تغزو منطقة شمال غرب الصين دبابير شديدة السمية وسريعة الفتك بالإنسان، قتلت حتى الآن 41 مزارعًا وقرويًا، ويساهم التغير المناخي وعامل الحر في زيادة تكاثرها، في وقت تقف الحكومة عاجزة بإمكاناتها الضئيلة عن صد هذا الهجوم غير المسبوق.
أشار تشين بيد مرتجفة إلى حقل صغير مزروع بالملفوف والبصل والذرة، حيث قُتل صديقه يو يوهونغ لسعًا حتى الموت، عندما هاجمته دبابير عملاقة. وقال المزارع تشين quot;إن سمّ الدبابير كان قويًا، وأُصيب يو بعجز في الكبد والكليتين، ولم يتمكن من التبوّلquot;.
وكان يو، وهو مزارع صحيح الجسم في الأربعين من العمر، يجني محصوله من الخضر عندما داس على عشّ من الدبابير، كان مخفيًا تحت كومة من قشور الحبوب الجافة. فهاجت الدبابير عليه، ولسعته من وراء قميصه وسرواله. هرب ولكن الدبابير لحقته وانهالت عليه لسعًا في ذراعية وساقيه ورأسه ورقبته.
ويعتبر الدبور فيسبا ماندرينيا Vespa mandarinia أكبر دبور في العالم لونه أصفر وأسود، وسمُّيته قوية جدًا. ويحمل في ذنبه، البالغ طوله 6 ملم، سمًا قويًا، بما فيه الكفاية لتذويب النسيج البشري. ويمكن أن يموت الملسوع نتيجة عجز كلوي أو صدمة الحساسية.
وباء وبلاء
ويشهد إقليم شانشي شمال غرب الصين حوادث مأساوية متزايدة كتلك التي قتلت المزارع يو. إذ قتلت الدبابير 41 شخصًا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وأصابت 1675 آخرين. ويبدو أن هجمات الدبابير تتركز في بلدة أنكانغ الواقعة جنوب الإقليم. وقال المسؤولون في الإقليم إن هذه الهجمات تحوّلت إلى بلاء لم يُعرف له مثيل من قبل.
يقول خبراء إن هذا النوع من الدبابير لا يهاجم عادة إلا إذا شعر بخطر يهدد عشّه، ولكنه عندما يهاجم يكون هجومه شرسًا وسريعًا. فالدبور يستطيع أن يطير بسرعة 40 كلم في الساعة، ويقطع 80 كلم في اليوم. وهو يصنع عشه في سيقان الأشجار أو تحت الأرض، بحيث تصعب رؤيته أو اكتشافه.
وقال أشخاص من سكان المنطقة إن سبب انتشار الدبابير هو التغير المناخي، مشيرين إلى أن السنة الماضية كانت حارّة على غير المعتاد، بحيث أتاحت لأعداد كبيرة من الدبابير أن تعيش في الشتاء أيضًا.
تغير مناخي
وأوضح هوانغ رونغوي من قسم مكافحة الحشرات في مكتب أحراش بلدية أنكانغ أن هناك جملة أسباب قد تكون وراء الهجمات الأخيرة، بينها هياج الدبابير بسبب موجة الحر، وتوغل العمال في المنطقة الجبلية متجاوزين على أعشاشها، فضلًا عن أن الألوان البراقة ورائحة عرق الجسم والأشياء الحلوة تجذب الدبابير إليها. كما إن الدبابير حسّاسة تجاه الحركة، مثل الشخص الذي يركض أو الحيوانات التي تمر قربها بحركة مثيرة.
شاركت في غزو المنطقة الدبابير الآسيوية من نوع فيسبا فيلوتينا Vespa velutina وهي أصغر، لكنها لا تقلّ خطورة. ويسكن العشّ الواحد آلاف منها. وأشار تان شينيانغ (16 عامًا) عن بُعد إلى شجرة يتدلى منها جسم بحجم كرة السلة، سطحه تكسوه بقع سوداء تتحرك باستمرار. وقال تان لصحيفة الغارديان quot;هناك تعيش الدبابير، ولا نجرؤ على الاقتراب من المكانquot;.
في هذه الأثناء أعلنت بلدة أنكانغ حالة الطوارئ، ونشرت السلطات تحذيرات على الطرق وجذوع الأشجار وجدران المدارس والانترنت. وقال عمدة البلدة غونغ جينغونغ إن هناك 248 عشّ دبابير في قرية واحدة، 175 منها قرب المدارس والطرق.
زيادة تفوق الإمكانات
يقوم غونغ وفريقه بمسح الأعشاش في النهار، وبعد غروب الشمس حين لا تعود الدبابير قادرة على الطيران في الظلام، يرتدي أعضاء الفريق ملابس واقية، ويبدأون بحرق الأعشاش، مستخدمين قاذفات اللهب. وقال العمدة إن فرق مكافحة الحرائق عادة تتولى هذا العمل، ولكن الأعشاش زادت هذه السنة.
وقال مسؤول في الحكومة المحلية إن فرق المكافحة أزالت 710 أعشاش، وقدمت مساعدات مالية تزيد على مليون دولار إلى القرى المتضررة، quot;ولكن إمكاناتنا محدودة ضد هذا الغزوquot;.
التعليقات