يساند الكاتب السوري غازي دحمان بشدة عسكرة الثورة السورية، ويعلق آمالاً على معركة حلب ومسار الثورة ضدّ الأسد. ويهاجم في حوار مع إيلاف المعارضات السورية المختلفة التي يراها منقسمة ولا يُعوّل عليها.
دمشق: ينتمي الكاتب السوري غازي دحمان إلى ثلة المثقفين السوريين الذين لا يعولون كثيراً على أطياف المعارضة السورية، ويرى فيها طوائف وجماعات متنافرة لا يمكن توحيدها، كما يرى أن لب المشكلة يكمن في تأخر إدراك الشعب السوري لعدم نجاعة الوسائل والأساليب السلمية في مواجهة نظام فاشستي قمعي، لم يعد يهمه سوى الانتقام من الشعب السوري.
كيف ترى الثورة السورية حالياً بعد مرور كل هذه الأشهر على انطلاقتها؟
تعيش الثورة السورية اليوم لحظة فارقة ومصيرية وصلنا فيها إلى مرحلة الزخم الكبرى، والتي عندها صار الإنخراط الشعبي بأعلى مستوياته في فعاليات الثورة حتى النزوح والتشرد والهجرة هي تعبيرات عن هذا الإنخراط، الناس تفضل احتضان الجيش الحر وتحمل أثمان هذا الإستحقاق عن البقاء تحت حكم الطاغية، مجرد التفكير ببقاء هذا النظام هو كابوس مؤلم، الثورة بخير رغم كل الجراح النازفة.
ما الذي خسره الحراك الثوري بالتخلي عن سلميته واللجوء إلى العسكرة، وهل تعتقد أن عسكرة الثورة لها ما يبررها؟
لم يخسر الحراك الثوري شيئًا؛ لأن الناس لم تختار هذا الطريق وقد فرضه النظام على الثورة، منذ البداية استعمل النظام كل طاقته التدميرية، أخيراً لم يبقَ أمام الشعب سوى هذا الطريق، من غير المعقول أن تذبح الناس كما الأغنام وتبقى تراهن على عقلانية النظام ووطنية الجيش وسواها من الخيارات الخائبة، اكتشف الناس أنهم تأخروا كثيراً بحمل السلاح.
الكاتب السوري غازي دحمان |
كيف تنظر إلى قدرة النظام السوري على الصمود بعد كل هذه الفترة، وإلى أي مدى أثر تفجير مبنى الأمن القومي على معنوياته وقدراته الأمنية؟
القضية ليست صمودًا من عدمه، المسألة باتت بالنسبة للنظام قتالاً من أجل الإنتقام، أو إن أمكن فرض واقع تفاوضي مناسب، الأمور على الأرض ليست لصالح النظام، هناك تشتت كبير في قواه، مسار الأمور يثبت أن بنية النظام قد تفككت تماماً، وقدرته على التواصل والإتصال أصابها عطب كبير، أما بخصوص خلية الأزمة، فهي خلية ميتة بالأساس بمعنى أنها وصلت إلى مرحلة من الموات العملياتي وباتت الأمور تدار بطريقة عشوائية، يديرها الأسد وشقيقه، ولم تكن هذه الخلية سوى مجال لضبط الأشخاص الذين يديرونها ووضعهم تحت المراقبة والإقامة الجبرية.
ما هي أبرز أوجه معاناة الشعب السوري حالياً؟
المعاناة كبيرة، فثمة أمر لا يعرفه الكثيرون وهو أن الشعب السوري كله بات يعيش اللجوء والتشرد، فمن ليس لاجئاً يقوم بإيواء اللاجئين والتكفل بإعالتهم، الموارد باتت قليلة، البلد كله معطل، جزء كبير من منازل السكان تهدم، الحالة المعنوية ضعيفة جداً، أغلب الناس يشعرون أن هذه الحرب هي من أصعب ما واجهوه حتى أولئك الذين عاصروا الحروب السابقة.
ما رأيك في اشتباكات حلب الأخيرة، وهل سوف تنجح في تحرير المدينة كما يقول الثوار، أم أن مصيرها سوف يكون كمصير عملية تحرير دمشق؟
معركة حلب مهمة، وتكمن أهميتهافي القطاع الذي تدور فيه، وهو القطاع الشمالي، فمن شأن الإنتصار فيها أن يخلق واقعاً إستراتيجياً جديداً يربط حلب بإدلب وحماة إلى حمص، كما يشكل رابطاً مع الشمال الشرقي دير الزور تحديداً، وهذا معناه تشكيل كماشة إستراتيجية مع الجنوب لتطويق قوات الأسد، وميزة القوات الموجودة في حلب والشمال، وأقصد الجيش الحر أنها منظمة وتمتلك خبرة ميدانية تؤهلها للصمود والمبادرة، من الممكن أن يحقق النظام بعض الإنتصارات التكتيكية، لكنها ستكون موقتة وغير حاسمة، أتوقع أن المعركة ستطول لكنها في صالح الثورة وليس النظام.
كيف ترى واقع انقسام المعارضة السورية وتعارضها واختلافها؟ وما المطلوب لتوحيدها على برنامج سياسي مقبول من الجميع؟
المعارضة في وادٍ، والشعب السوري في وادٍ، يدرك السوريون أن المعارضة لن تأتي لهم بشيء، المعارضة منقسمة بين أجنحة وتيارات إسلامية وأقلوية، وتريد أن تصبغ الثورة بصبغتها، فيما نحن في سورية نعبر بركة دم كبيرة، لا يمكن لهذه المعارضة أن تتوحد على أي برنامج سياسي لذا أعتقد أن الميدان سيفرز قادته بنفسه.
كيف ترى التعاطي الإعلامي من قبل الكتاب والمثقفين السوريين وغير السوريين، ممن يتورطون بالحديث في الشأن السوري ويسمون quot;بشبيحة الإعلامquot; الذين يستخدمهم النظام؟
نحن في سوريا نلمس التعاطي الإيجابي للمثقفين العرب، وهو في الواقع يبلسم جراحنا ويرفع معنوياتنا، وهو وضع طبيعي، المثقف الحر ما لم يظهر اليوم فلا داعي لأن يظهر أبداً، أما بخصوص شبيحة النظام، فهم لا يستطيعون أن يكونوا غير ذلك، هم يصدرون عن ثقافة وضيعة ودنيئة، وهم أقرب إلى المقاولين منهم إلى المثقفين، لا صدى صوت لهم في الشارع السوري. ثمة منابر كثيرة كان لها دور مهم وفاعل وكانت مثل شربة الماء على قلب الصائم في سوريا، وإيلاف واحدة منها.
التعليقات