاري في أول زيارة إلى أفغانستان منذ توليه منصبه في شهر يونيو الماضي خلفاً لرئيس الوزراء السابق يوسف رضا جيلاني.

ويطلق على هذه الحدود خط quot;دورندquot; نسبة إلى هنري مورتيمر دورند وزير الخارجية البريطاني لشؤون الهند أواخر القرن الـ19 الذي وقع في 12 نوفمبر 1893 مع أمير أفغانستان في ذلك الوقت عبد الرحمن خان اتفاقاً يوضح الحدود بين الهند -التي كانت ضمن الإمبراطورية البريطانية -وأفغانستان، إلا أن باكستان - التي استقلت عن الهند عام 1947- لم توقع أي اتفاق يرسم الحدود بشكل نهائي مع جارتها أفغانستان.

وشكلت الحدود معضلة للبلدين في ظل التداخل القبلي حيث تستوطن قبائل البشتون مناطق على جانبي الحدود، ومنذ منتصف ثمانينيات القرن العشرين كان المقاتلون يعبرون الحدود لمقاتلة القوات السوفيتية ،وكانت المنطقة الحدودية منذ نهاية تسعينيات القرن العشرين ملاذاً لتنظيم القاعدة وفقاً لأجهزة الاستخبارات الغربية.

باكستان في وقت سابق قد أعلنت انها ستبذل ما في وسعها لوقف هجمات المسلحين الافغان ضد جندوها على الحدود، وبلغ الامر استعدادها للتعاون مع شركات الاقمار الاصطناعية وخدمات الانترنت لتنفيذ هذه الرغبة، وصرحت السلطات الباكستانية أنها تسعى لاستخدام خدمات شركة quot;جوجلquot; لمراقبة المناطق الصعبة من الحدود، مشيرة إلى أن هذه الخطوات تساعد على تحقيق مراقبة فعالة على تحركات quot;المتطرفينquot; من أفغانستان إلى باكستان والعكس.

وتقدر باكستان إعداد المتسللين الأفغان إلى أراضيها يومياً بنحو 40 الف شخص، بما في ذلك المقاتلون والمهربون، الامر الذي يزيد من صعوبة التحكم بنشر حرس الحدود في تلك المناطق ،ناهيك عن إمكانية ضبط الوضع، مع الأخذ بعين الاعتبار وعورة التضاريس الجبلية التي تحد من إمكانية الوصول إلى بعض المناطق.

في المقابل وجدت كابول نفسها في محل إتهام ،فبادرت بإتخاذ إجراء أكثر قوة، حيث كشفت الحكومة الافغانية بشكل مباشر عن تهديدها برفع شكوى ضد باكستان أمام مجلس الامن الدولي في حال لم يتوقف الجيش الباكستاني عن قصف أراضيها على طول الحدود بين البلدين، في إشارة الى أحداث ولاية كونار، الافغانية.

وتتهم أفغانستان جارتها باكستان بشن هجوم على ولاية كونار الحدودية داخل الأراضي الأفغانية مما أوقع ضحايا من المدنيين وشرد نحو 500 أسرة نتيجة القصف المتواصل من الجانب الباكستاني.

في حين تبرر باكستان هجومها بأنه رد على تسلل عناصر من داخل الاراضي الافغانية نفذوا عملية أودت بحياة 13 من جنودها وأن القوات الأمنية قتلت 6 من المهاجمين.

وحسب المتحدث باسم الخارجية الافغانية فإنه من المنتظر أن يبحث الرئيس الافغاني حميد كرزاي هذه المشكلة مع رئيس الوزراء الباكستاني الزائر، وقال المتحدث إن باكستان quot;تعزز موقع متمردي طالبان وشبكة حقاني من خلال ايوائهم ليستهدفوا لاحقاً القوات الاجنبية وقوات الامن الافغانية والمدنيين الافغانquot;.

ولا يعني ضبط الحدود الباكستانية - الافغانية لاسلام اباد فقط أمن وسلامة الجنود والمراكز الحدودية، بل يساوي أيضاً قرابة 1.1 مليار دولار أميركي هي قيمة ما خصصتة الولايات المتحدة الاميركية كمساعدات للجيش الباكستاني نظير فتح الحدود أمام امدادات قوات حلف شمال الاطلسي quot;الناتوquot; العاملة في افغانستان.

وقد عبر الفوج الأول من شاحنات إمداد قوات حلف شمال الأطلسي quot;ناتوquot; العاملة في أفغانستان الحدود الباكستانية إلى أفغانستان في منطقة طورخم إلى أفغانستان الخميس الماضي، وقد نقلت الشاحنات بضائع من ميناء كراتشي جنوب باكستان إلى الحدود قاطعة مسافة 1500 كلم.

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أعلنت أن الحكومة الباكستانية وافقت على إعادة فتح حدودها أمام إمدادات قوات حلف شمال الأطلسي العاملة في أفغانستان.

يذكر أن العلاقات الباكستانية الأميركية شهدت تدهوراً شديداً خلال هذه الفترة وبلغت أدنى مستواها وخاصة بعد أحداث مهمة متتالية وقعت في باكستان مثل عملية قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في 2 مايو عام 2011، وهجوم قوات حلف شمال الأطلسي على المواقع العسكرية في شمال غرب البلاد في 26 نوفمبر الماضي، وراح ضحيته أربعة وعشرون جندياً بالإضافة إلى استمرار غارات الطائرات بدون طيار على الأراضي الباكستانية والتي اعتبرتها وزيرة الخارجية الباكستانية حتى أمس انتهاكاً لسيادة بلادها.

وكانت حركة طالبان باكستان هددت بمهاجمة الشاحنات التي تنقل إمدادات إلى القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان ، وقال المتحدث باسم الحركة quot;سنهاجم إمدادات حلف شمال الأطلسي في كل أنحاء باكستانquot;، وأكد أن حركته لن تسمح لأحد بأن يستخدم الأراضي الباكستانية في نقل إمدادات تستخدم ضد الشعب الأفغاني.