تتسلح المعارضة المصرية بالعصيان المدني لنزع الشرعية عن انتخابات البرلمان وربما منع إجرائها في ظل تكهنات بهيمنة إسلامية مطلقة بسبب قرار جبهة الانقاذ بالمقاطعة، وترك الساحة خالية أمام الإسلاميين.

تسعى جبهة الإنقاذ الوطني، التي تعتبر أبرز ائتلافات المعارضة في مصر، إلى نزع الشرعية عن الانتخابات التي من المرجح أن تؤدي إلى تفاقم التوترات في بلد يعيش انقسامات ويعاني اقتصادياً، ومن هذا المنطلق قاطعت الجبهة تلك الانتخابات.
وقالت الجبهة يوم أمس إنها لن تشارك في تلك الانتخابات التي ستقام على مراحل بدءًا من الـ 22 من نيسان/ أبريل القادم، وذلك لتخوفها من الطريقة التي ستجرى بها الانتخابات.
وقال المتحدث باسم الجبهة خالد داوود :quot; لم يؤخذ رأينا بخصوص قانون الانتخابات، كما لم يتم الالتفات لمطالبناquot;. ورأت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية في هذا السياق أن قرار المقاطعة هذا يعني أن البرلمان المقبل سيتألف كله تقريباً من إسلاميين ينتمون إلى مجموعة من التيارات، ما سيفتح الباب على مصراعيه أمام الإخوان والسلفيين لكي يهيمنوا على المجلس المقبل، وبالتالي سيكونون المسؤولين الوحيدين المنوطين بالتعامل مع مشاكل البلاد الاقتصادية والاجتماعية.
وأضافت الصحيفة أن ذلك سيصعب على أي حكومة إمكانية فرض تدابير تقشف لازمة لإصلاح الاقتصاد وتأمين الحصول على ذلك القرض المهم من صندوق النقد الدولي.
وفي إشارة دالة على خطورة التداعيات، أشارت وزارة الخارجية الأميركية إلى أنها تريد من جبهة الإنقاذ الوطني أن تراجع قرارها. وقال إدغار فاسكيز، الناطق باسم وزارة الخارجية، إنه من الضروري بالنسبة إلى الأحزاب المصرية أن تشارك، كي يتسنى لجمهور الناخبين إمكانية اختيار ممثلين عن مجموعة كبيرة من المواقف السياسية.
وسبق للجبهة أن دعت لتشكيل quot;حكومة محايدةquot; من أجل الإشراف على التحضيرات الخاصة بالانتخابات. وأعلنت عن رغبتها في استبدال النائب العام الذي عينه الرئيس محمد مرسي، كضمان لاستقلالية مكتبه. وأشار سامح عاشور، عضو الجبهة ونقيب المحامين، إلى أنهم قرروا كذلك مقاطعة الحوار الوطني الذي نظمه مرسي أمس.
ونقلت الصحيفة عن عاشور قوله quot; قلنا لمرسي ( حاور نفسك وحاور حزبك ). فلن يقبل الشعب المصري بحوار يتم فرضه عليهquot;. فيما اتهمت جماعة الإخوان أفراد المعارضة بأنهم مفسدون خشية أن تكشف الانتخابات عن نقص شعبيتهم في الشارع. كما انتقدت الجماعة رفض الجبهة حضور المحادثات السابقة التي نظمها الرئيس.
وهو ما ردت عليه المعارضة بتأكيدها أن محادثات مرسي عادةً ما تتحول لأحاديث تستخدم في إظهار تشاوره مع باقي الأطياف السياسية. كما تحدث أفراد المعارضة عن اتفاقات تم التوصل إليها خلال إجراء محادثات مع الرئيس ورفضها حزبه في مجلس الشورى.
ومضت الصحيفة تقول إن الاستقطاب بين الجماعات الإسلامية والعلمانية بات أكثر وضوحاً في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بعد أن انتزع مرسي صلاحيات وضعته فوق القانون، وهو ما مكَّنه من تمرير دستور قام الإسلاميون بصياغته وإعداده بالكامل.
وبعد أقل من عام على تسليم الجيش للسلطة إلى رئيس منتخب، بدأت تظهر الآن نداءات تطالب بعودة الجيش مرة أخرى، وهو احتمال قد يثير موجة من العنف، وهو ما يتوقع أن يشكل لطمة لآمال الديمقراطية. فيما بدأت تتعالى الأصوات المعارضة للإخوان، في ظل اتساع نطاق التظاهرات والاحتجاجات المناوئة لنظام حكمهم.
ويحتمل أن تتعرض جبهة الإنقاذ الوطني الآن لضغوطات من بين صفوفها وذلك لتصعيد الإجراءات التي تقوم بها في مواجهة النظام. وقال خالد عبد الحميد وهو أحد مسؤولي التحالف الاشتراكي الشعبي :quot; سوف تنهار حقاً شرعية الانتخابات حين يكون هناك عصيان مدني يحول دون إجراء الانتخابات في بعض المناطق بالبلاد. وأعتقد بحسب وجهة نظري أن النظام لن يقدم أي تنازلات إلا إذا تعمقت الأزمةquot;.