رأى خبراء إسرائيليون أن زيارة محمود أحمدي نجاد للقاهرة ستقلص فرص نجاح الاخوان المسلمين في الانتخابات النيابية القادمة، وتنذر بعواقب وخيمة على مستقبل مرسي في حكم البلاد.


القاهرة: فتحت زيارة الرئيس الايراني للقاهرة جراحاً سياسية وربما أمنية لم تندمل على المستويين الاقليمي والدولي.

وبات هذا السخط واضحاً في لغة الخطاب السياسي الاسرائيلي، فالرئيس مرسي نتاج ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني (يناير)، سمح لزعيم دولة تضعها تل ابيب في صدارة الدول المعادية بزيارة مصر، كما ابدى وزراء حكومته المحسوبة على جماعة الاخوان المسلمين، تلهفاً بحسب وصف صحيفة يديعوت احرونوت على التعاون مع الدولة الفارسية سياسياً واقتصادياً.

ردود فعل اميركية

ولم يكن انطباع اسرائيل عن زيارة نجاد للقاهرة، اقل حدة من ردود فعل الادارة الاميركية وربما المجتمع الدولي، الذي يفرض على حكومة طهران عقوبات اقتصادية منذ فترة ليست بالقصيرة، فبدا الرئيس المصري مسؤولاً عن فتح صمام جديد، لخرق العقوبات المفروضة على ايران.

ورأى الخبير الاسرائيلي تسيفي بارئيل في تعاطيه مع اشكالية الزيارة، أن هبوط طائرة الرئيس الايراني والوفد المرافق له في القاهرة، واستعراضه لحرس الشرف على البساط الاحمر بمرافقة الدكتور مرسي، يحمل العديد من المؤشرات التي تنذر بعواقب وخيمة على مستقبل النظام الحاكم.

واضاف بارئيل بحسب صحيفة هاآرتس العبرية: quot;الرئيس مرسي الذي يتعرض في الوقت الراهن لضغوطات عنيفة في الداخل المصري، لم يعد من حقه المغامرة بتصرفات سياسية غير حذرة، تهدد فرص نجاح الاخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية المقبلة، فاستئناف العلاقات مع ايران، يمكنه التحول من اشكالية تتعلق بالخارج المصري الى تهديد لتماسك الجبهات الداخلية في القاهرة، ولن يخدم هذا التحول سوى معارضي النظام الوليد من الليبراليين، وكذلك الحال بالنسبة للحركات السلفية، فضلاً عن تهديده لوحدة صف جماعة الاخوان المسلمين عينهاquot;.

قيادة الجيش المصري

يؤكد بارئيل في تحليلاته لزيارة نجاد للقاهرة، أنها ستُحرّك قيادة الجيش المصري، التيما زالت تتعامل مع كافة الاوضاع السياسية في مصر بصمت مُعلن، فستُدرك تلك القيادة أن التلاقي مع ايران في الوقت الراهن، سيهدد امن البلاد القومي، فإذا ما صحت التسريبات التي تداولتها وسائل اعلام مصرية وعربية مؤخراً، حول طلب وزير الدفاع الفريق اول عبد الفتاح السيسي من الرئيس المصري حل الازمة السياسية في الدولة، وعدم جر الجيش لنشاط شرطي وتأميني، فإن ذلك سيُجبر مرسي على اعادة التفكير اكثر من مرة في مسألة التقارب مع ايران، وتفويت فرصة الرأب الوشيك مع المؤسسة العسكرية.

رغم ذلك ألمحت تقارير نشرها موقع NFC العبري الى أن الصفحة الرئيسية لموقع جماعة الاخوان المسلمين، ابرزت الاربعاء الماضي خبراً يفيد مضمونه، أن وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي تلقى اتصالاً هاتفياً من نظيره الاميركي ليون بانيتا.

ورأت التقارير العبرية التي يكتنفها الجانب التحليلي اكثر من المعلوماتي، أن توقيت الاتصال الذي تزامن مع زيارة احمدي نجاد للقاهرة، وما تعهد به السيسي خلال الاتصال بأن مصر ستعمل باستماتة للحيلولة دون تحول سيناء الى مصدر تهديد لأمن اسرائيل، يؤكد أن تعهدات السيسي واتصال بانيتا لم يكن عبثياً.

فالاتصال الذي تعهد فيه بانيتا هو الآخر بمواصلة التعاون الأمني مع مصر، ومساعدتها على اثراء مؤسستها العسكرية بالسلاح المتطور، جاء في توقيت تعهد الرئيس الايراني احمدي نجاد للقيادة السياسية بتقديم ما يهدّئ خواطر جماعة الاخوان المسلمين والمواطن المصري، كما تعهد نجاد صراحة بالدفاع عن مصر والسعودية حال تعرضهما لاعتداء خارجي.

لفت انظار مرسي

عودة الى الخبير الاسرائيلي تسيبي بارئيل، الذي قال في مقال آخر بصحيفة هاآرتس العبرية، إن الولايات المتحدة لم تكن في حاجة للفت انظار الرئيس مرسي اكثر من ذلك، وابلاغه رسالة واضحة حول رأي وانطباع الولايات المتحدة عن زيارة نجاد للقاهرة، وقلقها من التقارب غير المسبوق بين حكومتي البلدين.

الى ذلك، رأى بارئيل أن اعتراض الولايات المتحدة على استئناف العلاقات المصرية الايرانية، لم يكن فقط رغبة من واشنطن في ممارسة ضغوطات على مصر، أو نتيجة لتلميحات تهديد من السعودية وقطر، خاصة أن الدولتين امدتا القاهرة بمساعدات مالية تربو على 7 مليارات دولار تقريباً، وانما لأن مصر مرسي لا تختلف كثيراً عن مصر مبارك، فهي الدولة التيما زالت ترى في نفسها قائداً للعالم العربي، بينما يتعامل الجميع مع الدولة الفارسية على أنها معادية للسعودية.

كما أن طهران متهمة دائماً باشعال لهيب التيارات الشيعية في البحرين، وتعد الدولة الاكثر تدخلاً ونفوذًا في العراق، فضلاً عن تبنيها لسياسة تثير اجواء من الجدل والخلاف حيال النزاع الدائر في سوريا، ولعل كل ذلك يصب في رفض مصر لمعانقة الدولة quot;المعادية للعربquot;.

وعلى الصعيد ذاته، خالفت ايران اعتدال مصر وغيرها من الدول الاسلامية في مختلف دول العالم، حينما قررت طهران اعدام نشطاء حقوق الانسان، ومعارضي نظام احمدي نجاد في محافظة اهواز، التي تهيمن عليها اكثرية عربية اثنية، كما تقيم في المحافظة عينها اغلبية معتنقي المذهب السني في ايران.

وقبل عدة اسابيع طالب فقهاء الشريعة في مصر بما في ذلك اعضاء جماعة الاخوان المسلمين ايران بالتوقف الفوري عن اعدام ابناء الاقلية السنية، ومنح الاقلية العربية في ايران حقوق المساواة بالآخر بالدولة الفارسية، الا أن ايران رفضت تلك المطالب، واعتبرتها تدخلاً في شؤونها الداخلية.

وتضيف معلومات نشرتها صحيفة هاآرتس الى أن شيخ الازهر الدكتور احمد الطيب، استغل لقاءه بالرئيس الايراني احمد نجاد في القاهرة، واعاد طرح المطالب، وقال صراحة: quot;يجب وقف التغلغل الشيعي في البلاد السنيةquot;، ولعل ذلك اسفر عن خروج اللقاء بنتيجة سلبية، اذ لم يفلح الطرفان في الاعلان عن أن اللقاء جرى في اجواء ودية.