فيما أعلن مجلس النواب العراقي اليوم عن إجراء الانتخابات العامة في 30 نيسان/إبريل المقبل، فقد أطاحت رغبات كتل سياسية عراقية بقانون لها يخدم أجندتها في الحصول على أكبر عدد ممكن من المقاعد البرلمانية بمحاولة للتصويت اليوم على مشروع جديد للقانون.


أسامة مهدي: لم يستطع مجلس النواب العراقي، في جلسة كانت مقررة اليوم للتصويت على قانون جديد للانتخابات، من المضي في هذه العملية، ما دعاه إلى تأجيل التصويت إلى الأول من الشهر المقبل، وذلك إثر إصرار الأكراد على جعل العراق دائرة انتخابية واحدة، وزيادة عدد المقاعد التعويضية، وخاصة للأقليات، ومنها التي تعيش في إقليم كردستان.

وقد انسحب نواب التحالف الكردستاني ظهر اليوم من المناقشات الجارية للاتفاق على القانون، الأمر الذي زاد من تعقيد المشهد السياسي، الذي يعاني أصلًا خلافات مستعصية بين القوى السياسية. وقد دفعت هذه الصعوبات برئيس مجلس النواب أسامة النجيفي إلى الإعلان عن عقد مؤتمر صحافي عصر اليوم لتوضيح ملابسات الأمر للعراقيين.

عرقلة إقرار القانون
وقد اتهم رئيس كتلة الأحرار الصدرية النيابية بهاء الأعرجي كتلتين، لم يسمّهما، بعرقلة إقرار قانون الانتخابات، في إشارة على ما يبدو إلى التحالف الكردستاني ودولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي. وقال في مؤتمر صحافي إن قانون الانتخابات سوف لن يصوّت عليه هذا اليوم أو غدًا أو حتى بعد أسبوع، حتى تتأكد هاتان الكتلتان من تضمين القانون ما ترغب فيه. وأشار إلى أن هناك جهات سياسية تسعى إلى تأجيل الانتخابات، لتضمن الحصول على أكبر عدد ممكن من المقاعد، ومثلما ترغب.

وأوضح الأعرجي أنه توجد كتلة سياسية، ترغب في أن تكون لها مقاعد بعدد من 70 إلى 75، أو لا تصوّت على قانون الانتخابات، والأخرى تريد أن تزيد المقاعد، لكي تبقى إدارة الحكم بيدها، وبالتالي فإن هاتين الكتلتين تعرقلان إقرار القانون، لكنه امتنع عن تسميتهما.

أضاف الأعرجي أنه من الممكن التصويت في جلسة اليوم على قرارين: أولهما الإيعاز إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات باتخاذ الإجراءات اللازمة والاستعداد لإجراء الانتخابات في موعدها، وبعدها يتم الاتفاق على القانون، والآخر رفع توصية إلى رئاسة الجمهورية لتحديد موعد الانتخابات.

وفي وقت سابق الليلة الماضية، فقد هدد رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني بمقاطعة الأكراد للانتخابات العامة في العراق، المقررة في نيسان/إبريل المقبل، في حال عدم النص في قانون الانتخابات المثير للجدل على جعل العراق دائرة انتخابية واحدة وزيادة عدد المقاعد التعويضية.

يتجاوز الخلافات
جاء ذلك خلال اجتماع لبارزاني مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف، الذي طالب بأن يتيح قانون الانتخابات العراقية الجديد المعروض على البرلمان تجاوز خلافاته حوله فرصة المشاركة المتكافئة لجميع المكونات العراقية. ودعا ملادينوف جميع الأطراف إلى التوصل، في أقرب وقت ممكن، إلى حل وسط وملائم لمشروع قانون الانتخابات، يسمح بإشراك جميع مكونات المجتمع العراقي، quot;حيث إن ذلك يعد أمرًا حاسمًا في سبيل إجراء الانتخابات البرلمانية وفق الإطار الزمني المنصوص عليه دستوريًاquot; في نيسان (أبريل) عام 2014.

من جهته تحدث بارزاني عن قانون الانتخابات، مشيرًا إلى أن نسبة مشاركة الأكراد في الانتخابات العامة في عام 2010 كانت عالية، ولكن إقليم كردستان تعرّض للظلم والغبن في عدد المقاعد. وشدد على ضرورة أن يكون القاسم الانتخابي لجميع المحافظات موحدًا. وحذر قائلًا quot;لا يمكن أن يدفع شعب إقليم كردستان ضريبة ضعف مشاركة الآخرين في انتخابات مجلس النواب، فإذا مورس الظلم والغبن في عدد المقاعد بحق إقليم كردستان، كالمرات السابقة، فمن حقنا عدم المشاركة في الانتخاباتquot;، كما نقل عنه بيان صحافي لرئاسة الإقليم الليلة الماضية عقب الاجتماع.

ويطالب الأكراد بجعل العراق دائرة انتخابية واحدة، بدلًا من 18 دائرة، أي كل محافظة دائرة، كما يصرّون على زيادة عدد المقاعد التعويضية إلى أكثر من 30 مقعدًا.

جدل المقاعد التعويضية
وكان مجلس النواب فشل الخميس الماضي في تمرير قانون الانتخابات إثر بروز خلافات جديدة بين الكتل حول المقاعد التعويضية وإذا ما كان الاقتراع سيجري وفق القائمة المغلقة أم المفتوحة، وجعل العراق دائرة انتخابية واحدة أو 18 دائرة. فقد فشل المجلس للمرة الثالثة خلال أسبوعين في التصويت على قانون جديد، ينظم الانتخابات العامة في البلاد، ما استدعى ترحيل التصويت إلى الاثنين المقبل، بعد مطالب طرحها التحالف الكردستاني. وجاء تأجيل التصويت، على الرغم من اتفاق الكتل على معظم مواد القانون، وخاصة ما يتعلق منها بزيادة عدد مقاعد البرلمان ومقاعد ممثلي الأقليات وطريقة الاقتراع.

وما زالت هذه الخلافات تعوق التصويت على القانون، رغم تأكيدات نيابية بأنه قد تم الاتفاق خلال الجلسات التشاورية الأخيرة على رفع عدد مقاعد البرلمان من 325 إلى 340 مقعدًا، وإجراء انتخاباته بحسب القائمة المفتوحة، بدلًا من المغلقة، كما كان سابقًا وجعل العراق 18 دائرة انتخابية بعدد محافظات البلاد الثماني عشرة. ونص القانون على جعل كوتا الأقليات 15 مقعدًا، سيتم منح 5 مقاعد للمسيحيين، و4 مقاعد للأيزيديين، و3 مقاعد للكرد الفيليين، ومقعد واحد للكلدوآشوريين، ومقعد واحد للصابئة المندائيين، ومقعد واحد للشبك.

وسيكون هناك 30 مقعدًا تعويضيًا في الدورة البرلمانية المقبلة بدلًا من 15، كما هي عليه الحال الآن، ستوزّع على الكتل الفائزة في الانتخابات، بحسب مقاعدها النيابية، لكن الأكراد يريدون زيادة عددها.. فيما ستوزّع 310 مقاعد المتبقية على المحافظات العراقية الثماني عشرة، بحسب عدد سكانها. كما تم الاتفاق على جعل القاسم الانتخابي 150 ألف صوت بدلًا من 100 ألف صوت. وسيتم توزيع هذه المقاعد التعويضية مناصفة: 15 مقعدًا للأقليات، و15 مقعدًا لقادة الكتل السياسية، لترشيح من يشاؤون لاحتلالها، على أن يحسم تصويت الغالبية طريقة احتساب الأصوات.

ووفقًا للقانون الجديد، فإن التصويت الخاص للقوات المسلحة لن يجري قبل الاقتراع العام، كما كان معمولًا به سابقًا، وإنما سيجري تصويت قوات الأمن ومنتسبي وزارة الداخلية مع التصويت العام خشية استغلاله من قبل أحزاب متنفذة، لكن تصويت قوات الجيش ومنتسبي وزارة الدفاع سيجري قبل الاقتراع العام بثمان وأربعين ساعة.