ينظر الأكراد السوريون إلى كردستان العراق على أنها مثال ناجح يمكن أن يقلدوه لإقامة كيان خاص بهم في حال سقط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.


مع احتدام الحرب عبر الحدود في سوريا، ظهرت المنطقة الكردية شبه ذاتية الحكم الموجودة في العراق باعتبارها داعمًا أساسيًا للأكراد السوريين، على أمل أن يخرج إلى النور كيان كردي قوي آخر مثلها، في حال سقط نظام الرئيس بشار الأسد في الأخير.
هذا وتسبب احتضان إقليم كردستان العراق لقضية الأكراد السوريين في زيادة نفوذه الإقليمي، وهو ما قد يعزز وثائق التفويض القومية الكردية لرئيسه، مسعود بارزاني، بين ملايين الأكراد المنتشرين في جميع أنحاء تركيا وإيران والعراق وسوريا.
وقدّم إقليم كردستان العراق مساعدات إنسانية لعشرات الآلاف من اللاجئين الأكراد السوريين، واستضاف جماعات سياسية بارزة تتبع أكراد سوريا، وقام بتدريب مئات المنشقين الأكراد عن الجيش السوري، تبعاً لصحيفة النيويورك تايمز الأميركية.
وظلت الأوضاع في الجزء الشمالي الشرقي في سوريا، حيث يعيش كثير من الأكراد، هادئة إلى حد كبير مقارنةً بما يدور في باقي أنحاء البلاد. وفي ظل انشغال الجيش السوري بمناطق أخرى من البلاد، تولت جماعات كردية مسؤولية الأمن في أجزاء في المنطقة.
ورأت الصحيفة أن الأزمة تشكل فرصة تاريخية لأكراد سوريا الذين يقدر عددهم بـمليوني فرد، والذين لطالما تعرضوا لتمييز من جانب الدولة. ومعروف أن أكراد سوريا يعيشون على مقربة من حدود تركيا والعراق وفي المدن الكبرى بكافة أنحاء البلاد.
وإذ يأمل قادة إقليم كردستان العراق، الذي حصل العقد الماضي على قدر غير مسبوق من الاستقلال من جانب بغداد، أن يحاكي السوريون ما يرونه نجاحًا من جانبهم مع الحكم الفيدرالي. وذلك في الوقت الذي يتفاخر فيه الإقليم الواقع في شمال العراق بقواته الأمنية وخدماته الاجتماعية ومهامه الدبلوماسية حول العالم، رغم التوترات المشتعلة مع الحكومة العراقية بخصوص النفط والأرض والنزاعات الأمنية.
وقال حميد دربندي نائب الوزير المنوط بالشأن السوري لدى ديوان رئاسة إقليم كردستان :quot; نريد أن يقوم الأكراد بدور في صياغة الأوضاع في سوريا مستقبلاً. وبينما يقول قادة أكراد سوريا إن أكراد العراق لم يضغطوا عليهم لاختيار نظام حكم معين، فقد أوضحت حكومة إقليم كردستان أنها تفضل تطبيق تجربتها الخاصة في سوريا. ويمكنني القول إن الحكم الفيدرالي يمنح السوريين الفرصة للبقاء والعيش سوياًquot;.
وبينما لا تزال آثار القتال بين الأكراد في شمال العراق واضحة وبدأ ظهور الآثار نفسها في سوريا، فقد سبق لبارزاني أن ضغط في شهر تموز/ يوليو الماضي لتشكيل الهيئة الكردية العليا، وهي جهة تعنى بتقاسم السلطة وتتألف من الجماعتين السياسيتين البارزتين اللتين تخص أكراد سوريا. وهو ما أثار غضب تركيا من خلال قبول مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي، وهو جماعة كردية سورية مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، الذي يشن منذ عقود حملة تمرّد ضد الجانب التركي.
وأوضح محللون أن حزب الاتحاد الديمقراطي يحظي بمعظم النفوذ العسكري والدعم الشعبي على الأرض، وأن بارزاني بدأ عملياً في جلب الحزب للمائدة مع أن آراء حزبه تتفق أكثر مع النصف الآخر للهيئة الكردية العليا، وهو المجلس الوطني الكردستاني.
ومن الجدير ذكره أن تركيا وإقليم كردستان نجحا في تطوير علاقات اقتصادية ودبلوماسية مزدهرة على مدار السنوات الماضية، رغم توتر علاقات تركيا بشعبها الكردي الكبير.
وقال صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي متحدثاً عن إقليم كردستان العراق وشمال شرق سوريا quot; نأمل أن لا تؤثر تلك العلاقات، ذات الطبيعة الاقتصادية، في السياسات أو العلاقات بين جنوب كردستان وغرب كردستان. ونحن لم نرَ شيئاً حتى الآنquot;.
وبينما يدعم المجلس الوطني الكردستاني إنشاء نظام فيدرالي لسوريا، فإن حزب الاتحاد الديمقراطي يصف الفكرة بغير المجدية في ظل اختلاط الجماعات العرقية العديدة هناك من الناحية الجغرافية. وذلك في الوقت الذي يثني فيه كلا الطرفين على قيادة بارزاني.
وقد شاهد الأسبوع الماضي فرحان حسن محمود، وهو كردي سوري لاذ بالفرار إلى العراق قبل ثلاثة أشهر، مجموعة متطوعين يعملون مع جماعة محلية معنية بشؤون اللاجئين، وهم يفرغون تبرعات في أحد الأحياء التي يقطنها أفراد منتمون للطبقة المتوسطة على مشارف اربيل، التي استقبلت كثيرين من اللاجئين السوريين مؤخراً.
وقال محمود بهذا الخصوص quot; نشكر الرئيس بارزاني ورئيس العراق الكردي جلال طالباني. ويعتبر بارزاني مثالاً بالنسبة للمناطق التي تقطنها أغلبية كردية في سوريا. وأنا إذ أتوقع من جانبي إن شاء الله أن يصبحوا هناك مثل إقليم كردستان العراقquot;.