ولاء حجاب لم يعد للأسد انما للثورة

شكلت خطوة انشقاق رئيس الوزراء السوري رياض حجاب عن نظام الرئيس بشار الأسد وانضمامه إلى صفوف الثورة، ضربة للنظام وهزيمة على مستوى العلاقات العامة، إلا أنها لا تشكل ضربة قاضية للأسد، وان كانت تعتبر خطوة مشابهة لبداية النهاية لنظام العقيد الليبي معمر القذافي.


أصبح رئيس الوزراء السوري رياض حجاب يوم الاثنين أكبر مسؤول سياسي ينشق عن نظام الرئيس بشار الأسد حتى الآن ، في ضربة سجلتها المعارضة على المستوى الاعلامي والدعائي في وقت يستمر تفاقم الأزمة السورية بلا هوادة.
وجاء نبأ انشقاق حجاب بعد فترة وجيزة على عملية التفجير التي استهدفت مبنى التلفزيون الرسمي وسط دمشق فيما توالت التقارير الواردة من حلب عن هجوم وشيك لقوات النظام على مواقع المعارضة في المدينة.
وكان المعقل الأول الذي اقامه الجيش السوري الحر في حلب أُصيب في هجوم شنته طائرات النظام. واسفر الهجوم عن مقتل 9 من افراد عائلة واحدة في منزل قريب وانتقال مقاتلي المقاومة الى قاعدة أخرى في المدينة.
وفي دمشق هدد الجيش السوري الحر بقتل 45 زائرا ايرانيا يحتجزهم رهائن قائلا انهم من عناصر الحرس الثوري الايراني يساعدون النظام السوري على سحق الانتفاضة.
وحجاب أكبر سياسي مدني ينشق عن النظام منذ اندلاع الانتفاضة ضد الأسد قبل 17 شهرا. وقال حجاب في بيان تلاه المتحدث باسمه quot;اعلن من اليوم اني جندي من جنود هذه الثورة المباركةquot;. ورحّبت اوساط المعارضة بنبأ انشقاق حجاب لكونه ضربة موجعة أخرى يتلقاها النظام ولكن مراقبين لاحظوا انها لا تعني ان تغيرا سريعا سيطرأ على ميزان القوى داخل سوريا.
وتردد لاحقا ان حجاب سيتوجه الى قطر ، التي لا تخفي دعمها للمعارضة ، بهدف تجنيب الاردن أي احراج قد يسببه وجوده في الأراضي الاردنية.
ويشكل انشقاق حجاب هزيمة للأسد على مستوى العلاقات العامة ولكنها ليست بالضرورة هزيمة سيكون لها تأثير بالغ في قيادة النظام حيث تبقى السلطة الحقيقية بيد الأسد والحلقة الداخلية من قادة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وذوي القربى المحيطين به ، بحسب صحيفة الغارديان.
وكان مقتل اربعة من اركان النظام الشهر الماضي بينهم آصف شوكت صهر الأسد ضربة أشد تدميرا في حين ان حجاب وهو وزير سابق معروف بكونه بعثيا ملتزما ، لم يُعيَّن إلا في حزيران/يونيو بعد الانتخابات البرلمانية التي شهدت مقاطعة واسعة من السوريين.
وقال الخبير في الشؤون العربية في معهد تشاتهام هاوس للأبحاث في لندن رايم علاف ان انشقاق حجاب quot;مهين ويبين ان الأسد لم يعد يعرف الى مَنْ يستطيع الركونquot;. واكد ناشط من معارضة الخارج ان انشقاق حجاب quot;ضربة على مستوى العلاقات العامة ، لا أكثرquot;. ولكن حسن عبد العظيم رئيس هيئة التنسيق الوطنية في دمشق وصف انشقاق رئيس الوزراء بأنه quot;تحول نوعيquot; في الأزمة السورية.
ومن المؤكد ان انشقاق حجاب يضعف قدرة النظام على الايحاء بأن كل شيء تحت السيطرة في معركته ضد المعارضة التي يسميها quot;عصابات ارهابية مسلحةquot; مدعومة مما يقول انها مؤامرة غربية ـ عربية.
كما يشير انشقاق حجاب الى فشل اجهزة المخابرات المبثوثة في كل مكان. وقال ناشط من لجان التنسيق المحلية لصحيفة الغارديان quot;ان الحكومة السورية كانت دائما واجهة لما هي في الحقيقة مؤسسة تديرها المخابراتquot;.
وفي واشنطن قال متحدث باسم البيت الأبيض ان انشقاق حجاب دليل على ان النظام السوري quot;يتداعى من الداخلquot;.
وما له مغزاه ان وسائل الاعلام الرسمية السورية اعلنت اقالة حجاب ما ان بدأت الشائعات تسري عن وصوله الى الاردن دون ان تعطي أي تفاصيل عن اسباب اقالته. واللافت ايضا ان الانباء تحدثت عن خروجه مع 10 من افراد عائلته ، كانوا سيتعرضون الى الاذى انتقاما في حال بقائهم.
المعارضة رحبت بانضمام حجاب إليها
وقالت وسائل الاعلام الرسمية ان عمر غلاونجي نائب حجاب عُين رئيسا للحكومة. وتعهد غلاونجي فور تعيينه بالتصدي quot;للمؤامراتquot; التي تُحاك ضد سوريا.
ولعل حجاب وهو سني من دير الزور ، تأثر بالانتفاضة المشتعلة في منطقته قرب الحدود مع العراق. ومن دير الزور ايضا كان نواف فارس ، سفير سوريا السابق في العراق وأكبر دبلوماسي ينشق عن النظام. ومن المتوقع ان يثير انشقاق حجاب تكهنات عن آخرين سيحذون حذوه ، كما حدث بعد انشقاق العميد مناف طلاس الذي كان قائد لواء في الحرس الجمهوري.
وقال المتحدث باسم حجاب ان انشقاقه جرى بالتنسيق مع الجيش السوري الحر منذ تعيينه قبل شهرين. ويؤكد هذا ما قيل عن نجاح المعارضة في اختراق مفاصل حيوية وكسب شخصيات مهمة داخل النظام قد يساعد انشقاقهم في النهاية على سقوطه.
كما اعلنت المعارضة انشقاق العقيد يعرب الشرع رئيس فرع المعلومات في الأمن السياسي ، احد اجهزة مخابرات النظام. ولكن قناة quot;الدنياquot; التلفزيونية الموالية للنظام قالت ان الشرع ، ابن اخ نائب الرئيس فاروق الشرع ، يعمل في قسم الاحصاء في ادارة المرور.
وقال متحدث باسم الجيش السوري الحر ان ثلاثة من الـ 48 ايرانيا كانوا محتجزين في دمشق منذ يوم السبت ، قُتلوا في قصف قوات النظام وهدد باعدام الآخرين ما لم يتوقف اطلاق النار. وتؤكد ايران انهم جميعا زوار للعتبات المقدسة وطلبت من قطر وتركيا التدخل.
ونقلت صحيفة الغارديان عن ديفيد هارتويل المحلل المختص بشؤون الشرق الأوسط في مؤسسة آي ايتش اس جينز للدراسات الدفاعية والأمنية quot;ان تضييق حلقة النظام بصورة حتى اشد تلاحما حول أسرة الأسد يشبه بداية نهاية نظام القذافي في ليبيا. ورغم ان القوى المحركة في سوريا شديدة الاختلاف فان دمشق ستواجه المشكلة نفسها المتمثلة بتبرير انشقاق مسؤولين كبار في الوقت ذاته الذي تحاول الادعاء بأن حكمها يبقى بلا تغييرquot;. واضاف المحلل هارتويل ان الاقتناع بأن النظام السوري يلفظ انفاسه الأخيرة quot;اقوى الآن منه في أي وقت مضى ومن المرجح ان شخصيات سياسية وعسكرية كبيرة أخرى في البلد تتساءل الى متى ستبقى طرفا في القتال أو تسمح باستمراره.