كانت الخطة أن يفجّر الأول نفسه بالبوابة فيفتحها ليقتحم الثاني حرم السفارة ويفجّرها من الداخل. نجح الأول، وفشل الثاني. نجا السفير الإيراني من الموت، وتوفي الملحق الثقافي متأثرًا بجروحه.


لوانا خوري من بيروت: لا مطر في بيروت، ولا ما ينبئ بأن هذا اليوم، الاثنين، الذي يكرهه الجميع، سيكون مختلفًا عن أيام أخر. وحدها معلومات شبه موثقة وصلت إلى الأجهزة الأمنية قبل أيام تنذر بأن أحمد السويدي، المطلوب السعودي، والمنتمي إلى كتائب عبدالله عزام، يحضّر لعمل إرهابي، يستهدف مقرًا ديبلوماسيًا مواليًا للنظام السوري في لبنان، من أجل الضغط على حزب الله للانسحاب من الميدان السوري.

كانت هذه تنبيهات مستندة إلى عمليات تنصت على إسلاميين ناشطين في مخيمات فلسطينية، لكن أحدًا لم يظن أن المستهدف هي السفارة الإيرانية في بيروت.

المرحلة الأولى
في الساعة التاسعة و49 دقيقة، كان رجلان مزنَّران بحزامين ناسفين يستقلان سيارة رباعية الدفع من طراز شيفروليه ترايل بلايزر، على بعد 30 مترًا من باب السفارة الخارجي، أي باب سورها، الذي يبعد عن المبنى نحو 75 مترًا.

ترجّل الانتحاري الأول، وتوجّه إلى مدخل السفارة واثق الخطوة، وفي رأسه الخطة محكمة: يفجّر المدخل بمن حضر، ليفتح ثغرة في السور تتيح لرفيق جهاده الانتحاري الثاني الدخول إلى داخل حرم السفارة ليفجّرها بمن فيها.

إقترب من الحرس متعجلًا، فأثار انتباههم، فعاجلوه بطلقات نارية لم تكن كافية ليزيح إصبعه عن الزناد، ففجّر نفسه، بينما كان الثاني يقود السيارة منتظرًا صوت الانفجار لينفذ المرحلة الثانية من الخطة.

تدخل فارس
بفارق أربع دقائق، على ما تنقله تقارير صحافية عن مصادر أمنية لبنانية مطلعة، وصل الانتحاري الثاني بسيارته إلى الشارع الأساس، ففوجئ بوجود شاحنة صغيرة محمّلة بقوارير مياه، أوقفها سائقها فجأة وسط الطريق عندما سمع دوي الانفجار الأول. كان بعيدًا أمتارًا قليلة عن مدخل السفارة الخارجي. حال ذلك دون إكمال quot;انتحاري الشيفروليهquot; طريقه نحو هدفه.

حينها، كان رضوان فارس، اللبناني المسؤول عن أمن السفارة، قد انتبه إلى محاولة الرجل المناورة بسيارته خلف شاحنة المياه، فشهر سلاحه مع خمسة من حرّاس السفارة، وأطلقوا النار على السائق، ما أرغمه على تفجير نفسه بعبوة تفوق زنتها 50 كيلوغرامًا، قرب مبنى يقطنه إيرانيون عاملون في السفارة. فقتل فارس وثلاثة من مرافقيه.

بانتظار السفير
في هذه الأثناء، كان الشيخ إبراهيم الأنصاري، الملحق الثقافي في السفارة الإيرانية في بيروت، ينتظر السفير غضنفر ركن أبادي في سيارته، إذ كانا متوجّهين معًا للقاء غابي ليون، وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال.

تأخّر السفير قليلًا، أو سبقه القدر إلى الأنصاري. فقد كان السفير يتعجّل لمغادرة مكتبه حين دوّى الانفجار الأول، فعاد إلى مبنى السفارة، بينما بقي الأنصاري خارجها منتظرًا، ليأتيه الموت على عجل.

تواتر خبر نجاة ركن أبادي في تقارير صحافية عديدة، من دون أي تأكيد أو نفي من الخارجية الإيرانية، إلا أن صحيفة لوبوان الفرنسية أكدت الخبر صباح اليوم الأربعاء. ونقلت عن دبلوماسي إيراني رفض الكشف عن اسمه قوله إن الأنصاري أصيب بجروح بالغة بسبب الانفجار الأول، وما لبث أن فارق الحياة.