قبل نحو ثلاثة أشهر أحدث خادم البابا الشخصي صدمة عميقة بعدما قبض عليه بتهمة سرقة وتسريب وثائق رسمية تتعلق بـlaquo;الفساد المالي داخل الفاتيكانraquo; كما قيل. وقبيل صدور قرار ابتدائي يتعلق بمحاكمته قال محاميه إنه فعل ما فعل بدوافع نبيلة في حق مخدّمه.


في حال انعقدت محاكمة لباولو غابرييل، الخادم الشخصي لبابا بنديكتوس السادس عشر، للنظر في اتهامات تفيد أنه laquo;سرق وسرّب وثائق رسمية من خزائن الفاتيكانraquo;، فسيدفع بالقول إنه فعل ذلك laquo;بدافع الحب للبابا وسعيًا الى مساعدته في تنظيف الكنيسة الكاثوليكية من الأوساخ التي علقت بهاraquo;، وفقًا لصحيفة laquo;تليغرافraquo; البريطانية.

باولو غابرييل في رفقة بابا الفاتيكان

وبعدما قضى 60 يومًا في الحبس بزنزانة خاصة تحت حراسة مشددة، أطلق سراح غابرييل منها في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، ولكن فقط إلى الإقامة المنزلية الجبرية. وقال مسؤولون في الفاتيكان إن الأرجح أنه سيواجه محاكمة تنظر في سرقته خطابات وأوراقًا من شقق تابعة للبابا، وأن هذه المحاكمة في حال عُقدت فستبدأ جلساتها في الخريف المقبل.

وسيكون هذا الأمر رهنًا بقرار من قاضي المحكمة الابتدائية بناء على الأدلة المتوفرة أمامه، وسيصدر قراره هذا في غضون أسبوعين من الآن. وفي حال توصل إلى وجوب محاكمة غابرييل فستوجه إليه رسميًا تهمة laquo;السرقة الخطرةraquo; التي تحمل عقوبة تصل إلى 6 سنوات سجناً إذا أُدين بها. لكنّ آخرين يقولون إن العقوبة قد تصل إلى 30 عامًا لأن حيازة مستندات الفاتيكان السرية تعادل انتهاك أمن الدولة.

ومن جهته، قال محاميه، كارلو فوسكو، إنه تصرف منفردًا، ولم يكن بالتالي جزءًا من مؤامرة جماعية على الفاتيكان وتنازع على السلطة داخله لتحديد خليفة لبنديكتوس السادس، كما أشاع عدد من المراقبين. وقال هؤلاء الأخيرون إن كل هذا يتم في إطار ردة الفعل إزاء اتهامات بالفساد في أروقة الفاتيكان الإدارية وخصوصًا داخل مصرفه المعروف رسميًا باسم laquo;معهد أعمال الدينraquo;.

وقال فوسكو إن موكله تصرف laquo;بدافع ذاتي ينطلق بدوره من احترامه العميق وحبه للباباraquo;، وإنه laquo;إنما كان يسعى الى مساعدة مخدّمه في مهمته التي ألقى بها على عاتقهraquo; (تنظيف أروقة الكنيسة من طيف عريض من التجاوزات الأخلاقية التي ظلت تعصف بها).

ومضى يقول: laquo;لكل فرد طريقته الخاصة في ترجمة مشاعره إلى أفعال محسوسة واعتقد أن الجميع يحترمون هذه الحقيقة. وواقع الأمر أن موكلي نادم الآن على تصرفه المتعلق بتلك الوثائق على النحو الذي قام بهraquo;.

تحوير للوحة دافنشي laquo;الخلقraquo; على الصحافة الإيطالية

وكانت جندرمة الفاتيكان (الشرطة) قد ألقت القبض على غابرييل (46 عامًا) في 23 مايو/ أيار الماضي في أعقاب تحقيق حول تسريب أطلق عليه اسم laquo;فاتيليكسraquo; (وهي تلاعب لفظي على اسم الموقع الإلكتروني الشهير laquo;ويكيليكسraquo;) لأنه يتعلق بوثائق كنسية تصّف laquo;سرّيةraquo;. وجاء اعتقال غابرييل بعد تحقيقات مفصلة قامت بها لجنة خاصة شكلها في ابريل / نيسان البابا نفسه من ثلاثة كرادلة على أعلى المستويات لتحديد مصدر التسريبات التي عادت على الفاتيكان بحرج عميق.

يذكر أن غابرييل، الذي ظل يخدم البابا لست سنوات متصلة، أحد ثمانية أشخاص يشكلّون الدائرة الداخلية اللصيقة ببنديكتوس وتتألف من أربعة أشخاص من غير رجال الدين وأربع راهبات. ولهذا قال مصدر فاتيكاني وقت اعتقاله إن البابا laquo;يشعر بأقصى درجات الحزن والأسى لاعتقال الرجل الذي ظل يلازمه كالظل طوال تلك السنواتraquo;.

وتفجرت هذه الفضيحة بعدما سرّبت جهة ما وثائق سرية الى الصحافة الإيطالية تكشف الكيفية التي يمنح بها الفاتيكان عقوده التجارية لشركات وأفراد معيّنين. كما أنها تلقي الضوء أيضًا على مزاعم تتحدث عن صراع قوي شرس يدور داخل مصرف الفاتيكان.

يذكر أن القضية كلها بدأت في يناير / كانون الثاني الماضي بنشر رسائل مسرّبة من نائب حاكم مدينة الفاتيكان السابق كبير الأساقفة، كارلو ماريا فيغانو، الى البابا ويرجوه فيها عدم نقله الى مكان آخر (واشنطن) بعدما رفع النقاب عما سمّاه laquo;شبكة فساد تلف إصدار عقود الفاتيكان التجاريةraquo;.