بينت صور ملتقطة من أقمار إصطناعية لمنشأة نووية أيرانية انبعاث أبخرة تدل على أنها جاهزة للتشغيل وإنتاج الماء الثقيل، كما أن كثافة الدفاعات الجوية حولها تجعلها مريبة.
تعمل ايران على تطوير مسار ثان لبناء قدرتها على انتاج سلاح نووي بتشغيل منشأة تنتج البلوتونيوم، كما تبين صور اقمار اصطناعية كُشفت لأول مرة.
وقالت صحيفة ديلي تلغراف إن بمقدورها أن تميط اللثام عن أنشطة تجري في منشأة ايرانية محروسة حراسة مشددة، مُنع مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية من زيارتها طيلة 18 شهرًا.
وتبين الصور التي التُقطت في وقت سابق من شباط (فبراير) الجاري أن ايران قامت بتفعيل منشأة آراك لانتاج الماء الثقيل، الذي يستخدم لتشغيل مفاعل نووي قادر على انتاج البلوتونيوم، أحد مكونات القنبلة النووية.
وتسجل الصور علامات على نشاط في منشأة آراك، بما في ذلك سحابة بخارية تشير إلى انتاج ماء ثقيل.
معلومات متوافرة
لم يتمكن المفتشون الدوليون من زيارة هذه المنشأة منذ آب (اغسطس) 2011، ورفضت ايران طلبات متكررة قدمتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتزويدها بمعلومات عن المنشأة التي تبعد 240 كلم جنوب غربي العاصمة طهران.
وتوافرت لحكومات غربية وللوكالة الدولية معلومات عن النشاط الذي يجري في منشأة آراك منذ فترة، لكن الصور الحصرية لصحيفة ديلي تلغراف هي الأولى التي تضع أدلة على هذا النشاط في متناول العامة.
وكُشفت تفاصيل البرنامج الايراني لانتاج البلوتونيوم، بالتزامن مع المحادثات التي استأنفتها مجموعة الخمسة زائد واحد مع ايران في كازخستان، لدفعها إلى طمأنة المجتمع الدولي بشأن اهداف برنامجها النووي.
كما تبين الصور الجديدة تفاصيل عن مجمع فوردو المخفي في باطن جبل قرب مدينة قم. وعرضت القوى الكبرى خلال جولة المحادثات يوم الثلاثاء تخفيف العقوبات المفروضة على ايران، مقابل تنازلات بشأن مجمع فوردو المحصن ضد الهجمات الجوية.
مساران لا واحد
تؤكد ايران أن برنامجها النووي ذو اغراض سلمية، لكن الحكومات الغربية تعتقد أن طهران تسعى إلى امتلاك سلاح نووي أو على الأقل القدرة على انتاجه.
وتشكل صورة البخار المتصاعد من منشأة آراك لانتاج الماء الثقيل دليلًا ساطعًا على أن النظام الايراني يتبع أكثر من مسار لتطوير القدرة على انتاج سلاح نووي، بحسب ديلي تلغراف.
وكانت محادثات القوى الكبرى مع ايران بشأن برنامجها النووي تركز في السابق على محاولاتها تخصيب اليورانيوم في منشآت مثل فوردو. لكن الصور الجديدة تسلط ضوء على التقدم الذي حققته ايران في تشغيل منشآت تتيح انتاج البلوتونيوم، وبذلك منح طهران خيارًا آخر لانتاج سلاح نووي.
وقامت اجهزة الاستخبارات الغربية والاسرائيلية بمحاولات سرية لتعطيل برنامج ايران النووي، من خلال أعمال تخريبية. ودعا قادة اسرائيليون إلى المضي أبعد من ذلك في تدمير منشآت ايران النووية من الجو، قبل أن تتمكن من بناء قنبلة.
استيراد التكنولوجيا
تبين صور أخرى أن منشأة آراك محمية بعدد من الصواريخ والمدافع المضادة للطائرات، يزيد عددها عن اي حماية لأي منشأة نووية معروفة أخرى في ايران. وتتركز الدفاعات الصاروخية بكثافة في غرب المنشأة، بوصفه الاتجاه الأرجح الذي ستأتي منه أي طائرات تقطع مسافة طويلة من اسرائيل لضربها. ويتألف مجمع آراك من قسمين هما منشأة لانتاج الماء الثقيل ومفاعل نووي.
وبخلاف منشأة الماء الثقيل، فإن ايران سمحت لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة المفاعل. ولاحظ المفتشون أن انابيب التبريد ودائرة التخفيف كانت منجَزة تقريبًا. وأبلغت ايران الوكالة بأنها ستبدأ تشغيل مفاعل آراك في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2014.
وما زالت ايران تفتقر إلى القدرة على اعادة تصنيع البلوتونيوم واستخدامه في انتاج قنبلة نووية، لكن كوريا الشمالية نجحت في تطوير مثل هذه التكنولوجيا، ويتوقع محللون أن تتمكن ايران ايضًا من امتلاك ناصيتها.
وأشار مارك فيتزباتريك، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الاميركية ويعمل حاليًا في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إلى أن منشأة آراك قد تكون جزء من عملية يمكن أن تدفع الغرب إلى توجيه ضربة عسكرية إلى ايران. اضاف: quot;احد الخيارات المتاحة لايران هو الحصول على التكنولوجيا المطلوبة لاعادة تصنيع البلوتونيوم من كوريا الشمالية، وحينذاك سيثير خيار الضربة العسكرية لمفاعل عامل تعقيدات هائلة بسبب انتشار الإشعاع، والبعض يعتقد أن خط اسرائيل الأحمر للعمل العسكري يأتي قبل تشغيل منشأة آراكquot;.
جاهزة للتشغيل
كلفت ديلي تلغراف شركة تجارية للأقمار الاصطناعية بتصوير منشأة آراك، وسط مخاوف متزايدة من برنامج ايران النووي، فسُجلت الصور في 9 شباط (فبراير) الحالي. وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية المسؤولة عن تفتيش منشآت ايران النووية إن مفتشيها مضطرون للاعتماد على صور مماثلة من الأقمار الاصطناعية لمراقبة منشأة آراك.
وقال ستيوارت راي من شركة مكنزي انتلجنس سيرفيسيس الاستشارية، بعد تحليل صور ديلي تلغراف: quot;البخار يشير إلى أن منشأة الماء الثقيل جاهزة للتشغيل، وحجم الدفاعات الجوية حولها يجعل المنشأة مريبةquot;.
وتوصلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى خلاصة مماثلة بالاستناد إلى تحليلها الخاص للصور، إذ اشارت في تقرير صادر في الاسبوع الماضي إلى إنشاء متواصل في آراك وانتاج الماء الثقيل بنشاط.
ويقدر معهد العلوم والأمن الدولي في الولايات المتحدة أن منشأة الماء الثقيل ستنتج، إذا عملت بكامل طاقتها، نحو 20 رطلًا من البلوتونيوم سنويًا، وهي كمية تكفي لانتاج رأسين نوويين إذا أُعيد تصنيع البلوتونيوم.
التعليقات