حتى الطغاة يشكون تغيّر الأزمان والوحدة. فها هو أقدم الزعماء الأفارقة روبرت موغابي يقول، بمناسبة احتفالات بلاده بعيد ميلاده التاسع والثمانين، إن رحيل رفاقه يعني أنه يفتقر حتى الى اللغة التي يتحدث بها مع وزرائه.

يتحسّر الرئيس الزمبابوي ndash; أقدم زعماء القارة الأفريقية ndash; من أن كل رفاقه فارقوا الحياة ومن أنه يشعر بالوحدة رغم سلطاته المطلقة. ويشكو ممتعضاً في الوقت نفسه من أن معظم الأعضاء في مجلس وزرائه laquo;مجرد أطفال لا خبرة لهم ويصعب التحدث اليهمraquo;.
وقال الرئيس في لقاء مع هيئة الإذاعة الزمبابوية laquo;زد بي سيraquo; بمناسبة احتفاله بعيد ميلاده التاسع والثمانين إنه صار الوحيد من سياسيي جيله إذ لا يجد من يقتسم معه ذكريات الثلاثينات والأربعينات laquo;وأيضًا الأيام التي كان الجري وراء النساء أكبر وأمتع همومناraquo;.
واشتكى موغابي من أن وزارءه laquo;لا يسعهم غير الاستماع اليَّ من دون عطاء من جانبهم لأنهم لا يتمتعون بنوع الخبرة الطويلة المتاحة ليraquo;. واستثنى ndash; الى حد - اثنين من كبار مسؤوليه هما وزير الشؤون الرئاسية ورئيس الأمانة الإدارية لحزبه laquo;زانوraquo; قائلاً إنهما الوحيدان اللذان يقتربان من لغة مشتركة تجمعه بحكومته.
يذكر أن الثلاثة الأبرز وسط رفاق موغابي الذين شاركوه النضال ضد الاستعمار البريطاني تولوا، الواحد تلو الآخر، منصب laquo;النائب التنفيذي للرئيسraquo; لكنهم تُوفوا جميعًا. فقد مات نائبه الأول، جوشوا نكومو، في 1999. وهكذا فعل خلفه جوزيف مسيكا في 2009. وتوفي ثالثهم، جون نكومو، بالسرطان في يناير / كانون الثاني من العام الحالي.
ونقلت صحف بريطانية قول موغابي، الذي ظل يحكم بلاده منذ استقلالها في 1980، في لقائه مع laquo;زد بي سيraquo;: laquo;أعضاء حكومتي الحالية يفتقرون الى المعرفة اللازمة لشؤون الدنيا. لم يعيشوا بما يكفي لاكتساب نوع الخبرة التي ميّزتني ورفاق سلاحي. ولذا فعندما اتحدث اليهم عن أشياء حدثت في عقود الثلاثينات والأربعينات والخمسينات، ينتابني في الكثير من الأحيان شعور بأنني أتحدث الى شخص يافع ndash;قُلْ طفلاً ndash; يتعامل مع كلامي وكأنه قصة لا صلة له بها على الإطلاقraquo;.
ومضى الرئيس الزمبابوي الذي اتخذ من سكرتيرته الخاصة سابقًا، غريس ماروفو (47 عامًا)، زوجة له، يقول: laquo;ليس هذا وحسب بل أنك لا تجد ذلك الشيء المشترك الذي يتيح لك الحديث اليهم عن الأساليب التي كنا نتبعها ونحن على دراجاتنا لاصطياد الجميلات مثلاً. اختلفت اللغة والدنيا الآن. لا اعتقد أن بوسعي الشكوى من تغيّر الأحوال، فهذه هي سنة الحياة ولكن... ما أحلى تلك الأيام، وما أمرّ الذكرى عندما لا تجد من يقتسمها معكraquo;.