دعت المعارضة المصرية اليوم إلى اجتماع عاجل مع السلطة في محاولة لتسوية الأزمة التي تشهدها البلاد، فيما فوّض الرئيس المصري محافظي بورسعيد والسويس والإسماعيلية بتحديد ساعات حظر التجول أو إلغائها.


القاهرة: دعا محمد البرادعي أحد اقطاب المعارضة المصرية الاربعاء الى اجتماع عاجل مع الرئيس محمد مرسي في محاولة لتسوية الازمة التي تشهدها البلاد.

وكتب البرادعي منسق جبهة الانقاذ الوطني المعارضة في تغريدة على موقع تويتر quot;نحتاج فورًا لاجتماع بين الرئيس ووزيري الدفاع والداخلية والحزب الحاكم والتيار السلفي وجبهة الانقاذ لاتخاذ خطوات عاجلة لوقف العنف وبدء حوار جادquot;.

وقد دعا الرئيس المصري ممثلي المعارضة والاحزاب الاسلامية التي تدعمه الى حوار وطني الاثنين لكن جبهة الانقاذ الوطني رفضت الدعوة واعتبرت الحوار quot;شكليًاquot; وquot;فارغًا من المضمونquot;.

ودعت الجبهة الى التظاهر الجمعة في مختلف انحاء مصر مطالبة بالخصوص بأن يتحمل الرئيس مسؤولية اعمال العنف الدامية التي وقعت الايام الاخيرة وبتشكيل حكومة وحدة وطنية. واعلنت الجبهة في بيان الاربعاء أن بعض قادتها سيجتمعون الاربعاء مع ممثلي اكبر حزب سلفي، حزب النور ردًا على دعوة من هذا الحزب الاسلامي المتشدد لمناقشة quot;تدهور الوضعquot;.

وتشهد مصر منذ مساء الخميس اعمال عنف اسفرت عن سقوط خمسين قتيلاً معظمهم في بور سعيد (شمال شرق)، حيث بدأت المواجهات بعد اعلان حكم الاعدام بحق 21 من مناصري فريق لكرة القدم.

تحديد ساعات حظر التجول أو إلغاؤها

وفوّض الرئيس المصري محافظي بورسعيد والسويس والإسماعيلية بتحديد ساعات حظر التجول أو إلغائها، حسب الحالة الامنية في كل محافظة من المحافظات الثلاث. ويأتي هذا القرار في الوقت الذي تتواصل فيه المظاهرات الليلية التي تتحدى حالة الطوارئ المفروضة بمنطقة قناة السويس.

وقال عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية إنه سيتم إلغاء حالة الطوارئ بمجرد استقرار الأوضاع في المحافظات المذكورة، حتى وإن كانت قبل انتهاء الثلاثين يومًا المنصوص عليها في قرار سابق أصدره مرسي.

وقرر مرسي الأحد إعلان حالة الطوارئ في المحافظات الثلاث لمدة 30 يومًا بعد مقتل العشرات في اشتباكات نشبت عقب صدور حكم قضائي بإعدام 21 متهمًا في أعمال عنف تخللت مباراة في كرة قدم بين النادي الأهلي ونادي المصري البورسعيدي العام الماضي. وشمل قرار الرئيس إعلان حظر تجول بالمحافظات نفسها بين التاسعة مساء والسادسة صباحًا.

الجيش المصري يدخل على الخط

ودخل الجيش المصري، الذي التزم الصمت منذ بداية الاضطرابات التي أوقعت 52 قتيلاً في بضعة أيام، على الخط الثلاثاء محذرًا من quot;انهيار الدولةquot; اذا ما استمر الوضع الحالي في البلاد.

وطالب وزير الدفاع القائد العام للجيش quot;كل القوى السياسيةquot; بأن تضع نزاعها وخلافاتها جانبًا من اجل ايجاد حل quot;للتحديات والإشكاليات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والأمنية التي تواجه مصر حاليًاquot;.

وشدد على أن الجيش يواجة quot;اشكالية خطيرةquot; وهي quot;كيفية المزج بين عدم مواجهة المواطنين المصريين وحقهم في التظاهر وبين حماية وتأمين الأهداف والمنشآت الحيوية والتي تؤثر على الأمن القومي المصري وهذا ما يتطلب الحفاظ على سلمية التظاهرات ودرء المخاطر الناجمة عن العنف أثناءهاquot;.

وجاءت تصريحات السيسي غداة اقرار مجلس الشورى، الذي يتولى السلطة التشريعية حاليًا في البلاد، قانونًا يتيح للجيش المشاركة في حفظ الامن، quot;كلما طلب منه ذلك مجلس الدفاع الوطنيquot;، الذي يترأسه مرسي ويضم وزير الدفاع ورئيس المخابرات العامة وعدداً من المسؤولين السياسيين.

اختبار قوة

وكان الرئيس المصري خاض من قبل اختبار قوة مع جبهة الانقاذ الوطني (ائتلاف المعارضة الرئيسي) حول مشروع دستور أعدته جمعية تأسيسية هيمن عليها الاسلاميون.

الا أن مرسي كسب رهانه ونجح في تمرير الدستور عبر استفتاء في كانون الاول (ديسمبر) الماضي رغم عدة تظاهرات حاشدة نظمتها جبهة الانقاذ الوطني التي اكدت حدوث عمليات تزوير كبيرة في هذا الاستفتاء. أما اليوم، فالوضع يبدو أكثر تعقيدًا.

الشعب طرف هذه المرة

ويقول استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة مصطفى كامل السيد quot;هذه الأزمة لن تمر بسهولةquot;، موضحًا أن الأزمة السابقة حول الدستور كانت quot;مواجهة بين القوى الليبرالية واليسارية من جهة، والاسلاميين من جهة أخرى، ولم تكن الجماهير بالمعنى الواسع مشاركة فيهاquot;.

وتابع quot;اما في اللحظة الراهنة دخلت الجماهير غير المنظمة والتي لا تنتمي بالضرورة الى أي تنظيم سياسي في المعادلة وخرجت تعبر عن استيائها من تردي اوضاعها واحوالها المعيشيةquot;. وبحسب السيد، فإن لاعبًا جديدًا ظهر على الساحة كذلك quot;ولا يتردد في دخول مواجهة عنيفة مع قوات الشرطة والاخوان المسلمين، وهم مجموعات الاناركيين، ومن بينها جماعة البلاك بلوكquot;.

التنازل هو الحل

في ظل هذه المعطيات quot;لن يكون هناك حل من دون تنازلات من الرئيس وجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليهاquot;، بحسب ما يقول الكاتب في صحيفة الشروق عبد الله السناوي.

ويضيف السناوي أن quot;الحل الامني وصل الى منتهاه والشرطة مستنفذة وهي موضع لوم ونقد مهما فعلت فاذا تصدت بالعنف تتهم بالاخونة واذا وقفت على الحياد تتهم بالانضمام الى صفوف المعارضة، وفي الحالتين تفقد حرفيتها وثقة الشعب فيهاquot;. وتصريحات اللواء السيسي، بحسب السناوي quot;انذار واضح لمرسي وانذار بدرجة اقل للمعارضةquot;.

ويعتقد السناوي أن الرئيس المصري ربما يضطر الى quot;تقديم تنازلات والاستجابة لاكثر مطالب جبهة الانقاذ جوهرية، وهي تشكيل حكومة انقاذ تكون على رأسها شخصية وطنية مثل محمد البرادعي (احد قادة جبهة الانقاذ)quot;.

التدخل من وراء ستار

لكن مصطفى كامل السيد quot;يستبعدquot; أن يقدم الرئيس المصري تنازلات من تلقاء نفسه. ويقول: quot;امام عجز الحكومة والشرطة عن فرض الامن ومحاصرة قوات الشرطة في اقسامها وغياب أي افق للخروج بتسوية سياسية ومشاركة الجيش في فرض الامن، فالامور مرشحة لتدخل أعمق من جانب القوات المسلحةquot;.

ويتابع أن quot;قيادة الجيش قد تجد نفسها مضطرة للتدخل بشكل غير مباشر ومن وراء ستار من خلال املاء اجراءات معينة مثل تشكيل حكومة وحدة وطنيةquot;. بل أن كاتبًا معروفًا مقربًا من الاسلاميين وهو فهمي هويدي ذهب أبعد من ذلك.

وكتب هويدي الثلاثاء في صحيفة الشروق quot;ستكون شجاعة من الرئيس اذا بادر بالاعلان عن انتخابات رئاسية (مبكرة) مع الانتخابات النيابيةquot;، التي يفترض أن تتم خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.