ترفض القيادات السياسية التاريخية في المغرب تسليم دفة قيادة أحزابها الى فئة الشباب، رغم أنّ الدستور الجديد في المملكة اعطى للشباب حقوقًا واهتمامًا كبيرين. وتخلو لائحة المرشحين في غالبية الأحزاب التي تستعد لعقد مؤتمراتها بهدف اختيار أمين عام جديد، من أي وجه شاب.


الرباط: لم يضرب بعد ما يمكن وصفه بـquot;ربيع الشبابquot; الأحزاب السياسية المغربية، التي ما زالت تخضع القيادة فيها لسيطرة الشيوخ.

ورغم أن الدستور الجديد منح فئة الشباب العديد من الحقوق، منها quot;توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والسياسية للبلادquot;، إلا أننا نجد على أرض الواقع أن quot;الشيوخquot; يرفضون منح فرصة لهذه الشريحة الاجتماعية لتسلم دفة القيادة.

وهذا ما يلاحظ حاليًا في غالبية الأحزاب التي تستعد لعقد مؤتمراتها بهدف اختيار أمين عام جديد، إذ أن لائحة المرشحين تخلو نهائيًا من أي وجه شاب.

وفي هذا الإطار، قال كريم تاج، عضو الديوان السياسي للتقدم والاشتراكية (الائتلاف الحاكم)، quot;كان من الطبيعي أن تحدث الأحزاب، بعد تعديل الدستوي، تغييرات وثورات داخلها تمكنها من تجاوز ومواكبة مستلزمات الإطار الدستوري الجديد، فيما يخص تمكين الشباب من الوصول إلى مراكز القرارquot;، وزاد موضحًا: quot;بدأنا نلاحظ تدريجيًا الاتجاه نحو اعتماد ما يسمى بمقاربة (الكوطا)، وهي عبارة عن حصة تكون مخصصة للشباب في الأجهزة التقريرية للأحزاب السياسية، بمناسبة مؤتمراتها الوطنيةquot;.

عباس الفاسي زعيم حزب الاستقلال المغربي بين منافسين على كرسيّه... ولا حضور للشباب

كما لاحظنا أيضًا، يضيف كريم تاج في تصريح لـquot;إيلافquot;، quot;حرص بعض الأحزاب السياسية، على الأقل التاريخية والديمقراطية والوطنية الحقيقية منها، على الدفع بالشباب إلى تحمل المسؤولية داخل المؤسساتquot;، مبرزًا أنه quot;يمكن اعتبار أن هناك دينامية إيجابية، لكنها غير كافيةquot;.

وتحدث القيادي السياسي على ضرورة فتح نقاش بخصوص هذا الموضوع، مشيرًا إلى أنه quot;لا يجب أن يكون هذا التشبيب مجرد ستار، إذ لا يمكن أن تسند المسؤولية لأي شخص لأنه شابquot;.

وأكد كريم تاج أن quot;منح المسؤولية للشباب يجب أن يقترن بالكفاءة والمشروعيةquot;، مشددًا على quot;اعتماد نوع من التمييز الإيجابي تجاه الشباب، ولكن أيضًا دون إغفال شرط الكفاءةquot;.

من جهته، قال منار السليمي، أستاذ القانون الدستوري في جامعة محمد الخامس أكدال السويسي في مدينة الرباط، إن quot;قراءة راهن الحالة السياسية في المغرب، بعد وضع البنية الحزبية وسطها، ستقودنا إلى الخروج بملاحظتين، الأولى تتمثل في كون أن سقف إكراهات الدولة أكبر من طريقة اشتغال الأحزاب السياسية في المرحلة الحاليةquot;.

أما الملاحظة الثانية، يشرح منار السليمي في تصريح لـquot;إيلافquot;، فتتجلى quot;في هروب المجتمع عن المكونات السياسية، الشيء الذي يجعلنا نرى أن صورة الأحزاب تظهر وكأنها أصبحت تشكل مشكلاً كبيرًا داخل المؤسسات الدستورية للدولةquot;.

وأضاف المحلل السياسي quot;أصبحت لدينا أحزاب غير قادرة على قراءة المرحلة، وهو ما جعلها تصبح منغلقة على ذاتها، ولا تفرز سوى الصراعات الداخلية إلى درجة أنك عندما تشاهد تلك الصراعات الداخلية المتعلقة بالزعامات، تجد وكأننا لم نعد في إطار أحزاب سياسية، ولكن في إطار ما يسمى بمقاولات تقليديةquot;.

وأكد منار السليمي أن quot;أثر القوانين كان ضعيفًا على مستوى تغيير البنية الحزبيةquot;، موضحاً أن quot;نسبة كبيرة من الأحزاب ما زالت تتوفر على قيادات قديمة وشائخة.

وذكر أستاذ القانون الدستوري أن مختلف الأحزاب ما زالت تشتغل ببدعة تنظيمية يطلق عليها اسم (الشبيبات الحزبية)، مبرزًا أن quot;نسبة الشباب في القيادات ما زالت ضعيفة، إذ ليست هناك أحزاب يقودها شباب، لكون أن غالبية المكونات السياسية ما زالت تشتغل بقاعدة (الانتظار في الصف)quot;.

وأكد أن quot;القيادات القديمة تعتبر قيادة شاب لحزب مغامرةquot;، مشيرًا إلى أن quot;النموذج الحزبي القديم لا يريد أن يموت، كما أن النموذج الحزبي الجديد لا يريد أن يولد، وهو ما جعل فعل الأحزاب في النظام السياسي المغربي محدوداً وضعيفاً بالمقارنة مع الماضي. وهذا يؤثر على الحقل السياسي والسياسة، إذ أن التوتر الموجود حاليًا في المغرب هو مع مضمون السياسةquot;.

وذكر منار السليمي أن بعض الأحزاب أصبحت لديها مسألة الوراثة، كما أنها لا تنتج فكرًا سياسيًاquot;.

ويعيش حزب الاستقلال (أحد أعرق المكونات السياسية في المغرب والمشارك في الائتلاف الحاكم) صراعًا داخليًا شرسًا بين عدد من quot;القياديين المخضرمين، وذلك بهدف الظفر بكرسي الزعامة، خلفًا لعباس الفاسي.