انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو مصور لشاب من حزب الله يتلو وصيته بحياء ومرح قبل مقتله في سوريا، فكان الأكثر تداولًا بين اللبنانيين.


إيلاف من بيروت: كما النار في الهشيم، سرى مقطع مصور طويل على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصًا بين المستخدمين اللبنانيين، هو تسجيل لوصية مهدي ياغي، أحد قتلى حزب الله في سوريا. فالشريط المصور مؤثر جدًا، إذ يبدو فيه ياغي لاهيًا، راضيًا بالموت وكأنه قسمته ونصيبه في هذه الحياة القصيرة التي عاشها، معتنقًا مبادئ حزب الله، منفذًا أوامر أمينه العام حسن نصرالله، ولو كانت الموت في غير الساحة التي نذر نفسه لها، أي في غير ساحة القتال ضد إسرائيل.

ذاكرة مقاتل

يروي ياغي في الشريط المصور نتفًا من ذاكرته، قصصًا قصيرة من حياته الوجيزة، ذاكرًا الأب والأم وأفراد العائلة، والأصدقاء في quot;الضيعةquot;. وياغي quot;خاطبquot;، لم يدخل دنيا بعد، لكنه يتوجه إليها على أنها زوجته، ويريدها اليوم وغدًا، قائلًا: quot;لا أريد الحور العينquot;... ويضحك على حياء.

لم يكن ياغي معتادًا على quot;الكاميراquot; وquot;التصويرquot;، فيطلب من مصوره أن يوقف العملية كلها إن رآه خجلًا. فهو اعتاد القتال والحرب أي الميادين، والوقوف أمام العدسة يوقظ فيه رهبة لا يعرف أثرها وهو يقاتل.

quot;والله أنا بالإعراب كنت فاشلquot;... يقول ياغي، وكأنه يعرف محل quot;شهادتهquot; من الإعراب في سوريا! لكنه ينتقل فورًا، وبضحكة طفولية، إلى والدته، متخيلًا مراسلة قناة quot;المنارquot;، تسألها عنه بعد موته، فيقول إنه لقن والدته ما تقول: quot;كان إنسان منيح، قلبه طيب، متسامح!!!quot;.

وياغي من المتسامحين فعلًا، إذ يتوجه إلى صحبه ورفاقه ليأتوا إليه في قبره، quot;تذكروني وقت تسهروا سهرة، ما تقروا قرآن يا خيي، تعالوا تسلوا، (...) منتسلى معكنquot;، ويدعوهم أن quot;تعالوا وبوحوا بأسراركم عندَ قبري، فأنا أسمعكمquot;. ومرارًا، طلب ياغي من كل من يعرفه أن يسامحه.

174 قتيلًا

ياغي واحد من باقة من الشباب اللبناني، الذين قادهم حزب الله إلى الميادين السورية، بسبب انخراطه في الأزمة السورية مناصرًا النظام السوري، بحجج مختلفة، بدأت بحماية الشيعة اللبنانيين على القرى الحدودية، ومرت بحماية المقدسات الشيعية في دمشق، وانتهت أخيرًا بحماية لبنان والمقاومة من مخططات التكفيريين.

وقد سقط لحزب الله نحو 174 مقاتلًا في سوريا، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، في تقرير أصدره الثلاثاء الماضي، قائلًا إن 115206 أشخاص قتلوا منذ انطلاق أعمال العنف في سوريا في 18 آذار (مارس) 2011 حتى الاثنين 30 أيلول (سبتمبر) الماضي. وقد توزع القتلى على 58604 مدنيين، ضمنهم 6087 طفلًا و4079 أنثى فوق سن الثامنة عشرة و17071 من عناصر الكتائب المقاتلة، و2176 منشقا، و28804 قتلى من القوات النظامية، و2760 شخصًا مجهول الهوية، 4460 شخصًا من جنسيات مختلفة، و18228 شخصًا من عناصر اللجان الشعبية وقوات الدفاع الوطني والشبيحة والمخبرين الموالين للنظام.