أعلنت طالبان باكستان الخميس تعيين متشدد زعيمًا للحركة بعد مقتل زعيمها السابق حكيم الله محسود في غارة اميركية، نفذتها طائرة من دون طيار الاسبوع الماضي.


لندن: قلدت طالبان باكستان مولانا فضل الله قيادتها، بعدما قتلت الطائرات الأميركية من دون طيار زعيمها السابق حكيم الله محسود. وفضل الله مسؤول عن أشد العمليات دموية في باكستان، بما في ذلك اغتيال جنرال في الجيش الباكستاني ومحاولة اغتيال الناشطة الشابة ملالا يوسف زاي العام الماضي، لدفاعها عن تعليم البنات.

العمل المسلح مستمر
بعد ستة ايام من الاجتماعات في شمال وزيرستان، قرر مجلس قيادة طالبان المؤلف من 17 عضوًا تعيين فضل الله زعيمًا لطلبان باكستان، كما أكد المتحدث باسم الحركة شهيد الله شهيد. وكانت طالبان توعدت بالانتقام لمقتل محسود، وقال مراقبون إن طالبان اختارت قائدًا عسكريًا معروفًا بجرأته في تحدي السلطات مشيرين إلى مروره على صهوة حصان أمام قوات الحكومة التي نصبت له كمينًا في العام 2007، لكنها انسحبت حين رأته محاطًا على حصانه بمئات الأتباع. لكنّ محللين آخرين يرون أن تعيين فضل الله زعيمًا لطالبان كان خيارًا مفاجئًا، لأن قائدي طالبان باكستان السابقين كانا كلاهما من عائلة محسود القوية. لكن سطوة فضل الله داخل طالبان الباكستانية كانت ظاهرة منذ سنوات. كما يحتفظ فضل الله بعلاقات متينة مع طالبان الافغانية والجماعات المسلحة الأخرى في افغانستان.
وقال شهيد في اتصال هاتفي مع صحيفة واشنطن بوست إن هدف الحركة من اختيار فضل الله هو تأكيد استمرار العمل المسلح ضد حكومة اسلام آباد، رغم الجهود التي يبذلها رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف لاجراء محادثات سلام معها.
مطلوب في 104 جرائم
كان فضل الله، الذي يُعتقد أنه يعيش في المناطق الشرقية من أفغانستان، قائد طالبان في منطقة وادي سوات خلال الفترة من 2007 إلى 2009. وهو مطلوب بتهمة ارتكاب 104 جرائم في وادي سوات، لكنه استطاع الافلات من ملاحقة قوى الأمن الباكستانية وقوات حلف الأطلسي في افغانستان، ومن اجهزة الاستخبارات الاميركية في المنطقة، رغم العديد من التقارير الكاذبة عن مقتله في غارة طائرة اميركية من دون طيار.
وأمر فضل الله العام الماضي بإعدام ملالا، التي كانت في الخامسة عشرة وقتذاك، بعد أن انتقدت محاولات طالبان منع تعليم البنات في المدارس. وفي تشرين الأول (اكتوبر) الماضي أكد فضل الله في شريط مصور مسؤوليته عن اغتيال جنرال باكستاني وضابطين آخرين في هجوم قرب الحدود الافغانية.
ولم يصدر تعليق من حكومة اسلام آباد أو قيادة الجيش الباكستاني على تعيين فضل الله زعيمًا لطالبان أمس الخميس، لكن محللين قالوا إن اختياره يشكل ضربة موجعة لمساعي نواز شريف الرامية إلى فتح حوار مع طالبان. وكانت هذه المساعي توقفت منذ مقتل محسود يوم الجمعة الماضي. وقال المحلل سيف الله محسود، من مركز فاتا للأبحاث في اسلام آباد: quot;إن فضل الله رجل بالغ الخطورة من وجهة نظر السلطات الباكستانية، وهو بقتله الجنرال الباكستاني والهجمات التي ينفذها عبر الحدود يؤكد أنه المكروه الأول من جانب الجيش الباكستانيquot;.
مصدر قلق
يُطلق على فضل الله الذي يُقدر بأنه في اواخر الثلاثينات من العمر لقب quot;ملا راديوquot;، لأنه كثيرًا ما يستخدم الراديو لإيصال رسائله. وهو نشأ قرب منطقة منغورا في وادي سوات، واصبح من اتباع صوفي محمدن الزعيم المعتقل لجماعة تحريك إنفاذ الشريعة المحمدية، وتزوج لاحقًا من ابنته. وقال مسؤولون في وادي سوات إن فضل الله أخذ آلاف الشبان معه إلى باكستان للقتال ضد قوات الأطلسي، بعد سقوط حكم طالبان هناك أواخر العام 2001. وفي العام 2002، عاد إلى وادي سوات حيث ساعد في بناء مدرسة دينية، وأطلق محطة إذاعية محلية كان يستخدمها لتوجيه الخطب وجمع التبرعات من خلالها. وقال رجل من سكان وادي سوات في اتصال هاتفي مع صحيفة واشنطن بوست: quot;كانت النساء يتبرعن بمصوغاتهن الذهبية لفضل اللهquot;.
وبعد عملية الجيش الباكستاني في وادي سوات في العام 2009، هرب فضل الله إلى افغانستان، حيث أصبح مصدر قلق لأجهزة الاستخبارات الاميركية وقادة قوات الأطلسي والاستخبارات الباكستانية مع قدرته وقادة طالبان الآخرين على التنقل بين باكستان وافغانستان. وقال المحلل العسكري الباكستاني حسن عسكري رضوي أن هذه المخاوف تعاظمت بتعيين فضل الله زعيم طالبان باكستان، مضيفًا أن اختياره قد يكون عبور خط احمر.
وقال زبير توروالي، المدير التنفيذي لمعهد التربية والتنمية في وادي سوات، إن فضل الله من أشد المتطرفين قسوة، quot;وهو يعرف السكان في المنطقة، ولهذا السبب يخافونهquot;.