دفع عدم تمكن الفرقاء السياسيين في العراق من التوصل إلى حلول للأزمة السياسية الراهنة التي فجرت احتجاجات في محافظات عدة إلى التلويح باستجواب المالكي وسحب الثقة من النجيفي حيث بدأ النواب فعلا بجمع توقيعات طلبات بالاجراءين... فيما خرجت تظاهرات مؤيدة لرئيس الوزراء في بغداد بينما واجه الجيش اخرى مناهضة له في الموصل بالرصاص.. وسط تراشق بين حزبي المالكي والصدر.


أعادت تظاهرات الاحتجاجات التي تشهدها محافظات عراقية عدة منذ حوالى الاسبوعين وتصاعد الخطاب الطائفي بين الفرقاء السياسيين تهديدات متقابلة من خلال التلويح باستجواب المعارضين لرئيس الوزراء نوري المالكي تمهيدا لسحب الثقة منه وبدء نواب بعض قوى الائتلاف الشيعي بجمع توقيعات لسحب الثقة من رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي الامر الذي ينذر بتعقيدات أكثر خطورة للأزمة السياسية الغارقة البلاد في اتون صراعاتها حاليا.

فقد اعلن القيادي في الكتلة الوطنية البيضاء النائب عزيز شريف المياحي عن جمع تواقيع 110 نواب من كتل مختلفة لسحب الثقة من النجيفي (من مجموع 325 نائبا) بسبب ماقال إنه انحياز يمارسه لصالح كتلة العراقية على حساب الاخرى.

وأضاف أنّ إصرار النجيفي امس على عقد جلسة برلمانية طارئة رغم مقاطعة كتل عدة لها قد اخرجه بشكل نهائي من أحقيته برئاسة السلطة التشريعية لأن الدستور والقانون واضحان في ما يتعلق بتنظيم عمل البرلمان وجلساته حيث شكل عدم رفع النجيفي للجلسة الاستثنائية امس إضافة جديدة لمواقفه المنحازة لكتلته العراقية على حساب الكتل الاخرى بحسب قوله في بيان صحافي مكتوب وزع على الصحافة.

وقال إن quot;النجيفي بشعاراته المؤججة للعنف الطائفي وسكوته عن التجاوزات التي تعرض لها مكون معين (في اشارة إلى الشيعة) سواء من قبل بعض السياسيين او المتظاهرين وذلك من خلال الاوصاف غير المقبولة او الشعارات الطائفية إضافة لخرقه الدستور في الجلسة الاستثنائية جعله غير مؤهل لرئاسة اعلى سلطة تشريعية في البلدquot; على حد قوله.

وأشار النائب المياحي إلى أنّ quot;الكتل السياسية الوطنيةquot; عازمة على سحب الثقة من النجيفي وايجاد quot;شخصية اكثر كفاءة ومقبولية وحيادية لقيادة اعلى سلطة تشريعية وبما ينسجم مع مصلحة العراق وشعبه بعيدا عن الانتقائية في القرارات والمواقف والانحياز لجهة على حساب اخرىquot;.

وكان النجيفي قرر تحويل جلسة البرلمان الاستثنائية التي خصصت امس لبحث الأزمة الناتجة من التظاهرات في محافظات عدة إلى تشاورية بسبب عدم اكتمال النصاب الضروري لعقدها اثر مقاطعتها من قبل قوى التحالف الشيعي باستثناء التيار الصدري.

وجاء انعقاد الجلسة تلبية لدعوة من النجيفي لبحث مطالب آلاف المتظاهرين في عدد من المحافظات المطالبين باقرار قانون العفو العام والغاء قانون الارهاب الامر الذي ترفضه حكومة المالكي ومعها معظم الكتل الشيعية المنضوية في الائتلاف الشيعي الحاكم.

وفي مقابل دعوات سحب الثقة من النجيفي فإن النائب عن العراقية حميد الزوبعي أكد ان العراقية ستقدم طلبا رسميا إلى رئاسة مجلس النواب لاستجواب رئيس الوزراء نوري المالكي تمهيدا لسحب الثقة من الحكومة.

وقال الزوبعي ان العراقية والكتل السياسية الاخرى فشلت سابقا في اقناع رئيس الجمهورية جلال طالباني بارسال خطاب إلى البرلمان لسحب الثقة من الحكومة وبالتالي فان الخيار الدستوري الاخر بسحب الثقة من المالكي وحكومته سيكون عن طريق الاستجواب. واشار إلى أنّ الأزمة الراهنة قد وحدت الكتلة العراقية اكثر من السابق وستواصل مشروعها الوطني من اجل تنفيذ مطالب المتظاهرين وجماهيرها وباقي ابناء الشعب. وأضاف أنّ الضغط السياسي والجماهيري على المالكي اثر فيه بشكل واضح وان خطابه امس لمناسبة عيد الجيش كان اكثر مرونة من خطاباته السابقة التي وجهها للمتظاهرين.

ومن جانبه كشف القيادي في ائتلاف دولة القانون علي الاديب عن مقترح اتفقت عليه الحكومة والمعارضة يقضي بحل البرلمان مؤكدا أن الاتفاق سيتم بين رئيسي الوزراء والجمهورية حال عودة طالباني من رحلته العلاجية فيما اشار إلى عدم وجود طريق دستوري غير الحل.

وقال الاديب إن quot;هناك مقترحا اتفقت عليه الحكومة ومعارضوها يقضي بحل البرلمان الحالي لافتا إلى أنه quot;إذا تأزم الوضع اكثر مما هو متأزم الان فلا طريق دستوري غيره للخروج من المشاكل العالقةquot;.

واوضح quot;هناك اتفاق سيحصل بين رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية بعد عودته من رحلته العلاجية على حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة وتشكيل برلمان جديدquot; مبينا أن quot;الحكومة ستبقى لتصريف الاعمال لغاية تشكيل حكومة جديدة من خلال البرلمان الجديدquot; كما نقلته عنه وكالة أنباء quot;المسلةquot; المقربة من الحكومة. واشار إلى أن quot;نتائج الانتخابات هي التي ستحدد التحالفات التي من الممكن أن تعقد في البرلمان الجديد، وعلى ضوئها يتم تشكل إما حكومة اغلبية او حكومة شراكة ولكن ضمن قواعد معينةquot;.

وكان المالكي قد دعا في وقت سابق إلى إجراء انتخابات مبكرة لحل الأزمة القائمة ثم طرح الدعوة نفسها زعيم ائتلاف العراقية إياد علاوي. وتنص الفقرة اولا من المادة 64 في الدستور العراقي على ان يُحل مجلس النواب بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه بناءً على طلبٍ من ثلث اعضائه او طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية ولا يجوز حل المجلس اثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء.
وتنص الفقرة ثانيا من المادة نفسها على ان يدعو رئيس الجمهورية عند حل مجلس النواب إلى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ اقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً ويواصل تصريف الامور اليومية.

تظاهرات مؤيدة للمالكي وأخرى مناهضة

فيما خرجت تظاهرات مؤيدة لرئيس الوزراء نوري المالكي في بغداد فقد واجه الجيش اخرى مناهضة له في مدينة الموصل الشمالية بالرصاص. فقد خرجت تظاهرة في منطقة البياع في ضواحي بغداد الجنوبية الغربية عبّر المشاركون فيها عن تأييدهم لرئيس الوزراء نوري المالكي ورفضهم للطائفية وتقسيم العراق. ورفع المتظاهرون الذين توافدوا من أحياء البياع والعامل والسويب وأبودشير شعارات مؤيدة للمالكي وحكومته كما ردّدوا هتافات تندّد بالطائفية وتشدد على وحدة العراق أرضاً وشعباً وحملوا لافتات كتب عليها quot;للطائفية لا للتقسيم لا للتفرقةquot;.

وفي مدينة الموصل الشمالية فقد أطلق الجيش العراقي النار في الهواء لتفريق متظاهرين حاولوا اليوم الدخول إلى ساحة rlm;الأحرار وسط المدينة والتي تغلقها القوات العسكرية منذ ثلاثة أيام. وحاول المتظاهرون اقتحام rlm;الساحة بعد ان أغلقتها القوات الأمنية ومنعتهم من التظاهر فيها ما دفع بقوات الجيش التي rlm;تحرس الساحة إلى اطلاق رشقات نارية في الهواء لتفريقهم.rlm;

وحمل محافظ نينوى أثيل النجيفي قيادة عمليات نينوى مسؤولية صدم أربعة متظاهرين في ساحة rlm;الأحرار بسيارات عسكرية. وقال النجيفي إن quot;قيادة عمليات نينوى تتحمل المسؤولية كاملة جراء rlm;صدم قواتها أربعة من المتظاهرين في ساحة الأحرار، وسط الموصل كما تتحمل مسؤولية إصابة أي rlm;متظاهر آخرquot;.

وأصيب أربعة من المشاركين في تظاهرة الساحة جرّاء صدمهم بسيارات الجيش rlm;العراقي أثناء اتخاذه إجراءات لتفرقة المتظاهرين. وردا على ذلك قال قائد الشرطة الاتحادية في الموصل في تصريح صحافي انه تم اطلاق النار على المتظاهرين بعد محاولتهم الاستيلاء على عجلات عسكرية والهتاف للجيش الحر.

لكن مجلس محافظة نينوى اعلن أنه قرر إقامة دعوى ضد القائد العام للقوات المسلحة وقيادة عمليات المحافظة ومديرية شرطة المحافظة بسبب قمع المتظاهرين. وقال بيان للمجلس انه quot;قرر رفع دعوى ضد القائد العام للقوات المسلحة وقيادة عمليات نينوى وقيادة شرطة المحافظة بسبب قمع المتظاهرينquot; واصابة اربعة منهم.

الصدر والمالكي يتراشقان الاتهامات

أعلن التيار الصدري بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر عن رفض حزب الدعوة الاسلامية بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي تلبية دعوة الصدر لبحث مطالب المتظاهرين متذرعا بحضور كتلة الاحرار الصدرية جلسة البرلمان الاستثنائية امس لبحث الأزمة الحالية.

وقال المكتب الخاص للصدر في بيان اليوم إن حزب الدعوة الاسلامية رفض أن يتسلم من التيار الصدري مطالب المتظاهرين في الانبار احتجاجا على حضور أعضاء كتلة الأحرار الصدرية جلسة مجلس النواب الطارئة. واوضح ان quot;حضور كتلة الاحرار إلى الجلسة الاستثنائية كان لمكانة مجلس النواب في حل القضايا والمطالب المشروعة وهو ما يتوافق مع تصريحات رئيس الوزراء بقوله ان تلبية المطالب من صلاحيات مجلس النواب لا رئاسة الوزراءquot;. وقال إن quot;مطالب المتظاهرين نقلت إلى السيد الصدر من قبل الوفد الذي ارسله اليهمquot;.

وأكد المكتب أنه quot;تم الاتصال بجهات من حزب الدعوة الاسلامية وتم الاتفاق على حضورهم إلى النجف الاشرف لعرض مطالب المتظاهرين عليهم ونقلها إلى رئاسة الوزراء لكنهم اعتذروا في وقت لاحق مبررين ذلك بحضور كتلة الاحرار إلى جلسة مجلس النواب الاستثنائيةquot; رغم مقاطعة قوى التحالف الشيعي لها.

وحول دعوة الصدر إلى وزير العدل حسن الشمري لمناقشة مطالب المتظاهرين في ما يخص المعتقلين والمعتقلات اوضح المكتب ان تلك الدعوة تاتي quot;ضمن مساعي الصدر في الدفاع عن حقوق الانسان وحسم قضايا المعتقلين الابرياء من ابناء العراق عموما quot;.

وكان الصدر الذي زار بغداد الجمعة الماضي قادما من محافظة النجف اعلن عقب زيارته كنيسة سيدة النجاة ومسجد عبد القادر الكيلاني في العاصمة عن ارساله وفودًا من تياره للقاء المتظاهرين والاطلاع على مطاليبهم وهو تم فعلا حيث توجه عدد من وفود التيار الصدري إلى المحافظات التي تشهد تظاهرات منذ 16 يوما استمعوا خلالها إلى مطاليبهم ونقلوها إلى الصدر.

وما زالت التظاهرات والاعتصامات متواصلة منذ أكثر من اسبوعين في محافظات الانبار وصلاح الدين ونينوى للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين والغاء مادة 4 ارهاب وهيئة المساءلة لاجتثاث البعث والتوازن في الوظائف الحكومية وإنهاء التهميش الذي تتعرض له مكونات عراقية.