ألقى تقرير نشرته شبكة تلفزيون quot;ايه.بي.سيquot; الأسترالية الضوء مجددًا على قضية سجين أسترالي كان يعمل لمصلحة جهاز المخابرات الإسرائيلي quot;الموسادquot;، والذي توفي أو انتحر في سجن إسرائيلي شديد الحراسة عام 2010.


الرجل الذي كان يعرف سابقاً باسم quot;السجين إكسquot; هو الأسترالي بن زايغير من مدينة ملبورن (34 عامًا)، كان مجنداً من قبل جهاز المخابرات الإسرائيلي، ويخضع لإجراءات سرية تامة، قبل أشهر من وفاته.

بلبلة إسرائيلية وتعتيم إعلامي

بعدما شاعت هذه الأنباء، سادت حالة من الفوضى والتوتر في الأوساط الأسترالية والإسرائيلية على حد سواء، فقال وزير الخارجية الأسترالي بوب كار إن الحكومة لم تصلها معلومات حول اعتقال زايغير، وإن عائلته لم تتصل بالسفارة الأسترالية في تل أبيب للإبلاغ عن الأمر أو طلباً للمساعدة.

بدورها لم تعلق الحكومة الإسرائيلية على هذا التقرير، لكن بعد ساعات من ظهوره، استدعى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رؤساء تحرير الصحف الإسرائيلية ليطلب منهم عدم نشر أخبار من شأنها أن quot;تمثل إحراجاً لإحدى الدوائر الحكومية الإسرائيليةquot;، وذلك وفقاً لصحيفة هآرتس الإسرائيلية.

بعد ذلك بفترة قصيرة، اختفت كل الإشارات الخاصة بهذا التقرير من مواقع الصحف الإسرائيلية، بما فيها صحيفة هآرتس نفسها. ويشار إلى أن الأوامر بعدم النشر غير معتادة في إسرائيل إلى حد كبير، حيث تسمح أجهزة الدولة الرقابية العسكرية لوسائل الإعلام المحلية بنقل الأخبار المثيرة للجدل من مصادر أجنبية أخرى، مثل الأنباء حول هجوم إسرائيلي على سوريا في الشهر الماضي من قبل القوات الجوية الإسرائيلية.

هوية السجين quot;إكسquot; والحراسة المشددة

تقول التقارير إن زايغير انتقل إلى إسرائيل قبل 12 عاماً من وفاته برفقة زوجته الإسرائيلية، وغيّر اسمه إلى بن ألون، وعمل في التجسس لمصلحة جهاز المخابرات الإسرائيلي. وليس من المعروف حتى الآن السبب وراء سجنه، لكن هناك حديث في بعض وسائل الإعلام حول أسباب تتعلق بالتجسس وأسرار حساسة للدولة.

وذكر تقرير quot;ايه.بي.سيquot; أن زايغير كان يخضع لحراسة مشددة وسرية للغاية، حتى إن حراسه لم يكونوا على علم باسمه أو هويته. وعلى الرغم من ذلك برزت في ذلك الحين أنباء عن وجود سجين غامض، وطلبت الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان من الدولة تقديم المزيد من المعلومات.

وكتبت رابطة الحقوق المدنية في إسرائيل في حزيران (يونيو) من العام 2010 أنه quot;من غير المقبول في دولة ديمقراطية أن يكون بوسع السلطات اعتقال أشخاص في سرية تامة وإخفاؤهم من دون أن يعرف الناس حتى بمجرد القبض على هؤلاء الأشخاصquot;.

وحين نشر موقع واي.نت الإسرائيلي عن القضية في الشهر نفسه، أزيل الموضوع على عجل لصدور أمر بمنع النشر.

دفن السجين ولم تدفن أسراره

على الرغم من كثرة التأويلات والتحليلات التي تحدثت بها الصحف الأجنبية عن المرقد الأخير للسجين quot;إكسquot;، إلا أن الغموض لايزال يلفّ وفاته تماماً كسجنه. فتشير إشعارات الدفن من أستراليا إلى أن جثمان زايغير نقل جواً إلى ملبورن في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2010 لدفنه، فيما تشير الأنباء إلى أنه أقدم على الانتحار في سجن أيالون الإسرائيلي.

قضية السجين quot;إكسquot; أحيطت بالكتمان الشديد، وما زالت السلطات الإسرائيلية تحاول إبقاءها على هذه الحال، غير أن بعض الأنباء الصحافية أفادت أنه كان قيد الحبس الانفرادي، وسط كاميرات المراقبة في الزنزانة نفسها التي كان فيها قبل ذلك يغئال عمير، قاتل رئيس الوزراء إسحاق رابين.

وقال معلق موقع quot;والاquot; الإخباري للشؤون الأمنية يوسي ميلمان إن زايغر ووري الثرى في المقبرة اليهودية في مسقط رأسه في مدينة ملبورن في 22 كانون الأول (ديسمبر) 2010، أي بعد انتحاره بأسبوع. وأشار ميلمان إلى أن التحقيق الصحافي الأسترالي لم يكشف النقاب عن الجريمة، التي كان زايغر قد أدين بها، لكنها quot;جريمة خطرة تتعلق بمعلومات حساسة جداًquot;.

وقال معلق صحيفة هآرتس للشؤون الأمنية إمير أورن إن صحافيين من إسرائيل وأستراليا حاولوا في الفترة التي تلت وفاة السجين الاستفسار عن هذه القضية من جهات رسمية وخاصة في البلدين، لكن هذه الجهات التزمت الصمت. ومن بين الجهات المذكورة عائلة السجين ومحامي العائلة، وهو محام جنائي معروف في تل أبيب، وكذلك الجالية اليهودية الأسترالية.

قريباً حقائق ستهز العالم

لكن ما أحيط بكتمان شديد، بدأ يظهر إلى العلن، فالقناة الأسترالية تعتزم الاستمرار في نشر ملابسات القضية وخباياها، وأكدت أن السجين السري هو مواطن أسترالي، وأنها ستنشر قريباً تحقيقاً يهزّ العالم بأسره ويكشف للجميع تفاصيل حول السجين الذي كان محتجزاً في ظروف مشددة للغاية في إسرائيل لتوضح للعالم لماذا قرر الانتحار.

في محاولة لاحتواء السر الذي يتفشى في كل وسائل الإعلام العربية والغربية، سارع مكتب نتنياهو لعقد اجتماع عاجل للجنة رؤساء التحرير في الإعلام الإسرائيلي، بهدف تقدير الموقف وكيفية التعامل مع ما سينشر، وفي الوقت نفسه منع نشر تفاصيل القضية لكونها تلحق ضرراً أمنياً كبيراً بإسرائيل.

مساءلة قانونية واستفسارات

هذا الموضوع كان محط مساءلة في جلسة الكنيست أمس، حيث وجّه عضو الكنيست العربي أحمد الطيبي وكذلك زعيمة حزب ميرتس زهافا جالون العديد من الأسئلة إلى وزير العدل الإسرائيلي ياكوف نيمان حول هذا السجين، وكانت الأسئلة متعلقة بمعرفة الوزارة بوجود هذا السجين، وسبب اعتقاله السري وتزوير شخصيته وأسباب انتحاره، وعمّا إذا كان يوجد سجناء سريون في إسرائيل، خاصة أن القانون يمنع ذلك.

وتساءل النائب الطيبي quot;هذا السجين اعتقل باسم ليس اسمه. هل أنت على علم بذلك؟، هل تؤكد أن هذا المواطن الأسترالي قد انتحر في السجن باسم مستعار من دون الكشف عن أنه كان معتقلاً في إسرائيل؟quot;.

من جهتها سألت غالون عمّا إذا كان quot;من الطبيعي أن يدعو مكتب رئيس الوزراء مسؤولي أبرز وسائل الإعلام الإسرائيلية لتجنب نشر معلومات من شأنها إرباك إسرائيلquot;. بدوره قال وزير العدل إنه ليس في وسعه الرد على كل هذه الأسئلة، لأن quot;وزارة العدل ليست مسؤولة عن السجونquot;.