وافق الائتلاف السوري المعارض للمرة الأولى على مبدأ الحوار مع النظام، مشددًا في الوقت نفسه على أن أي حوار يجب أن يؤدي إلى تنحّي نظام بشار الأسد، وذلك عشية لقاء روسي أميركي على مستوى عال حول المسألة السورية.


بيروت: تمارس روسيا، وهي من الدول الكبرى القليلة التي تدعم نظام دمشق، والولايات المتحدة التي تدعم المعارضة، منذ أسابيع ضغطًا شديدًا على حلفائهما، لدفعهما نحو حل سياسي بدلاً من الحرب الأهلية التي تفتك بسوريا منذ نحو سنتين.

وكانت المعارضة حتى الآن ترفض قطعًا أي تفاوض قبل تنحّي الرئيس السوري، لكن يمكن استشفاف بعض الليونة في الموقف الصادر عنها الخميس من القاهرة، بموافقتها على فكرة الحوار مع التمسك بفكرة أنه لا بد أن يتناول نهاية quot;النظام بكل أركانه ومرتكزاتهquot;.

يأتي ذلك إثر الإعلان المفاجئ لرئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد معاذ الخطيب بشأن استعداده المشروط quot;كبادرة حسن نيةquot;، quot;للجلوس مباشرة مع ممثلين للنظام السوريquot;، مسجلاً خيبة أمله من الوعود الدولية ورغبته في وقف النزف في بلاده.

ويرى محللون أن المعارضة لن تتخلى عن مطالبتها بتنحّي النظام التي ترددها منذ سنتين، لكنها تدرك أن الحرب لا يمكن أن تنتهي من دون تسوية سياسية. ويقول كريم بيطار، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إيريس) في باريس، إن كلام الخطيب يدل على أنه quot;أخذ علمًا بأن الحل العسكري في هذه المرحلة هو مجرد وهمquot;. وتأتي الضغوط من المجتمع الدولي، كما إنها ناجمة أيضًا عن طول مدة النزاع.

منذ أشهر، ورغم ارتفاع وتيرة التصعيد العسكري على الأرض، لم يحقق أي طرف انتصارات حاسمة، فيما تجاوز عدد قتلى النزاع ستين ألفًا، بحسب الأمم المتحدة، ولجأ حوالى 700 ألف سوري إلى الدول المجاورة. كل ذلك يدفع عددا كبيرا من الناشطين إلى اعتماد موقف أكثر براغماتية.

يؤكد الناشط أبو هشام من حلب (شمال) على صفحته على موقع quot;فايسبوكquot; quot;في هذا الوقت، أية مبادرة لتخفيف آلام الشعب مفيدة جدًا، خصوصًا بعد الإحباط وخيبة الأمل التي نعيشهاquot;. بينما يقول مطر إسماعيل، الناشط من دمشق، إن quot;السياسة فن الممكن، ونحن نثق بشخص الخطيب وبثوريته ووطنيته، ونعرف الضغوط النفسية التي يعيشها من خوفه على مآلات الأمور في ظل الحصار الدولي والتخلي عن الثوار وتبعات ذلك على المدنيينquot;. إلا أنه يؤكد رفض المضي في quot;حرب التحرير التي بدأناها حتى إسقاط النظامquot;.

يرى الأستاذ المحاضر في جامعة أدنبره في إسكتلندا توماس بييريه أن رئيس الائتلاف المعارض quot;تأثر بلا شك بالخطاب الدولي المهيمنquot; الذي يرفض تقديم أي مساعدة عسكرية للمعارضة، والذي يدفع نحو حل دبلوماسي.

ستكون سوريا من أبرز الملفات التي سيتناولها المشاركون في المؤتمر حول الأمن الذي يعقد في مدينة ميونيخ في جنوب ألمانيا في نهاية الأسبوع، وسيشارك فيه نائب الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والموفد الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي ورئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد الخطيب.

وتحدث ناطق باسم المعارضة السورية عن حل quot;بدأ يتبلورquot; من دون الدخول في التفاصيل. ويقول بيطار quot;وحده اتفاق روسي أميركي من شأنه أن يفتح باب الحلquot;.

لكن المحللين يشككون في نجاح مفاوضات محتملة. ويقول بيطار quot;أية محادثات سورية سورية محتملة لن تقود إلى شيء، ما دام أي من الطرفين لا يعترف بشرعية الآخرquot;، مضيفًا quot;بالنسبة إلى الأسد، المعارضون هم دمى يحركها الخارج. بالنسبة إلى المعارضة، الأسد سفاح دمويquot;.

وكان الرئيس السوري دعا خلال خطابه الأخير في مطلع كانون الثاني/يناير إلى مؤتمر حوار وطني، مؤكدًا أن السلطات السورية دعت إلى الحوار منذ بدء الأزمة، لكنها لم تجد quot;شريكًاquot;.

ويقول بيطار إن الخطيب، بإعلان استعداده للحوار، يبدي quot;شيئًا من الانفتاحquot;، يمكنه من quot;تحميل النظام مسؤولية رفض التفاوضquot; في ما بعد. ويشير إلى أن اشتراط الخطيب quot;المسبق الإفراج عن 160 ألف سجين يشكل شرطًا كبيرًا جدًا، يعلم جيدًا أن النظام سيرفضهquot;.

الخطيب يؤكد مجددا استعداده للتحاور مع نظام الاسد

أكد رئيس الائتلاف السوري المعارض معاذ الخطيب الجمعة انه مستعد، بشروط ، للتحاور مع نظام الرئيس بشار الاسد، منددا بشدة بquot;صمتquot; المجتمع الدولي ازاء quot;المأساةquot; التي يعيشها السوريون.

وخلال ندوة في المؤتمر الامني في ميونيخ تناولت الوضع في سوريا جدد رئيس الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية موقفه الداعي الى الحوار مع نظام الاسد، وذلك عشية لقائه على هامش المؤتمر الامني هذا كلا من نائب الرئيس الاميركي جو بايدن ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

وقال الخطيب quot;نحن مستعدون للاجتماع مع هذا النظام حول طاولة مفاوضاتquot;، رافضا في الوقت نفسه ان يكون من سيمثل النظام السوري في هذه المفاوضات أشخاصًا quot;ايديهم ملطخة بالدماءquot;.

واضاف quot;علينا ان نستخدم كل الوسائل السلميةquot;.

وأتى تصريح الخطيب غداة إعلانه المفاجئ بانه quot;مستعد للجلوس مباشرة مع ممثلين عن النظام السوري في القاهرة او تونس او اسطنبولquot;، بشرط إطلاق 160 ألف معتقل وتمديد او تجديد جوازات السفر للسوريين الموجودين في الخارج.

وكان جزء من المعارضة سارع الى رفض مبادرة الخطيب، معتبرا انها تتناقض مع مبادئ الائتلاف الرافضة للحوار مع نظام الاسد، غير ان الائتلاف عاد ووافق الجمعة، للمرة الاولى، على مبدأ الحوار مع النظام، مشددا في الوقت نفسه على ان أي حوار يجب ان يؤدي الى تنحي الاسد.

وامام جمع من كبار المسؤولين والدبلوماسيين في ميونيخ انتقد الخطيب بشدة وقوف المجتمع الدولي مكتوف الايدي امام ما يجري منذ 22 شهرا في سوريا من نزاع مسلح بدأ انتفاضة شعبية وتحول حربا اهلية حصدت اكثر من 60 ألف قتيل بحسب الأمم المتحدة.

وقال quot;من غير المقبول ان يقف المجتمع الدولي متفرجا على ما يجري للشعب السوريquot;، مضيفا ان quot;النظام مدعوم من صمت المجتمع الدولي (...) واذا ما استمر هذا الامر فستكون عواقبه وخيمة على المنطقةquot;.

وأوضح الخطيب أنه سيقول لبايدن ان quot;كل ما يمكن فعله لوقف هذه المأساة هو مقبولquot; بالنسبة الى المعارضة السورية، ولا سيما quot;التشويشquot; على الطائرات الحربية السورية quot;لمنعها من قصفquot; السوريين.

وشارك في الندوة ايضا المبعوث الدولي الى سوريا الاخضر الابراهيمي الذي أكد مجددا ان الحل يجب ان يأتي من مجلس الامن الدولي، داعيا الى تشكيل حكومة انتقالية تتمتع quot;بكامل الصلاحيات التنفيذيةquot;.

ومن المقرر ان يلتقي الابراهيمي في ميونيخ السبت كلا من بايدن ولافروف.