شعبية أوباما تتراجع في أوروبا

مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي الأميركي، وترشح الرئيس الحالي باراك أوباما الى ولاية ثانية، سلطت تقارير صحافية وآراء خبراء الضوء على تراجع ثقة الأوروبيين بالرئيس الحالي، لإخفاقه وعجزه عن حل ملفات ضخمة كالنووي الايراني والنزاع الفلسطيني الاسرائيلي.


بروكسل: بعد أربع سنوات على موجة الحماسة العارمة التي أثارها باراك اوباما في أوروبا، لم يعد أول رئيس أسود للولايات المتحدة يحرك أحلام الاوروبيين الرازحين تحت وطأة أزمة مالية شديدة تصرف اهتمامهم عن المبارزة الجارية بينه وبين خصمه الجمهوري ميت رومني.

ويبدو ذلك الولع بأوباما الذي غمر quot;القارة العجوزquot; عام 2008 بعيدا اليوم في الوقت الذي يتقدم فيه الرئيس الاميركي لولاية ثانية في انتخابات السادس من تشرين الثاني (نوفمبر). وقال فريدريك اريكسون الخبير في المركز الاوروبي للاقتصاد السياسي الدولي في بروكسل quot;يخيم على أوروبا إحساس بالخيبة الى حدّ ما حيال الرئيس أوباماquot; لكنه اضاف quot;اعتقد ان هذا الاحساس ناجم عن الآمال الهائلة التي ولّدها قبل اربع سنوات اكثر منه عن حصيلة أوباما الفعليةquot;.

وقال امين آيت شلال استاذ العلاقات الدولية في جامعة لوفان في بلجيكا quot;كانت التطلعات أعلى مما ينبغي على الأرجحquot;، موضحا ان quot;أحدها كان ان الرئيس اوباما قادر على إحداث قطيعة جذرية مع سياسات ادارة (الرئيس السابق جورج) بوش، لكن هذه القطيعة لم تكن ممكنة حرصا على استمرارية الدولة والمصالح الوطنية الاميركيةquot;.

واختزلت مجلة شبيغل الالمانية الواسعة النفوذ في حزيران (يونيو) هذا الاحساس بالخيبة حين عنونت ملفا حول quot;رئاسة باراك اوباما المخفقةquot; بكلمة quot;للأسفquot;. اما مجلة ذي ايكونوميست البريطانية فكانت اقل صرامة في حكمها على اوباما اذ اعتبرت quot;ادارته للازمة والانكماشquot; quot;مثيرة للاعجابquot;.

ويرى الخبراء ان الاوروبيين يؤيدون بغالبيتهم الخطوط العريضة للسياسة المطبقة منذ العام 2008 وإصلاح الضمان الصحي وسحب القوات الاميركية من العراق. غير ان هذه الحصيلة تلقى انتقادات بفعل الإبقاء على قاعدة غوانتانامو والعجز عن تسوية الملفات الدولية الكبرى مثل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني والخلاف حول الملف النووي الايراني، فضلا عن قلة اهتمام اوباما الى حد ما بأوروبا وقد جعل من منطقة آسيا والمحيط الهادئ اولوية في الدبلوماسية الاميركية.

وفي أوروبا الشرقية وعلى الاخص بولندا، يواجه الرئيس الاميركي انتقادات احيانا بسبب quot;مرونتهquot; الكبيرة حيال روسيا في عهد فلاديمير بوتين. غير ان الازمة الاقتصادية تبقى العامل الاول خلف تبدد تلك المثالية التي اعتنقها اوباما عام 2008 وقد أرغمته على التخلي عن جزء من وعوده واعتماد مواقف اكثر واقعية.

والرئيس الاميركي ليس الوحيد المتضرر من هذه الظروف المستجدة، فالأزمة أطاحت بقادة جميع الدول الاوروبية الكبرى الذين كانوا في السلطة عند دخوله الى البيت الابيض، من البريطاني غوردن براون الى الفرنسي نيكولا ساركوزي مرورا بالاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو والايطالي سيلفيو برلوسكوني، ولم تنج منها سوى المستشارة الالمانية انغيلا ميركل.

الا ان اوباما ما زال يحظى بالاحترام والتقدير بين الاوروبيين مع تحقيقه نسبة من الثقة لديهم قدرها 80% بتراجع ست نقاط فقط عن العام 2009، بحسب استطلاع للرأي نشر معهد بيو نتائجه في حزيران (يونيو). ونسبة الشعبية هذه اكثر ارتفاعا بكثير في أوروبا منها في الدول الاسلامية وروسيا والصين.

وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس مؤخرا إن quot;الناس في فرنسا يصوتون لاوباماquot; فيما قال دبلوماسي اميركي في باريس ان اكثر من 90% من الفرنسيين يتمنون اعادة انتخابه. كما اكدت اولريكي غيرو من المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية ان quot;اوباما يبقى المرشح المفضل لمعظم الالمانquot;، مبررة ذلك جزئيا برفضهم خصومه لان quot;التطور الاخير للحزب الجمهوري يثير تحفظات شديدةquot; وعلى الاخص في المسائل الاجتماعية مثل الاجهاض.

لكن آيت شلال دعا الى لزوم quot;الحذرquot; لانه quot;ما زال يترتب على الاوروبيين اكتشاف ميت رومنيquot;. وفي مطلق الاحوال، فان الاوروبيين أدركوا بنظر فريدريك اريكسون ان خلاصهم لا يتوقف على نتائج انتخابات الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) وباتوا على يقين بأن quot;التراجع الاقتصادي النسبي سيستمر في اميركا كما في أوروبا وانها ستكون بالتالي قوة اقل نفوذا على الساحة الدوليةquot;.