تعيد القوى الغربية النظر في مسألة تسليح ودعم الجيش المالي، بعد أن تكبد خسائر كبيرة في مواجهة الإسلاميين الذين اجتاحوا منطقة كانت تحت سيطرة الحكومة والجيش.
بيروت: تقدم الإسلاميون في الأراضي التي تسيطر عليها حكومة مالي يوم الخميس، فاجتاحوا المنطقة التي كانت لفترة طويلة تحت سيطرة الجيش، الذي تلقى بدوره ضربة كبيرة خلال محاولته احتواء المتشددين الذين استولوا على شمال البلاد.
واندلعت على مدى اليومين الماضيين، اشتباكات بين الجيش والمتشددين للسيطرة على بلدة كونا، التي كانت بمثابة الحدود الخارجية لسيطرة الجيش المالي، بعد أن خسرت الحكومة نصف البلاد أمام الإسلاميين وحلفائهم في شهر نيسان (أبريل) الماضي .
يوم الخميس، بدا من الواضح أن البلدة سقطت في يد الإسلاميين، ما اضطر الجيش في مالي إلى التراجع متكبداً خسائر كبيرة. وأكد أحد الضباط في العاصمة باماكو، إن الجيش فقد السيطرة على كونا، واصفاً الوضع بـ quot;الحرجquot;، في حديث لصحيفة quot;نيويورك تايمزquot;.
quot;انه وضع خطير، خطير جداًquot;، قال الضابط ، مشيراً إلى أن الإسلاميين يهددون الآن مطاراً رئيساً في البلاد، على بعد 25 كلم من بلدة سيفاري، والذي يشكل أيضاً قاعدة عسكرية كبيرة.
ويشار إلى أنه على بعد 10 كيلومترات من بلدة سيفاري، تقع مدينة موبتي، وهي المنطقة الرئيسة التي تسيطر عليها حكومة مالي، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 100 ألف.
وقال الضابط: quot;لقد خضنا معركة شرسة، لكن خسرنا. الجيش المالي تراجع إلى سيفاري ونحن بحاجة إلى مساعدة من الجميع لإنقاذ المدينةquot;.
وقال متحدث باسم الإسلاميين، ساندا ولد بومانان، من منطقة تمبكتو التي يسيطر عليها: quot;لقد تمكنا من السيطرة على بلدة كونا وهرب الجيش المالي بعد أن أجبرناه على التراجعquot;.
ورفض المتحدث باسم الجيش الرسمي، المقدم دياران كوني، تأكيد أو نفي فقدان السيطرة على القرية، لكن الجنرال كارتر ف. هام، رئيس قيادة أفريقيا في البنتاغون، الذي كان مسافراً في النيجر المجاورة يوم الخميس، قال إنه شاهد تقارير من مالي لكن لا يمكن التحقق من صحتها حتى اللحظة. وأضاف: quot;إذا كان هذا صحيحاً، فستكون هناك تغييرات جذرية في الوضعquot;.
الاشتباكات التي وقعت هذا الأسبوع، كانت الأولى منذ أن غزا الاسلاميون والطوارق شمال مالي في الربيع الماضي، وتم تقسيم البلاد الى شطرين، ما ترك الجيش في حال من الفوضى.
وكانت الأمم المتحدة وجيران مالي ناقشوا في الأشهر الأخيرة خطة لحملة عسكرية لاستعادة السيطرة على الشمال بالقوة، إذا لزم الأمر، وبدعم دولي من المفترض أن تقوده قوات مالي. واعتبر المحللون في وقت سابق أن حصيلة القتال هذا الاسبوع في كونا ستكون مؤشراً كبيراً على اللياقة البدنية للجيش، لإثبات قدرته على إعادة فتح الشمال.
الخسارة التي مني بها الجيش اليوم، تثير تساؤلات خطيرة حول الخطة التي حصلت مبدئياً على موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي.
التقدم الذي أحرزه المتمردون، دفع مجلس الأمن إلى الاجتماع مساء الخميس في جلسة طارئة لمناقشة الوضع المتدهور. وأصدر بعد ذلك بياناً أعرب فيه عن quot;قلقه البالغquot; وتصميمه على فرض القرارات السابقة بشأن إنهاء الأزمة، بما في ذلك إيفاد قوة تقودها أفريقيا لمساعدة الحكومة على استعادة الأراضي المفقودة.
سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة، جيرار ارو، الذي كان قد دعا لهذا الاجتماع، أكد أن رئيس مالي الموقت، ديونكوندا تراوري، قد بعث برسالة إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، ورئيس مجلس الأمن، طلب فيها المساعدة في مواجهة quot;تقدم الإسلاميينquot;. وقال أرو إن الرد quot;من اختصاص السلطات في بلاديquot;.
فقدان الجيش السيطرة على كونا يرفع الحاجة الملحة للاستعدادات الغربية ndash; ولا سيما أن فرنسا والولايات المتحدة تعهدتا تقديم مساعدة - تهدف إلى وضع حد لشبه الدولة التي يشكلها المسلحون الذين ينتمي الكثير منهم إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، التي تسيطر على جزء كبير من الأراضي في غرب أفريقيا.
quot;كان لديهم ثمانية أشهر لإعداد دفاعهمquot;، قال الملحق العسكري الغربي في باماكو، الذي لم يكن مخولا بالتحدث علناً، مضيفاً: quot;ماذا يفترض أن يعني عدم الاستعداد هذا؟ هل يعني أن الجيش ليس على استعداد للتعامل مع مثل هذا التقدم؟ لا بد أن يجيب أحد عن هذه الأسئلةquot;.
تشابهت ردود فعل الساسة في مالي بالتعبير عن الصدمة، فقال ديكو فاتوماتا، نائب في البرلمان، إن سقوط مالي كان quot;مفاجأة غير سارةquot;، مشيراً إلى أن الناس في سيفاري يفرون لاعتقادهم بأن الحكومة لن تتمكن من صد الإسلاميين.
التعليقات