سطر الراحل محمد شطح رسالة إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني، طالبه فيها بتعهد حياد لبنان في الأزمة السورية. لكن القاتل عاجله بسيارة مفخخة قبل أن يضمّنها تواقيع نيابية لبنانية، وأن يرسلها رسميًا إلى طهران.


سطروزير المالية اللبناني السابق محمد شطح، الذي كان مرشحًا لتولي رئاسة الحكومة اللبنانية قبل اغتياله في 27 كانون الأول (ديسمبر)، رسالة، الاسبوع الماضي، إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني يطالب فيها طهران بالكف عن التدخل في شؤون لبنان الداخلية.

لم يوصلها

قبل أن يتمكن شطح من إيصال الرسالة إلى الرئيس الإيراني الجديد، قُتل مع ستة آخرين بتفجير سيارة مفخخة وسط بيروت يوم الجمعة الماضي. واسفر الهجوم عن اصابة نحو 50 آخرين بجروح.

لم تعلن جهة مسؤوليتها عن عملية الاغتيال، لكن تغريدة كتبها شطح على تويتر قبل دقائق من اغتياله تقدم مؤشرًا إلى مَنْ لديه مصلحة في قتله. كتب شطح في تغريدته: quot;حزب الله يهول ويضغط لكي يصل إلى ما كان النظام السوري قد فرضه لمدة 15 عاماً : تخلي الدولة له عن دورها وقرارها السيادي في الأمان والسياسة الخارجيةquot;.

وكان شطح في طريقه لحضور اجتماع دعت اليه قيادة تيار 14 آذار، التي تعارض التدخل الإيراني والسوري في لبنان، عندما وقع الهجوم على سيارته. تكتسب رسالة شطح إلى الرئيس الإيراني دلالة أعمق بعد اغتياله، لأنه يتوجه فيها إلى رغبة روحاني المفترضة في أن يسود السلام منطقة الشرق الأوسط. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال، التي نشرت رسالة شطح كاملة، عن نجله عمر قوله إن والده كتبها الاسبوع الماضي، ولكن القتلة لم يتيحوا له فرصة جمع التواقيع عليها في المجلس النيابي اللبناني.

اختبار حقيقي

كتب شطح في رسالته إلى روحاني أن انتخابه رئيسًا في الصيف كان بنظر كثيرين في المنطقة والعالم مؤشرًا إلى أن الشعب الإيراني يريد أن يضع بلده على طريق جديد، طريق الاصلاح والانفتاح والعلاقات السلمية مع العالم. ثم تحدى شطح الرئيس الإيراني أن يحدَّ من دعمه لحزب الله الذي يرى مراقبون أنه اصبح عامل تهديد لاستقرار لبنان نفسه، وأن مطالبته بحق الفيتو على أي حكومة جديدة تُشكل في لبنان أبقاهبلا حكومة منذ قرابة العام.

وجاء في الرسالة أن الاختبار الحقيقي بنظر اللبنانيين وممثليهم ليس توصل إيران إلى اتفاق نهائي مع القوى الغربية بشأن برنامجها النووي، أو نجاحها في اجراء اصلاحات اقتصادية واجتماعية في الداخل، على اهمية هذه الأهداف للعالم والشعب الإيراني، quot;بل إن الاختبار الحقيقي بالنسبة لنا في لبنان هو أن تكون إيران مستعدة بحق لاعتماد نهج جديد في سياساتها تجاه المنطقة، وعلى الأخص تجاه لبنانquot;.

أضاف: quot;إن الحقيقة التي لا مراء فيها هي أن الحرس الثوري الإيراني ما زال يحتفظ بعلاقة عسكرية استراتيجية مع حزب الله، الذي قام الحرس الثوري بدور حاسم في تأسيسه قبل 30 عامًا، واليوم بعد 23 عامًا على انتهاء الحرب الأهلية وحل سائر الميليشيات اللبنانية الأخرى، و13 عامًا على تحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي، ما زال حزب الله يحتفظ بقوة عسكرية مستقلة ومدججة بالسلاح الثقيل خارج سلطة الدولة، ويحدث هذا بدعم ورعاية مباشرة من بلدكمquot;.

غطاء دبلوماسي

تشكل الرسالة اختبارًا آخر لدعوات روحاني السلمية بلجم الحرس الثوري الذي يسلح حزب الله ويرعاه ويدعم جيش النظام السوري بالسلاح والرجال. ويرى محللون أنه من الصعب أن يتحرك حزب الله أو استخبارات النظام السوري لاغتيال شطح من دون علم الحرس الثوري.

وإذا لم يتمكن الرئيس روحاني من السيطرة على الحرس الثوري، فإن كل ما يقوله عن توجهاته السلمية لن يكون سوى غطاء دبلوماسي لأجندة طهران الحقيقية في الهيمنة الاقليمية. وإلى أن يُوضع حد لعربدة الميليشيات التي ترتبط بإيران، فإن اغتيال شطح سيبقى الاعلان الحقيقي عن نيات إيران.

وليس مصادفة أن تُنفذ عملية الاغتيال قرب المكان الذي أُغتيل فيه رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في العام 2005، وقبل أيام على بدء محاكمة أربعة من قياديي حزب الله غيابيًا بتهمة الضلوع في اغتيال الحريري. وما زال المتهمون الأربعة طلقاء بحماية حزب الله منذ صدور قرار الاتهام بحقهم في العام 2011.