في ظل تعقد الصراع في سوريا وازدياد العنف،أعلنت الامم المتحدة تعيين الدبلوماسي الجزائري الاخضر الابراهيمي موفداً دولياً في سوريا،والذي بدوره طالب المجتمع الدولي إلى تقديم دعم قوي وواضح وموحد له لتسهيل نجاحه في مهمته.


نيويورك: اعلنت الامم المتحدة الجمعة تعيين وزير الخارجية الجزائري الاسبق الاخضر الابراهيمي (78 عاما) موفدا دوليا في سوريا ليخلف بذلك الامين العام السابق للمنظمة الدولية كوفي انان.

الاخضر الابراهيمي

ودعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في بيان تعيين الابراهيمي، المجتمع الدولي الى تقديم دعم quot;قوي واضح وموحدquot; له لتسهيل نجاحه في مهمته.

وكان انان استقال في الثاني من آب/اغسطس مشيرا الى النقص في دعم القوى العظمى له في مهمته.

والابراهيمي دبلوماسي محنك عمل موفدا للامم المتحدة في افغانستان اثر اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتبمر 2001، ثم في العراق بعد اجتياحه من قبل دول غربية عام 2003.

وقال الامين العام المساعد للامم المتحدة ادواردو دل بوي ان الابراهيمي سيتوجه quot;قريباquot; الى نيويورك، مع العلم ان انان ينهي مهمته رسميا في الحادي والثلاثين من الشهر الحالي.

وقال بان كي مون في بيانه quot;لا بد من وضع حد للعنف ولمعاناة سورياquot;.

وتابع المتحدث باسم بان كي مون quot;ان الامين العام يثمن رغبة الابراهيمي في وضع امكاناته وخبرته تحت التصرف لانجاح هذه المهمة الكبيرة التي سيحتاج لانجازها الى دعم كبير واضح وموحد من قبل المجتمع الدولي ومن بينه مجلس الامنquot;.

وقاطعت الدول الغربية اجتماعا للقوى العظمى حول سوريا كان من المقرر عقده الجمعة في الامم المتحدة بناء على طلب روسيا التي اضطرت الى الغائه.

وقال المتحدث باسم البعثة الروسية في الامم المتحدة لفرانس برس ان الاجتماع quot;تاجل بناء على طلب اعضاء مجموعة العمل الدوليةquot;.

المعارك في سوريا مستمرة

واستنادا الى دبلوماسيين فان الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ابلغت روسيا بعدم حضورها هذا اللقاء الذي لم تؤكد مشاركتها فيه سوى الصين وممثل للامم المتحدة. وقال احدهم لفرانس برس quot;جرت مشاورات في هذا الشان وهذه الدول الغربية اوضحت انها لن تشاركquot;.

ورفض دبلوماسي اخر التحدث عن quot;مقاطعةquot;. وقال quot;في هذه المرحلة لا نرى فائدة من مثل هذا الاجتماع، اذ ان الانقسامات من القوة بحيث لا توجد اي فرصة لان تتوصل مجموعة العمل الدولية الى اتفاق سياسي بشان سورياquot;.

وتوجد منذ اشهر مواجهة قوية بين روسيا، اكبر داعم لنظام دمشق مع الصين، وبين الولايات المتحدة والدول الاوروبية بشان النزاع السوري. واستخدمت موسكو وبكين ثلاث مرات حق الفيتو ضد قرارات لمجلس الامن الذي اعلن الخميس انتهاء مهمة مراقبيه في سوريا.

واثر هذا القرار طلبت موسكو من القوى العظمى ان تطلق مع السعودية وايران نداء الى النظام السوري والى المعارضين لوقف الحرب. واقترح المندوب الروسي في الامم المتحدة فيتالي تشوركين عقد لقاء الجمعة في نيويورك لمجموعة العمل الدولية حول سوريا لمناقشة هذا الاقتراح.

وقد سبق ان ابدت وزارة الخارجية الاميركية شكوكا الخميس في جدوى مثل هذا الاجتماع الذي دعت اليه روسيا. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند ان واشنطن quot;غير متاكدة من فهم الهدف من هذا اللقاءquot;.

واضافت quot;لا ينبغي عقد لقاءات من اجل عقد لقاءات. ما يلزمنا هي اجتماعات تساعد الشعب السوري وتسهم في وضع حد لاراقة الدماءquot;.

كلينتون على استعداد لدعم الابراهيمي

أعلنت وزارة الخارجية الامركية في بيان ان الولايات المتحدة quot;مستعدة لدعمquot; وسيط الامم المتحدة والجامعة العربية الجديد في سوريا الاخضر الابراهيمي للرد على quot;تطلعات مشروعة بتشكيل حكومة تمثل الشعبquot; السوري.

واكد البيان ان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون توجهت من جهتها الى السوريين قائلة quot;لستم وحدكمquot;.

واضافت ان quot;الاسرة الدولية ما زالت متمسكة كليا بالعملية الانتقالية السياسية من قبل السوريين الى نظام تعددي يمثل ارادة الشعبquot;.

ونقل البيان عن كلينتون قولها ايضا ان quot;الذين يرتكبون مجازر سوف يتم التعرف اليهم وتحميلهم المسؤوليةquot;.

وكان البيت الابيض ابدى الجمعة رغبته في الحصول على مزيد من التفاصيل بشان مهمة المبعوث الدولي الجديد لسوريا الدبلوماسي الجزائري الاخضر الابراهيمي.

وقال جون ارنست مساعد المتحدث باسم الرئيس باراك اوباما في لقائه اليومي مع الصحافيين quot;يلزمنا المزيد من الايضاحات من الامم المتحدة بشان مهمة الابراهيمي في منصبه الجديدquot;.

الابراهيمي ليس واثقا تماما من امكانية انهاء النزاع في سوريا

اعلن الاخضر الابراهيمي، الوسيط الجديد للامم المتحدة والجامعة العربية في سوريا، الجمعة انه ليس واثقا تماما حيال فرص انهاء النزاع في سوريا.

وردا على سؤال لمحطة التلفزيون الفرنسية quot;فرانس 24quot; لمعرفة ما اذا كان واثقا من امكانية وضع حد للحرب في سوريا، قال الابراهيمي quot;لا، لست واثقاquot;.

واضاف quot;ما انا واثق منه هو اني ساقوم بكل ما استطيع، سأبذل فعلا جهديquot;.

واضاف في مقابلة مع محطة quot;بي بي سيquot; البريطانية quot;ربما افشل ولكن احيانا يسعفنا الحظ ونتقدمquot;.

واضاف quot;امل ان يتعاون السوريون منذ البداية وان تدعمني الاسرة الدولية ايضاquot; مكررا ما قاله سلفه كوفي انان الذي كان يطالب بجبهة موحدة في مجلس الامن لاقناع الرئيس بشار الاسد بوضع حد للنزاع.

واعلن الابراهيمي انه سيتوجه قريبا الى نيويورك للقاء اعضاء مجلس الامن والامين العام للامم المتحدة بان كي مون.

وقال الابراهيمي ايضا quot;طلبوا مني القيام بهذا العمل ولكن في حال لم يقدموا لي الدعم فان هذا العمل لن يكون موجودا اذن انا متلهف للنقاش معهمquot;.

واضاف quot;هم منقسمون ولكن بامكانهم بالتأكيد ان يجدوا ارضية تفاهمquot;.

دبلوماسي محنك متخصص في النزاعات المعقدة

يرى البعض ان الاخضر الابراهيمي يقدم على مجازفة خطيرة بموافقته على خلافة كوفي انان كمبعوث للامم المتحدة والجامعة العربية في الازمة السورية لكن بالنسبة لهذا الدبلوماسي المحنك لا توجد ازمة quot;بلا املquot;.

واعلن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الجمعة تعيين الابراهيمي خلفا لكوفي انان في هذا المنصب الحساس.

ويوصف الدبلوماسي الجزائري صاحب الباع الطويل في المهمات المعقدة من لبنان وهايتي وجنوب افريقيا وصولا الى افغانستان والعراق، بانه شخص حازم يعرف ماذا يريد.

ويعد اختيار الابراهيمي لخلافة انان في سوريا، مهمة اضافية شديدة التعقيد للدبلوماسي المخضرم البالغ من العمر 78 عاما والذي يعود الى الساحة الدولية كلما ساد الاعتقاد انه تقاعد.

وقال الابراهيمي يوما quot;لم اعتقد طوال حياتي المهنية ان هناك وضعا بلا امل او انه من المستحيل تغيير الواقع القائم رغم كل ما يقال حوليquot;.

الا ان المهمة التي توصف بالمستحيلة التي وافق عليها لتوه تثير شكوكا لدى بعض الدبلوماسيين الغربيين في الامم المتحدة حيث قال احدهم quot;ربما يكون الشخص الوحيد الذي يملك الشجاعة والمصداقية اللازمين في العالم الغربي للنجاح في هذا المسعى. لكن حتى هذا الرجل الدائم التفاؤل يجب ان يعرف انه يواجه وضعا ميؤوسا منهquot;.

وكان انان استقال في 2 اب/اغسطس الحالي من مهمته كمبعوث للامم المتحدة وجامعة الدول العربية الى سوريا، منتقدا عدم تمتع مهمته بدعم دولي كاف.

بدأ الابراهيمي عمله رسميا مع الامم المتحدة عام 1993 مع تعيينه ممثلا خاصا الى جنوب افريقيا (حتى حزيران/يونيو 1994) مسؤولا عن بعثة المراقبين التي اشرفت على اول انتخابات ديموقراطية بعد القضاء على نظام التمييز العنصري والتي افضت الى تولي نلسون مانديلا الحكم.

وبعد جنوب افريقيا اختير الابراهيمي مبعوثا خاصا الى هايتي (1994-1996).

كما تولى مهمات خاصة حملته الى جمهورية الكونغو الديموقراطية (زائير سابقا) واليمن وليبيريا ونيجيريا والسودان.

خبر الابراهيمي افغانستان على مرحلتين، الاولى بين تموز/يوليو 1997 وتشرين الاول/اكتوبر 1999 حين كان مبعوثا خاصا للامين العام للامم المتحدة. اما المرحلة الثانية الاكثر تعقيدا فتلت اجتياح البلاد بعد احداث 11 ايلول/سبتمبر 2001 وسقوط نظام حركة طالبان الاسلامية.

وتمتع الابراهيمي بين تشرين الاول/اكتوبر 2001 وكانون الاول/ديسمبر 2004 بسلطة تامة على الجهود السياسية والانسانية واعادة الاعمار التي قامت بها الامم المتحدة في هذا البلد.

وخلال الاجتماعات التي عقدها مجلس الامن حول افغانستان، شرح الابراهيمي وبشكل حازم، محدودية تحرك الامم المتحدة.

وبين مهمتيه الافغانيتين، اوكلت الى الابراهيمي مراجعة عمليات حفظ السلام في العالم انطلاقا من كونه مساعد الامين العام للمهمات الخاصة.

وترأس الدبلوماسي الجزائري لجنة مستقلة اعدت عام 2000 quot;تقرير الابراهيميquot; الذي فند نقاط ضعف نظام حفظ السلام في العالم ورفع توصيات لتطويره على المستويات السياسية والعملية والتنظيمية.

وبعد تعيينه مطلع 2004 مستشارا خاصا للامين العام للامم المتحدة مكلفا خصوصا تفادي النزاعات والعمل على حلها، اختير مبعوثا خاصا لأنان الى العراق في الفترة الانتقالية التي تلت اجتياح عام 2003.

ونسب اليه خلال مهمته العراقية انتقاده التعامل الاميركي مع مرحلة ما بعد الرئيس السابق صدام حسين، ولا سيما ما عرف بقانون quot;اجتثاث البعثquot;.

اما المهمة الاحدث التي اوكلتها اليه الامم المتحدة فكانت رئاسة فريق للخبراء عام 2008، كلف اصدار توصيات لتحسين امن موظفي المنظمة الدولية في العالم.

وتعود اتصالات الابراهيمي مع الامم المتحدة الى فترة ما بين العامين 1956 و1961 عندما كان مقيما في جاكرتا كممثل لجبهة التحرير الوطني الجزائرية في جنوب شرق آسيا.

وشغل الابراهيمي منصب وزير الخارجية في بلاده بين العامين 1991 و1993.

وبين العامين 1984 و1991، كان الامين العام المساعد للجامعة العربية، وهو الدور الذي حمله بين 1989 و1991 الى لبنان كمبعوث خاص للجنة الثلاثية التي سعت الى وضع حد للحرب الاهلية.

كما كان سفير بلاده لدى القاهرة والخرطوم بين عامي 1963 و1970 ولدى بريطانيا بين عامي 1971 و1979، وسفيرا دائما في جامعة الدول العربية بين العامين 1963 و1970.

وعمل الابراهيمي مستشارا دبلوماسيا للرئيس الجزائري الاسبق الشاذلي بن جديد بين عامي 1982 و1984.

ويتقن الابراهيمي العربية والفرنسية والانكليزية ويعيش في باريس عندما لا يكون في جولة لحساب الامم المتحدة.

وهو متزوج واب لثلاثة اولاد، بينهم ريم الصحافية السابقة في السي.ان.ان التي تزوجت الامير علي بن الحسين الأخ غير الشقيق للعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني في ايلول/سبتمبر من عام 2004، ومنحت لاحقا لقب الاميرة.