آخر تحديث:الخميس 10 يناير/كانون الثاني 15:00 ت.غ

فور الإعلان عن نبأ مقتل ثلاث ناشطات كرديات في باريس تجمع مئات الأكراد المقيمين أمام مبنى مركز الإعلام الكردي رافعين أعلامًا لأوجلان، وهاتفين quot;الاتراك قتلة! وهولاند شريكهم!quot;. في وقت أدانت تركيا الجريمة واصفة إياها بالإعدام التعسفي.


انقرة، باريس: أدان الناطق باسم الحكومة التركية الخميس مقتل ثلاث ناشطات كرديات في باريس ليلة الاربعاء الخميس، واصفا ذلك بانه quot;إعدام تعسفيquot;. وصرح بولنت ارينج للصحافيين quot;ادين هذا العنف الذي وقع على شكل اعدام تعسفي .. انه عمل مؤسف، وأقدم التعازيquot;.

وعبّر المتحدث التركي عن أسفه لأن هذه الاغتيالات تأتي فيما أطلقت الحكومة الإسلامية المحافظة في تركيا مبادرة سلام مع حزب العمال الكردستاني (محظور) الحركة المسلحة التي تقاتل الجيش التركي منذ 1984.

وقال ارينج ان quot;قتل ثلاث نساء بهذه الطريقة برصاصة في الرأس، ليس بالتأكيد مسألة يمكن أن نوافق عليهاquot; معبّرًا عن quot;صدمتهquot; إزاء مقتل الناشطات الثلاث. من جهته، تحدث رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان عن فرضية quot;تسوية حساباتquot; داخل صفوف حزب العمال الكردستاني.

وقال إردوغان كما نقلت عنه وكالة أنباء الاناضول من السنغال، آخر محطة في جولته الافريقية، quot;يجب الانتظار حتى تتضح ملابسات القضية وعدم القيام بتكهنات. قد يكون الامر تصفية حساباتquot;. وأضاف رئيس الوزراء التركي أن ذلك قد يكون أيضا quot;عمل تخريبquot; من قبل أطراف، لا ترغب في حل النزاع الكردي في تركيا.

وكانت أجهزة الاستخبارات التركية أطلقت بتفويض من إردوغان محادثات مع عبد الله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني الذي يمضي عقوبة سجن مدى الحياة على جزيرة امرالي (شمال غرب) منذ نهاية كانون الاول/ديسمبر، بهدف نزع سلاح المتمردين الاكراد.

وكان عثر على جثث ثلاث ناشطات كرديات ليل الاربعاء الخميس قتلت كل واحدة منهن برصاصة في الرأس في مقر معهد للأكراد في وسط باريس بحسب مصادر متطابقة.

وصرّح وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس في موقع الجريمة quot;قتلت ثلاث نساء في ما يبدو بأنها عملية إعدام. إنه حادث خطر لذا حضرت شخصيا. إنه أمر غير مقبول بتاتاquot;، مؤكدا quot;تصميم السلطات الفرنسية على إلقاء الضوء على هذا العمل الذي لا يحتملquot;.

وأبلغ فرع مكافحة الإرهاب في نيابة باريس بالامر، وعهد بالتحقيق الى فرع مكافحة الإرهاب في الشرطة القضائية. وفي وقت سابق، أعلن مصدر في الشرطة ان quot;موقع الجريمة يوحي بأنها عملية إعدام، لكن التحقيق سيوضح ظروف هذه المأساةquot;.

وقال الوزير quot;الكثير من الناس يعرفون رئيسة مركز الاعلام الكردي فيدان دوغانquot; احدى الضحايا الثلاث. وكانت دوغان (32 عاما) ايضا ممثلة المؤتمر الوطني لكردستان في فرنسا، بحسب بيان لاتحاد الجمعيات الكردية في فرنسا.

وبحسب الاتحاد، فإن الضحيتين الاخريين هما ساكين كانسيز احدى quot;مؤسسات حزب العمال الكردستانيquot; المحظور في تركيا وناشطة تدعى ليلى سويلميز. ودوغان وسويلميز مولودتان في تركيا بحسب مصدر قريب من التحقيق.

وبحسب الخبيرة دوروتي شميت من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، فإن الضحية الثالثة ساكين كانسيز كانت quot;مقربة جدا من اوجلانquot;.

فور الإعلان عن هذا النبأ، تجمع مئات الاكراد امام المبنى رافعين أعلاما تحمل صورة زعيم المتمردين الاكراد المسجون عبدالله اوجلان، وهاتفين quot;كلنا حزب العمال الكردستاني!quot; وquot;الاتراك قتلة! وهولاند شريكهم!quot;.

وقال ليون ايدارت المسؤول عن المركز وفي اتحاد الجمعيات الكردية لوكالة فرانس برس ان النساء الثلاث كن وحدهن ظهر الاربعاء في المركز الواقع في شارع لافاييت في الدائرة العاشرة في باريس. وفي المساء، حاول احد اعضاء الجالية الكردية الاتصال بهن من دون جدوى. وقد حاول زيارة المكان لكن لم تكن لديه مفاتيح، ولم يتمكن من دخول المقر.

وبحسب اتحاد أكراد فرنسا، توجّه أصدقاء لهن الى المقر بعدما ساورهم القلق، ورأوا عند الباب آثار دماء فخلعوه للدخول. وعثروا على الجثث الثلاث عند قرابة الساعة 1,00 صباحا (منتصف الليل ت غ) بحسب المصدر. وقتلت امرأتان برصاصة في العنق والثالثة تحمل آثار رصاص في المعدة والجبين بحسب الاتحاد. ولا يحمل المبنى أية شارة تدل على وجود مركز الإعلام الكردي فيه.

ودعا اتحاد الجمعيات الكردية في فرنسا أكراد اوروبا الى quot;التجمع في باريس للتنديد بهذه الجريمةquot;. من جهته، اعلن نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا حسين تشليك انه يبدو ان جرائم القتل هذه quot;تصفية حساباتquot; داخل الحزب.

وقال quot;نعلم ان هناك انشقاقات داخل حزب العمال الكردستانيquot;، مشيرًا الى فرضية ارتباط هذه القضية بالحوار الاخير الذي أطلقته اجهزة الاستخبارات التركية بطلب من رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان مع زعيم حزب العمال اوجلان لنزع اسلحة المتمردين الاكراد.

واسفر النزاع الكردي عن مقتل أكثر من 45 الف شخص منذ ان حمل المتمردون الاكراد السلاح في 1984. وكان القضاء الفرنسي نظر مرارا في الماضي في قضايا متعلقة بالجالية الكردية، خصوصا ملفات تمويل حزب العمال عبر ابتزاز أموال او فرض quot;ضريبة ثوريةquot;.

وفي فرنسا، تقدر الجالية الكردية بـ150 الف شخص، حوالى 90% منهم من الاكراد الاتراك، بحسب دراسة اعدتها في 2006 روسن فيردي الخبيرة في المعهد الكردي في باريس.

ساكين كانسيز من مؤسسي حزب العمال الكردستاني ومقربة من اوجلان
ساكين كانسيز التي عثر على جثتها مع جثتي ناشطتين كرديتين اخريين ليل الاربعاء الخميس في باريس، هي عضو مؤسس في حزب العمال الكردستاني الذي يخوض صراعا مسلحا مع السلطات التركية، وتعتبر مقربة من زعيم الحزب السجين عبد الله اوجلان.

وكانت كانسيز (55 عاما) المصبوغ شعرها بالحناء، ضمن مجموعة صغيرة من الناشطين الاكراد الاتراك الذين اسسوا الحزب الديمقراطي الكردستاني في 1978 في ليس في جنوب شرق تركيا الذي تقطنه غالبية كردية.

وبعد ست سنوات من تاسيس الحزب رفعت المجموعة السلاح ضد السلطات التركية. وخلف النزاع المسلح منذ 1984 اكثر من 45 الف قتيل معظمهم من معسكر الثوار الاكراد. ولدت ساكين كانسيز في 1957 في تونجيلي (درسيم بلغة الاكراد) وكانت منذ شبابها ناشطة جدا في شبكات اليسار المتطرف المؤيد للقضية الكردية في تركيا.

بعد تاسيس حزب العمال الكردستاني تم توقيفها وسجنها في ديار بكر، كبرى مدن جنوب شرق تركيا، حيث كان التعذيب منهجيا للمساجين السياسيين. وتقول مصادر كردية ان الشابة كانسيز تعرضت للتعذيب.

لم تسترد حريتها الا في 1991 بعد قضايا عدة رفعت بحقها. وبعد خروجها من السجن جعلت quot;سارةquot; اسمها الحركي والتحقت برفاقها الاكراد. وعادت كانسيز الى النشاط السري والكفاح في صفوف حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق تركيا.

كما تلقت تدريبا على القتال في معسكر تدريب تابع لحزب العمال الكردستاني في سهل البقاع في لبنان. وفي سنة 1992 او 1993 بحسب المصادر، توجهت ساكينز الى المانيا، حيث تقيم جالية كردية كبيرة، وذلك بهدف تنظيم انشطة حزب العمال بتعليمات من عبد الله اوجلان الذي كان يعيش حياة المنفى في سوريا.

بمرور السنوات اصبحت المناضلة الشابة كادرا مهمًا للحزب في اوروبا، خصوصا لقربها من القائد العسكري الاساسي لحزب العمال الكردستاني مراد كرايلان، الذي كان متمركزا مع نحو الفي مقاتل كردي في جبال شمال العراق. واصبح كرايلان رمزا لحزب العمال الكردستاني منذ ان اودع عبد الله اوجلان عام 1999 السجن لمدى الحياة في تركيا.

واعتقلت الشرطة الالمانية ساكين كانسيز في 19 آذار/مارس 2007 بموجب مذكرة توقيف دولية صادرة من انقرة، ثم افرج عنها في 25 نيسان/ابريل، وتعيش منذ سنوات عدة في فرنسا. وجاء مقتل كانسيز في الوقت الذي استانفت فيه تركيا نهاية 2012 الحوار مع حزب العمال الكردستاني من خلال مفاوضات مباشرة مع اوجلان بهدف تخلي حزب العمال الكردستاني عن السلاح.

اما الناشطتان الكرديتان الاخريان اللذان عثر على جثتيهما مع جثتها، فهما اقل شهرة. واحداهما فيدان دوغان (32 عاما) كانت ممثلة مركز الاعلام الكردستاني، وهو واجهة لحزب العمال وعضو المجلس الوطني لكردستان.

وبحسب دوروتي شميت مديرة برنامج تركيا في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، فان ساكين كانسيز كانت quot;مقربة جدا من اوجلانquot; وquot;ناقلة لتعليماتهquot; في حين كانت فيدان دوغان quot;مسؤولة حقيقية عن الجالية الكردية في اوروباquot;.

وردا على سؤال وكالة فرانس برس قالت السلطات التركية الخميس انه لا يمكنها القول ما اذا كانت الناشطات الثلاث تحملن الجنسية التركية. وكانت سلطات انقرة اسقطت اثر الانقلاب العسكري في 1980، الجنسية عن العديد من الناشطين الاكراد او ناشطي اليسار المتطرف الذين يعيشون في الخارج.

الرئيس الفرنسي يصف مقتل الناشطات الكرديات بأنه امر quot;فظيعquot;
وصف الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الخميس مقتل ثلاث ناشطات كرديات بباريس ليل الاربعاء الخميس بالامر quot;الفظيعquot;، مضيفا انه يعرف احداهن. وقال هولاند على هامش زيارة لجنوب غرب فرنسا quot;الامر فظيع، ويمسّ مباشرة ثلاثة اشخاص، احداهن اعرفها شخصيا، ويعرفها الكثير من السياسيين، لانها كانت تاتي بانتظام للقائناquot;.

واضاف ردا على اسئلة صحافيين quot;حاليا بدا التحقيق، واعتقد انه من الافضل الانتظار حتى نعرف بشكل جيد الاسباب والفاعلينquot;.