يترك المراهقون في العالم موقع فايسبوك إلى منصات تواصلية أخرى، مثل سناب تشات وبلاك بيري ماسينجر، لكنه يبقى موقعًا ذات أفضلية إعلانية حتى الآن، على الرغم من أن المستقبل يضمر له الكثير من التراجع.


يستأثر فايسبوك بدقيقة من كل خمس دقائق تُصرف على الهاتف الذكي، وبدقيقة من كل ثماني دقائق تُنفق إجمالًا على الانترنت. وما زالت هذه الحصة الكبيرة أصلًا مستمرة في النمو. ورغم أن تزايد الانتقال إلى الهاتف الذكي يفرض على كل شركة تستخدم الانترنت في عملها أن تعيد تصميم صفحاتها وتراجع سياستها الإعلانية، فإن فايسبوك واحدة من الشركات القليلة التي واجهت هذا التحدي بنجاح، فتخطت جميع حجم إيراداتها المتوقعة بأكثر من 100 مليون دولار، بل إن نصف هذه الإيرادات، التي بلغت 2.02 مليار دولار في الربع الثالث من العام الحالي، تحققت من الإعلانات في الأجهزة المحمولة.

منافسة منصات أخرى
بهذا الأداء، بلغ موقع فايسبوك ذروة جديدة. وبعد الإعلان عن نتائج الربع الثالث، ارتفعت أسهم شركة فايسبوك بنسبة 15 بالمئة. لكن المشكلة التي تواجه فايسبوك الآن هي ركود نموها بين المراهقين الأميركيين، بل هبوطه بين المراهقين عمومًا في العالم.

وأُصيب المستثمرون بالذعر إزاء الأفق القاتم، الذي رسمه ابتعاد المراهقين والشباب عن فايسبوك، للبحث عن شيء آخر أشد إثارة وأكثر أمانًا. ونتيجة لذلك، فقدت فايسبوك نحو 16 مليار دولار من قيمتها، وبدأ سهم فايسبوك تعاملات الخميس عند 49.01 دولارا، ثم ارتفع إلى 57.98 دولارا، قبل أن يهبط إلى 47.25 دولارا عند الإغلاق.

ولا شك في أن موقع فايسبوك يواجه منافسة شديدة من منصات أخرى، سواء أكانت سناب تشات أو بلاك بيري مسنجر، التي قام مستخدمو نظامي أندرويد وآي أو أس التشغيليين بتنزيلها 20 مليون مرة خلال الأيام القليلة الماضية.

يفقد مستخدميه
اعترف مدير فايسبوك المالي ديفيد إيبرسمان بهذا التحدي، حين قال إن موقع فايسبوك سجل هبوطًا في عدد مستخدميه اليوميين وخاصة بين المراهقين. وحرص إيبرسمان على أن يمهّد لاعترافه هذا بالقول: quot;إن استخدام فايسبوك بين المراهقين الأميركيين كان ثابتًا خلال الفترة الممتدة من الربع الثاني إلى الربع الثالثquot;، لكن الأسواق لم تعر هذا القول اهتمامًا يُذكر.

ونقلت صحيفة ديلي تلغراف عن بن باجارين، المحلل في شركة كرييتيف ستراتيجيز، قوله إن الأبحاث تبيّن أن موقع فايسبوك يفقد مستخدمين أساسيين بمعدلات متسارعة، فيما رأى بعض المدوّنين أن المراهقين ينظرون إلى فايسبوك كما ينظر البالغون إلى لينكد-إن، بوصفه موقعًا أقل إثارة وشبكة اجتماعية من الجائز أن يصطدموا فيها بمتنمرين أوغاد أو يلتقون صدفة بآبائهم أو بأصدقاء آبائهم، وهذا لن يحدث على سناب تشات برسائله البسيطة التي لا تدوم طويلًا.

... وأفضليته!
يرى محللون أن موقع فايسبوك وقع ضحية نجاحه. فهو بلغ درجة الإشباع في سوق المراهقين الأميركيين، والاتجاه الوحيد بعد بلوغ نقطة الإشباع هو الهبوط. وما يقلق فايسبوك هو أن ما يبدأه المراهقون الأميركيون يتبعه بقية شباب العالم. ويبيّن ما حدث لشركات، مثل نوكيا وياهو وفريندستر ومواقع أخرى لا تُحصى، أن المستخدمين أصحاب مزاج يكون أحيانًا شديد التقلب.

يضاف إلى ذلك ظهور فايسبوك بصورة متزايدة في العناوين الرئيسة للصحف، سواء في تقارير تتهم الموقع بالتواطؤ مع الاغتصاب أو التردد في إزالة أشرطة فيديو بشعة عن عمليات ذبح تُقطع فيها رؤوس بشرية. وكان نجاج فايسبوك مدفوعًا بجدته وسيل لا ينقطع من الأقاويل المتداولة عن الأصدقاء والمعارف. وفقد الموقع هذه الأفضلية الآن.

لعل هذا هو السبب الذي دفع شركة بيفوتال ريسيرتش إلى القول إن التحوّل في السوق يمثل رد فعل مفرطًا. وبحسب محللها براين ويزر، ما دام التواصل مع المراهقين ممكنًا إلى حد ما على فايسبوك، وما دام فايسبوك يتمتع بقدرة فريدة على الوصول إلى عدد من الأشخاص يزيد على ما يمكن أن تصله أية مؤسسة إعلامية أخرى، فإن فايسبوك يحتفظ بأفضلية إعلانية. ويتعيّن على سناب تشات وبلاك بيري مسنجر وغيرهما أن تثبت أنها أكثر من كونها مجرد منصات خدمية، فيما يتعيّن على موقع فايسبوك أن يثبت أن بمقدوره أن يحوّل عدد مستخدميه الهائل إلى مصدر دخل، حتى وإن لم يعودوا شبابًا.