بعد أن ضربت الطائرات الحربية الاسرائيلية أهدافًا عديدة على الأراضي السورية، سارع مراقبون إلى القول إنهم يستبعدون ردًا من حزب الله أو ايران. وتشير تحليلات الى أن إسرائيل قصفت لا خوفاً من النظام السوري بل للوقوف بوجه وقوع أسلحة خطيرة في أيادي اسلاميين متطرفين.


ضربت الطائرات الحربية الاسرائيلية عدة أهداف داخل الأراضي السورية يوم الأربعاء بينهم مركز بحوث لإنتاج أسلحة بيولوجية سوِّي مع الأرض، خشية أن يقع بأيدي متطرفين إسلاميين يقاتلون لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، كما أكد مسؤولون استخباراتيون غربيون.

المعلومات تضاربت حول الغارة

وكانت الأنباء تحدثت حتى الآن عن غارتين وسط حشد من التقارير المتضاربة. وقدم النظام السوري شكوى رسمية بشأن تدمير مركز الدراسات والبحوث العلمية في جمرايا شمال غربي دمشق.
وأفادت وسائل اعلام مختلفة أن الطائرات الاسرائيلية قصفت قافلة كانت تنقل منظومات دفاع جوي متطورة، باتجاه سهل البقاع في لبنان من أجل تسليمها إلى حزب الله على ما يُفترض.

الصواريخ تهدد طائرات إسرائيل

وكانت صواريخ أرض ـ جو من طراز أس أي ـ 17، لو وصلت إلى حزب الله، ستهدد الطائرات الاسرائيلية التي تحلق حالياً في أجواء لبنان بمنأى عن دفاعاته الجوية المتواضعة، وتجبرها على التحليق على ارتفاعات أعلى واتخاذ احتياطات أخرى لتفادي خطر هذه الصواريخ.

الضوء الأخضر من واشنطن

وقال مسؤول استخباراتي غربي لمجلة تايم إن هدفين اضافيين آخرين على الأقل قُصفا في الليلة نفسها، دون أن يعطي تفاصيل أخرى. كما قال مسؤولون إن واشنطن أعطت اسرائيل الضوء الأخضر لشن المزيد من مثل هذه الغارات.

الجماعات المتطرفة تقلق اسرائيل

ويرى مراقبون أن حزب الله ليس مبعث القلق الوحيد لإسرائيل ولا حتى الأشد مدعاة للقلق، فإن تفاصيل الضربات الجوية الاسرائيلية تبيّن بوضوح الخطر الذي يشكله مسلحون أصوليون يقاتلون مع فصائل المعارضة السورية المسلحة لاسقاط الأسد. وأن الغالبية الساحقة من هؤلاء الجهاديين هم متطرفون سنة سوريون لكن بينهم أجانب توافدوا للقتال من انحاء العالم الاسلامي.
ويعتنق بعض المقاتلين المنخرطين في مجموعات قتالية لا تحكمها ضوابط صارمة، الايديولوجيا العدمية التي ترتبط بتنظيم القاعدة.

إسرائيل تعتمد خططاً بديلة

وقال الجنرال الاسرائيلي المتقاعد امنون سوفرين الذي كان مسؤولاً رفيعاً في الموساد للصحافيين قبل أيام quot;إذا نجحنا طيلة هذه السنين في ردع السوريين، وكل الدول المجاورة التي تملك أسلحة دمار شامل عن استخدامها، فذلك لأننا نعرف كيف نوصل الرسالة بأن ثمن استخدامها سيكون باهظًاquot;. ثم تساءل سوفرين quot;أي نوع من التهديدات يمكنك أن تضعه في مواجهة منظمة ارهابية؟quot;
بكلمات أخرى، قد يكون من الأسهل مواجهة المشكلة من الجانب الآخر، بتدمير الأسلحة التي تخشى اسرائيل وقوعها بأيدي مثل هذه المنظمات.

الأسلحة الكيميائية والبيولوجية مبعث قلق

وكانت بين المباني التي سُويت مع الأرض في جمرايا مستودعات خُزنت فيها معدات تُستخدم في الاسلحة الكيمياوية والبيولوجية. وتعد المختبرات المختصة بالحرب البيولوجية مبعث قلق خاص، نظرًا للأضرار التي يمكن أن تلحقها حتى كميات صغيرة من العناصر البيولوجية من جهة، والاهتمام الذي أبداه أيمن الظواهري وريث بن لادن في قيادة تنظيم القاعدة، بالحصول على مثل هذه المواد من الجهة الأخرى.
ولم يُحدد فصيل بعينه على أنه يهدد بالسيطرة على المجمع. وقال مسؤولون استخباراتيون إن مبعث القلق هو تسرب أسلحة غير تقليدية إلى متطرفين في الفوضى السائدة على جانب المعارضة المسلحة، بحسب تعبيرهم.
ونقلت مجلة تايم عن أحد هؤلاء المسؤولين الاستخباراتيين الغربيين أن القوات الأميركية كانت على أهبة الاستعداد لشن غارات جوية في محيط حلب، إذا هدد مقاتلو المعارضة المسلحة بالسيطرة على مواقع ترتبط بأسلحة دمار شامل في تلك المنطقة.

واعتبر الجنرال الاسرائيلي المتقاعد سوفرين إن ذلك أمر منطقي. وقال للصحافيين في القدس يوم الأربعاء: quot;على العالم أن يقلق من امكانية وقوع اسلحة كيميائية بأيدي هذه المنظمات، لأننا لسنا الهدف الوحيد في الشرق الأوسطquot;. واعاد سوفرين التذكير بعام 1983 والهجوم على مشاة البحرية الأميركيين في بيروت قائلاً quot;إن 241 شخصًا قُتلوا على الأرض اللبنانية لأنهم كانوا أميركيين، غرباءquot;.
ورغم عدم تدخل أي دولة تدخلاً مباشراً في الحرب الأهلية السورية فإن حكومات غربية كانت ترصد ترسانة النظام السوري من أسلحة الدمار الشامل، حتى قبل تحول الإحتجاجات السلمية في الشوارع، بعد رد الأسد الوحشي عليها، إلى حركة مسلحة أسفرت مواجهاتها مع قوات النظام عن مقتل 60 الف شخص حتى الآن. ولكن اسرائيل وواشنطن عملتا بصورة وثيقة منذ البداية، وخاصة في الأسابيع الأخيرة. وعندما بدأت الطائرات الاسرائيلية هجومها ليل الأربعاء كان رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية اللواء افيف كوتشافي يقوم بزيارة عمل إلى البنتاغون.
وكانت حدة التوتر آخذة في التصاعد وقتذاك، إذ بدأ الاسبوع بأنباء قالت إن اسرائيل قامت بتحريك بطاريتين من منظومة quot;القبة الحديديةquot;، لحماية المدن الواقعة في شمال اسرائيل قبالة الحدود اللبنانية. وتحدث رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بلهجة استعجال خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته التي سيعاد تشكيلها بائتلاف جديد بعد انتخابات 22 كانون الثاني (يناير). وقال نتنياهو quot;إن الأسلحة في سوريا لا تنتظر تشكيل حكومتناquot;.

حزب الله والأسد وإيران لن يخاطروا بفتح جبهة مع إسرائيل

ولكن بعد الغارات الجوية صدرت الصحف الاسرائيلية زاخرة بالتقارير التي تطمئن الاسرائيليين إلى أن احتمالات الرد العسكري على هذه الغارات احتمالات ضئيلة. فان الأسد وحزب الله وعرابتهما إيران منشغلون كلهم في محاولة إنقاذ النظام السوري ولن يخاطروا بفتح جبهة جديدة. ولعل هذا هو السبب في أن رد فعل النظام السوري في البداية اقتصر على تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، وبالمفردات الدبلوماسية فإن المجتمع الدولي يكون ميالاً إلى التساهل مع ضربات دقيقة، تُوجه باسم الحيلولة دون انتشار أسلحة الدمار الشامل، وخاصة حين لا يُعترف بها جهارًا. واسرائيل حتى الآن لم تعترف رسميًا بتدمير المفاعل النووي السوري عام 2007.
وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ للبي بي سي يوم الخميس، إنه لن يدين اسرائيل أو ينتقدها بعجالة quot;إذ قد تكون هناك أشياء عديدة لا نعرفها أو لا تعرفها الجامعة العربية أو روسياquot;.

اسرائيل تتخذ تدابير حماية

في غضون ذلك سارع المسؤولون الاسرائيليون إلى تعزيز الحراسات في سفارات اسرائيل وغيرها من الأهداف المحتملة في الخارج مشيرين إلى سجل حزب الله في محاولة الرد بهجمات ارهابية. ونسب هجوم الجمعة على السفارة الاميركية في انقرة إلى جماعة يسارية تركية متطرفة ولكنه تصدر عناوين الصحف الصادرة بالعبرية بسرعة استثنائية مدفوعة في جانب منها بتوجسات جديدة.