يبدأ في منتصف الأسبوع الحالي عقد جلسة جديدة من الحوار الوطني برعاية الرئاسة، وسط الحديث عن فشل مبادرة حزب النور السلفي، التي علّق القائمون على الحوار الوطني في قصر الاتحادية آمالًا كبيرة في شأنها من أجل نجاح الحوار وحضور جبهة الإنقاذ الجلسات في قصر الاتحادية.


أحمد حسن من القاهرة: أرجع المتابعون للمشهد السياسي في مصر سبب فشل مبادرة حزب النور إلى رفض الرئاسة وحزب الحرية والعدالة إقالة الحكومة والنائب العام، إلى جانب اعتراض جبهة الإنقاذ على أي حوار وسط سقوط عشرات الضحايا في المظاهرات ضد النظام. الأمر الآخر المهم هو رفض التيارات السلفية والجماعات الإسلامية مبادرة حزب النور والحوار مع جبهة الإنقاذ.

النور أجهض المبادرة
من جانبه أوضح الدكتور مدحت حماد، الخبير في الشأن السياسي، أن القائمين على حزب النور هم وراء فشل المبادرة ودخولها الأدراج، مثل مبادرات أخرى، صدرت من أحزاب وتيارات سياسية، ولم يتمخض عنها شيء، فانطوى أمل التوافق السياسي ونبذ العنف، على الرغم من الترحيب الشعبي والسياسي من قبل المعارضة بالمبادرة.

أرجع سبب ذلك إلى أن قيادات حزب النور تراجعت عن الدفاع عمّا جاء في المبادرة، وخاصة النقاط المتعلقة بإقالة الحكومة، وتعيين حكومة إنقاذ وطني، وكذلك إقالة النائب العام، ولم يستطع الحزب مواجهة الهجمات والانتقادات ضد المبادرة التي خرجت من التيارات السلفية والجماعات الإسلامية؛ مما ترتب عليه تراجع رئيس حزب النور عمّا جاء في المبادرة، بل قام بمهاجمة جبهة الإنقاذ، رغم أنه هو الذي طالب بالحوار معها، ثم أكد أن إقالة الحكومة والنائب العام، التي جاءت بالمبادرة، غير ملزمة للرئيس.

راوح مكانك
وأشار حماد إلى أن مؤسسة الرئاسة كانت تضع آمالًا عريضة على تلك المبادرة، قبل بدء جلسة الحوار الوطني في منتصف الأسبوع الحالي، بحيث تكون انفراجة كبيرة لنجاح الجلسات، بحضور جبهة الإنقاذ، وبالتالي العمل على عودة الهدوء مرة أخرى إلى الشارع.

وأضاف quot;لكن المؤشرات تؤكد على أن الوضع سوف يبقى على ما هو عليه في الجلسة المقبلة للحوار، عبر رفض جبهة الإنقاذ الحضور، وسط سقوط عشرات الشهداء، وسحل المواطنين أمام قصر الاتحادية، وخروج بيان من الرئاسة يرفض إقالة الحكومة والنائب العام، وهما المطلبان الأساسيان للمعارضة كشرط للحوار.

الإخوان والنور غير جادين
حمّل الدكتور حماد الرئيس محمد مرسي وحزب الحرية والعدالة مسؤولية فشل مبادرة حزب النور، بعد التعامل معها بجدية والتشجيع على نجاحها، وأضاف quot;لكن رأينا تجاهلًا من الإخوان تجاه المبادرة، ولم تساندها مؤسسة الرئاسة عبر تنفيذ ما جاء فيها، وخاصة البند المتعلق بإقالة الحكومة والنائب العام، أو تنفيذ أحد المطلبين كنوع من إظهار حسن النوايا.

وعلق الدكتور عبد الجليل مصطفى، عضو جبهة الإنقاذ الوطني، على مبادرة حزب النور، قائلًا لـquot;إيلافquot;: إن الجبهة رحّبت بالمبادرة، لكونها تعمل على تحقيق بعض مطالب الجبهة والشعب؛ ولذلك كانت الموافقة على الحوار حولها مع حزب النور، إلا أننا فوجئنا بأن المسؤولين عن الحزب طرحوا المبادرة، وفي اعتقادهم أنه ليس شرطًا تنفيذ كل ما جاء فيها. فأثناء الحوار وجدنا عدم سعي نحو إقالة الحكومة والنائب العام، بل كانوا يعترفون بأنه جاء بصفة شرعية وقانونية، وبالتالي كان من غير المعقول الوصول إلى آمال كبيرة تجاه المبادرة وقدرتها على حل الأزمة السياسية.

الجبهة ترحّب
وأضاف: إن الجبهة ترحّب بأية مبادرة، شرط أن يكون هناك استعداد من جانب الحزب الحاكم والرئاسة لتنفيذ ما جاء فيها، وإلا تحولت تلك المبادرات إلى ما يشبه الحوار الوطني الفاشل.

ورفض الدكتور عبد الجليل مصطفى الاتهامات الموجّهة الآن إلى الجبهة بأنها وراء فشل مبادرة النور والأزهر بالدعوة إلى الخروج في مظاهرات ضد سياسة الرئيس وجماعته، مؤكدًا أن مرسي وجماعته هما المسؤولان عن فشل مبادرة حزب النور عبر انتهاك كرامة الإنسان وسحل المواطنين أمام قصر الاتحادية، وكذلك قتل المتظاهرين، والإصرار على بقاء الحكومة الفاشلة.

لم تفشل بعد
من جانبه أكد الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور السلفي، أن المبادرة لم تفشل بعد، وهناك جلسات حوار مع مختلف الأحزاب الإسلامية والمدنية حولها، وقد تكون تطورات الأحداث السياسية وخروج المظاهرات عن السلمية سبب إحساس البعض بفشل المبادرة.

الإقالة خيار شخصي
وقال لـquot;إيلافquot;: إن الحزب طرح المبادرة من أجل الخروج من الأزمة السياسية الحالية، التي سوف تؤدي إلى هلاك الجميع، وعند طرحنا للمبادرة، تكون غير ملزمة للرئيس لتنفيذها، ولكن هناك حوارًا حولها للوصول إلى أفضل النتائج، وهذا هو منطق أي مبادرة للحل؛ ولذلك رأينا في حزب النور أن إقالة الحكومة مطلب شعبي، ولكن القرار يبقى للرئيس، وبالنسبة إلى النائب العام فالحزب يرى أن طريقة تعيين المستشار طلعت عبد الله جاءت بالقانون والدستور، ولا يحق الرئيس إقالته، ومطالب حزب النور هي أن يقدّم النائب العام باختياره الشخصي الاستقالة لحلّ الأزمة، وأن يتم تعيين نائب جديد وفقًا للدستور الجديد.

لا تحالف مع المعارضة
وأوضح الدكتور مخيون أن جبهة الإنقاذ هي التي طالبت بالحوار حول المبادرة مع حزب النور، وقد حقق اللقاء بعض النتائج المتعلقة بنبذ العنف وضرورة الحوار الوطني والمشاركة السياسية، ولكن الخلاف كان يدور حول إقالة الحكومة والنائب العام، حيث إن الجبهة ترى ذلك ملزمًا للرئيس؛ لذلك فهي الوحيدة التي تتحمل مسؤولية فشل المبادرة، واستخدام العنف المتزايد أمام قصر الاتحادية، وقتل المتظاهرين، ورفض الحوار الوطني مع مؤسسة الرئاسة.

وانتقد مخيون الانتقادات التي وجّهت إلى المبادرة من جانب بعض التيارات السلفية والإسلامية، مؤكدًا أن الحوار مع جبهة الإنقاذ بعيد كل البعد عن شق الصف الإسلامي، وحزب النور لن يتحالف مع الجبهة أو أي حزب مدني.