ما زالت ظاهرة الاغتصاب الجماعي في التحرير تثير الصخب إذ اتهمت القوى النسائية المعارضة بالصمت خوفًا من تراجع عدد الحشود، والاخوان بالتورط لحثّ النساء على ترك ميادين الثورة.

القاهرة: تتواصل ردود الفعل المحلية والدولية على قضية الإغتصاب الجماعي للنساء في ميدان التحرير، التي كان موقع quot;إيلافquot; سبّاقًا في الإنفراد بها، وأطلقت منظمات نسائية مبادرات للتأهيل النفسي للضحايا، بينما حث آخرون الضحايا المجهولين للتحدث وعدم السكوت على ما ارتكب بحقهم من أفعال مجرمة قانونيًا.
واتهمت ناشطات مصريات السلطة بالمسؤولية عمّا يقع للنساء من عمليات اغتصاب أو تحرش جماعي في ميدان التحرير، وشتى الميادين والشوارع، لإجبارهن على عدم المشاركة في الإحتجاجات المتصاعدة ضد حكم الإخوان.
كما أدنّ صمت القوى السياسية على تلك الجريمة، بحجة عدم تلويث ثوب الثورة. فيما رفض ضابط شرطة تحرير شكوى لصالح صحافية مصرية تحرش بها بلطجي في الميدان، وقال لها: quot;الشرطة لا تتعامل مع القادمين من ميدان التحريرquot;.
قوى صامتة
قال عادل رمضان، الناشط في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن القضية صادمة جدًا للمجتمع المصري إلا أنّ رد الفعل لم يكن على مستوى الحدث، خصوصًا من التيارات السياسية والثورية، أو من السلطة ممثلة في جماعة الإخوان المسلمين.
وأوضح رمضان لـquot;إيلافquot; أن السبب في ذلك يرجع إلى أن المجتمع يخشى من مواجهة أمراضه ويميل إلى دفن رأسه في الرمال، خصوصًا في التعامل مع قضايا المرأة التي تمسّ الشرف والعرض، أو الحقوق السياسية والإجتماعية، مشيرًا إلى أن هذه الأزمة تصاعدت مع وصول التيار الإسلامي المتشدد للحكم في مصر بعد الثورة.
وانتقد رمضان عدم اهتمام القوى السياسية والثورية بالأزمة، التي وصل صداها إلى المجتمع الدولي، quot;لأن تلك القوى لا تضع المرأة وهمومها على رأس أولوياتها، وهي لم تتحرك بالشكل الكافي، لأنها تخشى من التأثير السلبي للقضية على قدرتها على الحشد ضد الإخوانquot;.
ولفت إلى أن جرأة الجناة ليست عادية، ما يؤشر إلى أنها نابعة من أمور عدة ، كغياب القانون وغياب سلطة الدولة، أو على الأقل تساهلها في التعامل مع تلك النوعية من الجرائم، لأنها تساهم في تقليل الإقبال على التظاهرات ضدها.
بتروحي هناك ليه؟
في السياق ذاته، قالت صحافية مصرية لـquot;إيلافquot; إن بلطجيًا تحرش بها في ميدان التحرير، وانتزع منها هاتفها النقال.
أضافت الصحافية، التي رفضت ذكر اسمها، أنها لجأت إلى قسم الشرطة، لتحرير شكوى ضد هذا البلطجي، quot;لكن الشرطة رفضت طلبي، وقال لي الضابط المسؤول (إحنا لا نتعامل مع بتوع التحرير، إنت بتروحي هناك ليه؟ الميدان دلوقتي بقى مليان بالبلطجية والمسجلين خطر)quot;.
اضافت: quot;وتابع الشرطي: (إحنا منقدرش نقبض على أي حد منهم، لأن البلطجية بيتحولوا ثوار، وبيتهمونا إننا بنقبض على الثوار وبنعذبهم، إنتم مع نفسكم، إحنا ملناش دعوة بيكم)، مصرًا على أن لا يحرر أي محضر بواقعة التحرشquot;.
السلطة متواطئة
اكتفت الدكتورة ماجدة عدلي، مديرة مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، بتحميل السلطة المسؤولية كاملة عن عمليات الإغتصاب الجماعي في ميدان التحرير.
وقالت لـquot;إيلافquot;: quot;الصمت على تلك الجريمة وعدم التحقيق فيها أو تقديم الجناة للمحاكمة يؤكد أن السلطة متورطة فيها، وليست متواطئة فقط، والمنهجية التي تجري بها عمليات الإغتصاب الجماعي والطابع الإنتقامي والوحشي يؤكد أنها ليست عمليات يقوم بها أفراد بغرض الإشباع الجنسي، ولكن بغرض الإنتقام من المرأة وحملها على عدم المشاركة في أي فعاليات إحتجاجية وإخراجها من المشهد السياسي ككلquot;.
وأشارت عدلي إلى أن المجتمع بدأ في التحرك، ولا سيما أن وسائل الإعلام تناولت تلك القضية بكثير من العرض.
تخاذل الجميع
ووفقًا لوجهة نظر الناشطة داليا عبد الحميد، مسؤولية برنامج الدفاع عن حقوق النساء، الجميع في مصر متخاذل في ما يخص القيام بواجبه حيال أزمة الإغتصاب الجماعي للنساء في ميدان التحرير.
وأضافت عبد الحميد لـquot;إيلافquot;: quot;لم تكن تلك الجريمة لتتم بهذه الطريقة الممنهجة لولا صمت السلطة عليها، ما يوحي للجناة بأن السلطة تسمح لهم بتلك الممارسةquot;.
وأشارت إلى أن ما يحدث لا يمكن التعامل معه بانفصال عمّا يجري من عمليات عقاب جماعي للنساء لحملهن على عدم المشاركة في الثورة.
ولفتت إلى ان الرجال يتعرضون للضرب وإطلاق الرصاص عليهم والإعتقال، quot;والنساء يتعرضن لكل ذلك بالإضافة إلى الإغتصاب وعمليات الإذلال الجنسي، لكسر عينهم، فالمرأة تدفع ثمن وقوفها مع الثورة أضعاف ما يدفعه الرجل، ولا تحصل على حقوقها، في ظل صمت الأجهزة الرسمية والقوى السياسية حيال ما يرتكب بحقها من جرائمquot;.