التفّت شبكة التحقيق في الفساد في تركيا على عنق أردوغان أكثر فأكثر، مع توقيف كبار حلفائه من رجال الأعمال، على رأسهم علي آغا أوغلو، ملك القطاع العقاري.


أوقع التحقيق في الفساد الذي هز حكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في شباكه عددًا من كبار حلفائه وشركائه، بينهم أبناء وزراء ومدراء مصارف ورؤساء شركات عملاقة. لكن ابرز الوجوه التي اصطادها التحقيق بارون الصناعة الانشائية علي آغا أوغلو، الذي يلقب نفسه بـ quot;ملك القطاع العقاريquot;.

صراع مكشوف

كان رئيس مجموعة آغا اوغلو غروب، وهي من أكبر الشركات الانشائية في تركيا، بين ما يربو على 50 شخصًا أُلقي القبض عليهم في مداهمات نُفذت في اسطنبول، بتهم المحسوبية والفساد وتبييض الأموال. وقالت شركة آغا اوغلو القابضة إن افراد الشرطة فتشوا مكاتبها في اسطنبول ساعتين، من دون أن يعثروا على أي شيء مريب.

ويأتي اعتقال آغا اوغلو وسط صراع اصبح مكشوفًا داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة اردوغان من جهة وبين الحزب وانصار حركة quot;حزمتquot; بزعامة رجل الدين فتح الله غولين، المقيم في الولايات المتحدة، من جهة الأخرى. وكانت حركة غولين ساعدت الحزب على بسط هيمنته على السياسة التركية طيلة أكثر من عشر سنوات، لكن محللين يقولون إنها كانت تتمتع بنفوذ داخل الحكومة مقابل ذلك.

وشهد الخميس إقالة مسؤولين وقادة شرطة كبار، أو نقلهم إلى وظائف أخرى، في محاولة من الحكومة لتطويق تداعيات التحقيق وما ألحقه من ضرر بسمعة حزب العدالة والتنمية وزعيمه. واعلن اردوغان أن التحقيق في قضايا الفساد يشكل محورًا في مؤامرة داخلية لإسقاط حكومته، متوعدًا بالرد.

بلا رقيب

وقال محللون إن اعتقال آغا اوغلو ذو دلالة رمزية عميقة، لأنه يمثل طبقة جديدة من الأثرياء الذين ارتبط ظهورهم بعهد اردوغان وحزب العدالة والتنمية. وكثيرًا ما كان آغا اوغلو يظهر على شاشة التلفزيون لترويج أعماله، ويعتبر من المقربين من حكومة اردوغان.

وتعرضت حكومة أردوغان إلى انتقادات واسعة من معلقين ونواب المعارضة لارتباطاتها الوثيق بالصناعة الانشائية. وبحسب فوربس، جمع آغا اوغلو ثروة حجمها 2.7 مليار دولار، وظفر بعقود لبناء أكثر من 30 ألف وحدة سكنية. وخلال الحملة الانتخابية في العام 2011، اعلن أردوغان أن آغا اوغلو قادر على بناء مدن فاخرة في تركيا، لتخفيف ضغط المهاجرين على اسطنبول وغيرها من المدن الكبيرة.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن الكاتب الاميركي اندرو فينكل، الذي يعيش في تركيا منذ أكثر من 20 عامًا، قوله إن آغا اوغلو مسؤول عن بناء مساحات واسعة من اسطنبول بطريقة يعتقد كثيرون إنها كانت بلا حسيب ولا رقيب. واشار فينكل إلى أن أنشطة آغا اوغلو ساهمت في تفجير الاحتجاجات التي شهدتها تركيا في الصيف الماضي.

مهندس الحياة

وكانت موجة الاحتجاجات التي اجتاحت تركيا في حزيران (يونيو) الماضي بدأت بتظاهرة لمنع بناء مشاريع عقارية في حديقة غازي العامة في ميدان تقسيم في اسطنبول. وأجبرت الاحتجاجات، التي أنزلت ملايين الاتراك إلى الشوارع في المدن التركية وأسفرت عن مقتل ستة اشخاص، حكومة اردوغان على التراجع عن مشاريعها.

وأثار آغا اوغلو غضب المدافعين عن البيئة وقطاعات واسعة من الاتراك في العام 2012 بمشروع لبناء عمارات سكنية على واحدة من آخر المساحات الخضراء المتبقية في اسطنبول. وظهر في إعلان تلفزيوني بعنوان quot;مهندس الحياةquot; على صهوة حصان أبيض يخترق الأحراش الخضراء التي قرر محوها وتحويلها إلى علب من الاسمنت.

والمعروف عنه أيضًا بذخه على سيارات السباق والعقارات الفاخرة. كما طالت الاعتقالات المدير العام لشركة املاك كونوت، أكبر الشركات التركية للمشاريع السكنية.