أبدت أقطاب المعارضة في مصر تحفظًا على قرار تحديد موعد للانتخابات البرلمانية من طرف الرئيس محمد مرسي، وتتجه في مجملها الى مقاطعة ذلك الاستحقاق بدعوى أن المناخ المحتقن وأجواء العنف وتواصل تجاهل مطالب المعارضة، أمور لا تسمح بالمشاركة.


القاهرة: رفضت مختلف القوى السياسية المصرية القرار الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، بتحديد موعد الانتخابات البرلمانية في 27 أبريل/ نيسان المقبل، معتبرة أن إجراء الانتخابات في ظل حالة الاحتقان التي تعانيها البلاد، بالإضافة إلى تجاهل مطالب المعارضة، يزيد من اشتعال الأوضاع، ويصب في صالح جماعة الإخوان المسلمين فقط. وتتجه المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات.

وبينما يرى التيار الإسلامي، ولاسيما جماعة الإخوان والتيار السلفي أن التعجيل بإجراء الانتخابات، وانعقاد مجلس النواب، هو السبيل الأوحد لتهدئة الأوضاع وإنقاذ الاقتصاد، ترى المعارضة الليبرالية أن هذا السيناريو هو الطريق الأمثل للفوضى.

البرادعي: انتخابات بلا وفاق تقود للهاوية

قال المعارض البارز الدكتور محمد البرادعي: quot;إجراء الانتخابات من دون التوصل إلى وفاق وطني quot;سيزيد الوضع اشتعالاًquot;.

وأضاف في كلمة عبر صفحته على موقع تويتر: quot;الإصرار على الاستقطاب والإقصاء والقمع مع غياب الرؤية والإدارة والمصداقية والعدالة وما نراه من تدهور أمني واقتصادي هو طريقنا الى الهاويةquot;.

وتأتي الدعوة للانتخابات وسط استمرار مظاهر العصيان المدني في مدينة بورسعيد، منذ نحو أسبوع، وبالتزامن مع دعوات ليطال العصيان شتى أنحاء الجمهورية، ويتبنى هذه الدعوات بالأساس التيار الشعبي بقيادة المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، والدكتور محمد البرادعي.

مناخ غير ملائم للانتخاب

وفقاً للمهندس بهاء الدين شعبان، القيادي في جبهة الإنقاذ الوطني، والمنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، فإن المناخ العام لا يشجع على إجراء الانتخابات في هذا التوقيت، مشيراً إلى أن الدعوة للانتخابات صدرت عن سلطة فقدت شرعيتها، بعد استمرار أعمال العنف والقتل والتعذيب والاختطاف.

وقال شعبان لـquot;إيلافquot; إن المقاطعة هي الحل الأمثل، لعدم منح جماعة الإخوان المسلمين غطاءً سياسياً لانتهاكاتها بحق المصريين.

لفت إلى أن جبهة الإنقاذ وضعت شروطاً واضحة من أجل خوض الانتخابات، منها: توفير ضمانات لإنجاز الانتخابات بشكل يتسم بالنزاهة والشفافية، وإقالة حكومة هشام قنديل، وتشكيل حكومة ائتلاف وطني، تضمن إجراء هذه الانتخابات في أجواء نزيهة، إضافة إلى إقالة النائب العام، ونبه إلى أن تلك الشروط لم تتحقق حتى الآن.

مشاكل قانونية

قال عبد الغفار شكر، القيادي في جبهة الإنقاذ، إن هناك اتجاهًا عامًا داخل الأحزاب المتمثلة في جبهة الإنقاذ الوطني نحو مقاطعة الانتخابات.

أضاف لـquot;إيلافquot;: quot;هناك إشكاليتان في تحديد موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، الأولى تتمثل في احتمالية إبطال القضاء الإداري لقانون الإنتخابات، لعدم رده إلى المحكمة الدستورية العليا للنظر في مدى تعديل ملاحظاتها على مشروع القانون، عملاً بالمبدأ الدستوري الذي يمنح المحكمة حق الرقابة على القوانين قبل إصدارها.

ولفت إلى أن مجلس الشورى لم يرسل القانون إلى المحكمة للنظر في مدى دستوريته، ومن ثم سيتم إبطاله من قبل القضاء الإداري.

ونبه إلى أن الإشكالية الثانية تتمثل في إجراء الانتخابات في ظل حالة احتقان شديدة يعانيها الشارع المصري، مشيراً إلى أن أهالي بورسعيد يواصلون العصيان المدني، وأعمال العنف تنتشر في شتى الأرجاء فضلاًعن الانفلات الأمني.

على مقاس الاخوان

حسب وجهة نظر الدكتور أحمد سعيد، رئيس حزب المصريين الأحرار، فإن الإخوان المسلمين سوف يخوضون الانتخابات القادمة بمفردهم، بعد أن أجهضوا أي مشاركة على قدم المساواة لكافة القوى السياسية.

وأضاف في بيان له، أن قانون الانتخابات الذي تم تفصيله على مقاسهم، والقرار المتعجل والمريب لإجراء الانتخابات في ظل مناخ سياسي محتقن، لا يمكن أن يجري فيه انتخابات نزيهة تحظى بمراقبة دولية ومحلية كافية.

وحذر من أن محمد مرسي يكرر سيناريو الدستور الذي تم اختطافه بليل، وتحدي الشعب المصري، متذرعاً بدستورية مواعيد الانتخابات، ومتجاهلاً الغضب العارم في محافظات مصر والعصيان المدني في بورسعيد ومدن القناة، وهو الأمر الذي يهدد بإحراق البلاد، ودخولها في دوامة سياسية خطيرة.

ونبه إلى أن حزب النور الحليف القوي للإخوان في الانتخابات السابقة، اكتشف أخيراً حقيقة أطماع الإخوان وسعيهم للهيمنة والاستحواذ على مفاصل الدولة ومؤسساتها التشريعية والتنفيذية، وتأكد من نواياهم لاستبعاد كل شركائهم وحلفائهم السابقين.

الإخوان: الانتخابات للخروج من المأزق

يسيطر التيار الإسلامي بقيادة جماعة الإخوان المسلمين على مجلس الشورى، الغرفة الثانية للبرلمان، ويسعى إلى السيطرة على مجلس النواب في الانتخابات المقبلة، ويرى أن الانتخابات السبيل الأوحد للخروج من المأزق السياسي الحالي.

وقال عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، عبر صفحته على فايسبوك: quot;‬مجلس النواب القادم سيكون بإذن الله متنوعا تصدح فيه كل اﻷصوات الوطنية اﻹسلامية بكل تنويعاتها واليمينية الليبرالية بكل اختلافاتها واليسارية أيا كانت صراعاتهاquot;.

حذّر العريان المعارضة من المقاطعة، قائلاً: quot;الجميع يدرك أهمية المرحلة وأن غياب صوته خطأ كبير، وقد يكلفه غيابا طويلا عن المشهد البرلماني والحزبي والسياسي في مرحلة بناء مصرquot;.

وقال الدكتور، جمال حشمت القيادي في جماعة الإخوان، لـquot;إيلافquot;: الانتخابات البرلمانية وانعقاد مجلس النواب، لا بديل منها من أجل إيقاف أعمال العنف، وتهدئة الأوضاعquot;، مشيراً إلى أن المقاطعة quot;تعبر عن إفلاس سياسي وعدم توافر قاعدة شعبية للأحزاب المقاطعةquot;.

ولفت إلى أن بناء مؤسسات الدولة يسمح بالعمل والنهوض بالاقتصاد المصري من عثرته. ودعا جميع القوى السياسية للمشاركة بإيجابية، من أجل عبور تلك المرحلة العصيبة من تاريخ مصر، على حدّ تعبيره.