مخاوف من انجرار الأردن إلى الصراع في سوريا

تزداد الأزمة السورية تعقيداً يوماً بعد آخر وسط مخاوف من تفجرها وانعكاسها على الدول المجاورة التي قد تجد نفسها مضطرة إلى التدخل لحماية الأسلحة الكيميائية والجرثومية في حال سقط النظام، وهي المهمة التي ربما يكلف بها الأردن.

عمان: حذر محللون من quot;عواقب وخيمةquot; في حال انجرّ الاردن الى النزاع الدائر في سوريا مع ارتفاع وتيرة العنف في الجارة الشمالية وازدياد المخاوف من احتمال استخدامها أسلحتها الكيميائية.

ووفقا لمصادر مقربة من الحكومة الاردنية quot;هناك اجتماعات يومية لبحث إمكانية إرسال قوات أردنية خاصة في حال سقوط النظام السوري لتأمين الاسلحة الكيميائية والجرثوميةquot;.

ورغم انه لم يتسن تأكيد ذلك من قبل المسؤولين الا انه من الواضح أن الأردن يراقب بقلق متصاعد التطورات في سوريا.

قوات اردنية خاصة

واعلنت المملكة الاحد انها ستتخذ كل الاجراءات اللازمة على حدودها مع سوريا من اجل quot;الحفاظ على الامن الوطني من أي اختراقاتquot;.

وتترافق تلك المخاوف مع استمرار تدفق اللاجئين السوريين الى الاردن ما يشكل عبئا اقتصاديا ولوجيستيا على المملكة.

وحذر العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني الاربعاء في مقابلة مع قناة quot;سي ان انquot; الأميركية من امكانية اغتنام تنظيم القاعدة الفوضى في سوريا للاستيلاء على الترسانة الكيميائية التي يمتلكها النظام السوري.

من جانبه، رأى عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية، ان تدخل الاردن لتأمين الاسلحة الكيميائية السورية quot;محتملquot; لكنه يحتاج الى quot;مظلة سياسية عربية ودولية والا فعواقب ذلك ستكون وخيمةquot;.

وفيما تشتد المواجهات بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة في مختلف مناطق سوريا وخصوصا في العاصمة دمشق والعاصمة الاقتصادية للبلاد حلب (شمال)، يتصاعد قلق المجتمع الدولي على أمن الاسلحة الكيميائية التي يقول ان نظام الرئيس السوري بشار الاسد يمتلك كميات كبيرة منها.

ويقول الرنتاوي لوكالة فرانس برس ان quot;الحديث اليوم لم يعد عن حقوق الإنسان والديمقراطية والتحول الديمقراطي والانتقال السياسي في سوريا وبات كله حول الترسانة الكيميائية والبيولوجية في سورياquot;.

ويتساءل ان كان موضوع تلك الاسلحة quot;مخاوف اردنية حقيقية ام انها جزء من استراتيجية اقليمية ودولية يراد جرّ الأردن اليها. اية اجندة يراد فرضها على المنطقة وجرنا اليها؟quot;.

ويحذر الرنتاوي من احتمال ان يكون الأمر مجرد حجة لضرب سوريا، مستذكرا quot;ادعاءات الولايات المتحدة وحلفائها بوجود اسلحة دمار شامل في العراق والتي ثبت كذبها وانظروا للعراق الآنquot;.

وبالنسبة إلى مدير مركز القدس للدراسات السياسية فان السبب الاول وراء اثارة موضوع الاسلحة الكيميائية السورية هو quot;امن اسرائيل الذي يشغل الولايات المتحدة والعالم كلهquot;.

ويتفق المحلل السياسي لبيب قمحاوي مع الرنتاوي على ان موضوع تلك الاسلحة quot;ليس اكثر من حجة يريد الغرب واسرائيل استعمالها للتدخل في سورياquot;.

ويضيف لفرانس برس ان quot;هذا يذكرنا بالعراق قبل عقد من الزمن حين استخدمت حجة وجود اسلحة دمار شامل لتدميره، وتأكد لاحقا عدم وجودهاquot;.

ويؤكد قمحاوي ان quot;الاردن ان تدخل تحت ذريعة مخاوف من اسلحة كيميائية فسيتدخل نيابة عن اميركا واسرائيل وهذا غير مقبولquot;، محذرا من quot;مؤشرات واضحة بان الاردن يسير باتجاه تسهيل تدخلات عسكرية في سورياquot;.

ورأى ان quot;دور الاردن يجب ان يقتصر على دور مساعدة الشعب السوري انسانيا فقط وليس دورا عسكريا على الاطلاقquot;.

من جانبه، يعتبر محمد المصري، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية ان quot;موقع الاردن الجغرافي المجاور لسوريا يجعله مرشحا قويا للقيام بعملية تأمين الأسلحة الكيميائيةquot;.

ويضيف لفرانس برس ان quot;مسألة الاسلحة الكيميائية السورية بالنسبة إلى الأردن ليست فقط معضلة دولية او اقليمية بل هي تشكل خطرا مباشرا على امنهquot;.

ويوضح ان الاردن هو الدولة العربية الوحيدة quot;المهيأةquot; لهذا الدور، مبررا ذلك بأن جيران سوريا العرب الآخرين quot;غير مهيئينquot;، فيما تركيا quot;حساسة تجاه الفكرة، أما تدخل اسرائيل او اميركا فتدخلهما هو بمنتهى الخطورة لانه سيخلق أبعادا أخرى للأزمةquot;.

ووفقا لمؤسسة quot;مابلكروفتquot; الاستشارية لتقييم المخاطر، فان الولايات المتحدة و18 دولة اخرى شاركت في تدريبات quot;الأسد المتأهبquot; العسكرية في ايار/مايو في الأردن quot;التي تضمنت تركيزا قويا على تأمين الأسلحة الكيميائية والبيولوجيةquot;.

وتضيف المؤسسة انه quot;بما ان الصراع يتصاعد، فإنه لا يمكن اغفال ان النظام (السوري) قد ينظر في استخدام اسلحة كيميائيةquot;.

وفي آذار/مارس الماضي نقلت صحيفة quot;وول ستريت جورنالquot; عن مسؤولين اميركيين وعرب قولهم ان quot;القوات الاميركية والاردنية تطوران خططا مشتركة لتأمين ما يعتقد انه مخزون سوري كبير من الأسلحة الكيميائية والبيولوجيةquot;.

ولا يخفي أردنيون عاديون مخاوفهم من انجرار المملكة الى النزاع السوري، ويقول خليل (25 عاما) وهو طالب جامعي لفرانس برس quot;نعاني اصلا كل انواع المشاكل هنا من فقر وبطالة وفساد واقتصاد سيئ، لسنا بحاجة إلى مزيد من المشاكلquot;.

ويتساءل quot;ألا يجدر بنا فقط التركيز على اللاجئين السوريين؟quot;.

ويستضيف الاردن أكثر من 140 الف سوري لجأوا الى المملكة اثر اندلاع الاحداث في بلدهم، فيما تسعى عمان إلى تجهيز عدد من المخيمات لاستيعاب اعداد اللاجئين المتزايدة.

اما محمد (33 عاما) وهو مهندس معماري فيقول quot;نحن فخورون بجيشنا لكننا لسنا قوة عظمىquot;.

ويتساءل quot;ما الذي سيحدث لنا ان فشلت الخطة التي يتحدثون عنها لتأمين الاسلحة الكيميائية السورية لسبب او لآخر؟quot;.

وكانت وزارة الخارجية السورية اعلنت الاثنين في بيان تلاه المتحدث باسمها جهاد مقدسي امام الصحافيين واقر فيه للمرة الاولى بامتلاك سوريا أسلحة كيميائية انه quot;لن يتم استخدام اي سلاح كيميائي او جرثومي ابدا خلال الازمة في سوريا مهما كانت التطورات الداخلية. هذه الاسلحة لن تستخدم الا في حال تعرضت سوريا لعدوان خارجيquot;.

واشار مقدسي الى ان quot;هذه الأسلحة على مختلف انواعها مخزنة ومؤمنة من قبل القوات المسلحة السورية وبإشرافها المباشرquot;.

الا ان الخارجية السورية ما لبثت ان وزعت بيانا جديدا على وسائل الاعلام ادخلت فيه تعديلات على البيان السابق. وجاء فيه quot;ان اي سلاح كيميائي او جرثومي لم ولن يتم استخدامه أبدا خلال الأزمة في سوريا مهما كانت التطورات في الداخل السوري، وان هذه الأسلحة على مختلف انواعها -ان وجدت- فمن الطبيعي أن تكون مخزنة ومؤمنة من القوات المسلحة السوريةquot;.

من جانبها، هددت إسرائيل سوريا بأنها ستهاجم أي شحنة أسلحة كيميائية او صواريخ وانظمة دفاعية جوية تنقل الى حزب الله اللبناني.

ويقول المسؤولون العسكريون الاسرائيليون إن سوريا التي تعد رسميا في حالة حرب مع اسرائيل، تمتلك quot;اهم ترسانة من الاسلحة الكيميائية في العالمquot;.

ويدعم حزب الله الشيعي اللبناني النظام السوري منذ بدء الانتفاضة في سوريا ضد نظام الرئيس بشار الاسد في اذار/مارس 2011 والتي ادت الى مقتل ما يزيد عن 19 الف شخص، وفقا للمرصد السوري لحقوق الانسان.