عزفت المعارضة الليبرالية المصرية، ممثلة بجبهة الانقاذ الوطني، عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة، فلم تجد الأحزاب الدينية من ينافسها. لذا، انصرفت إلى منافسة نفسها، في ظل شقاق بين الاخوان المسلمين والسلفيين.


القاهرة: منذ الإعلان عن إجراء الإنتخابات البرلمانية المصرية في 22 نيسان (أبريل) المقبل، بدأت الأحزاب الإسلامية الإستعداد لها، من خلال عقد تحالفات مع أحزاب أخرى ذات مرجعية إسلامية، بهدف منافسة جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة، بعد إنهيار التحالف الذي كان قائمًا مع حزب النور السلفي.

ومع إصرار جبهة الإنقاذ الوطني، التي تمثل الكتلة المعارضة الأكبر، على مقاطعة الانتخابات، بات واضحًا أن الإسلاميين في مصر سوف ينافس بعضهم بعضًا في إنتخابات مجلس النواب المقبلة، وستنشب منافسة حامية بين حليفي الأمس، عدوي اليوم، أي الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان، والنور الذراع السياسية الرئيسة للتيار السلفي.

الحرية والعدالة يخوض الانتخاباتمنفردًا

يخوض حزب الحرية والعدالة الإنتخابات المقبلة منفردًا، من دون الدخول في أي تحالفات. وينافس على جميع المقاعد بهدف تشكيل الحكومة المقبلة منفردًا أيضًا. وتأكد للعامة وللسياسيين أن تحالف الإخوان والنور قد إنهار في أعقاب إقالة الدكتور خالد علم الدين، مستشار الرئيس محمد مرسي من منصبه، بعد أن جاهر الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، بمعارضة الإخوان بحضور مرسي، أثناء الجلسة الأولى للحوار الوطني، متهمًا إياه بأخونة الدولة.

وقرر كلا الحزبين خوض الإنتخابات بعيدًا عن الآخر. وقال الدكتور جمال حشمت، القيادي في حزب الحرية والعدالة، لـquot;إيلافquot; إن الحزب ما زال يدرس خريطة التحالفات، ولم يقرر بعد الدخول في أي تحالف مع أي حزب سياسي.

أضاف: quot;الباب مفتوح على مصراعيه أمام كافة الأحزاب والأطياف السياسية، والحزب يمد يده للجميع، بمن فيهم أحزاب جبهة الإنقاذ الوطني إذا قررت المشاركة في الإنتخاباتquot;.
غير أن الدكتور عصام العريان، نائب رئيس الحزب، يقول في تصريحات صحفية: quot;الحزب يهتم بالتحالف السياسي بعد تشكيل البرلمان أكثر من اهتمامه بالتحالف الانتخابي لدخول البرلمانquot;.

النور في وجه الإخوان

إذا كان حزب الحرية والعدالة قرر المنافسة على كامل المقاعد، ويبحث عن نسج تحالف سياسي بعد تشكيل البرلمان، فإن حزب النور يغرد منفردًا في الإنتخابات أيضًا، ولن يدخل في تحالفات إنتخابية. وقد أعلن قادته عدم التحالف مع حزب الحرية والعدالة أو أي حزب آخر، والمضي قدمًا في المنافسة على الأغلبية.

يسعى النور إلى تشكيل الحكومة لوحده أيضًا. وقال مخيون لـquot;إيلافquot; إن التحالفات الإنتخابية ليست مطروحة على أجندة الحزب، quot;فالحزب يدرس خوض الإنتخابات منفردًا، وقد باشر الإستعداد للإنتخابات المقبلة من خلال المجمعات الإنتخابية في المحافظات، فلدى النور كوادر كثيرة سوف تخوض الإنتخابات، سيختار أهل الخبرة منهم، وليس أهل الثقة. ولفت مخيون إلى أن حزب النور سوف ينافس على الأغلبية في مجلس النواب، متوقعًا عقد تحالفات كبيرة بين مختلف الأحزاب الإسلامية.

استطلاعات رأي

ولأن حزبي الحرية والعدالة والنور يتمتعان بشعبية كبيرة، ولدى كل منهما كوادر في مختلف المحافظات، فإن العديد من الأحزاب الإسلامية الصغيرة أو حديثة النشأة، قررت عقد تحالفات إنتخابية في ما بينها، لإقتناص عدد من المقاعد في مجلس النواب، خصوصًا في ظل غياب الأحزاب الليبرالية الكبرى التي قررت مقاطعة الإنتخابات.

يدخل حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، في تحالفات مع أحزاب إسلامية أخرى، وقال نصر عبد السلام، رئيس الحزب، لـquot;إيلافquot; إن التحالفات الإنتخابية بين الأحزاب الإسلامية أمر يجري الإعداد له حاليًا، مشيرًا إلى وجود إتصالات ومشاورات مع حزب الوطن، برئاسة الدكتور عماد عبد الغفور، وحزب الأصالة برئاسة الدكتور إيهاب شيحة، وحزب مصر القوية برئاسة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، مستبعدًا التحالف مع الإخوان.

ولفت إلى أن التحالفات الإنتخابية في المرحلة الراهنة ضرورة لا بد منها، في ظل مناداة البعض بأن تكون هناك حكومة إئتلافية من الأحزاب الممثلة في مجلس النواب. وهذا ما أكده الدكتور يسري حماد، نائب رئيس حزب الوطن السلفي، بإشارته إلى مفاوضات تجري مع أحزاب إسلامية من أجل الدخول في شراكة إنتخابية.

ولفت حماد إلى أن شكل التحالف لم يتبلور بعد، quot;فالمشاورات مستمرة مع حزب البناء والتنمية، كما نقوم بإستطلاعات للرأي بين المواطنين لإختيار أفضل الكوادر لخوض الإنتخابات المقبلةquot;.

تحالف الوسط

يقود حزب الوسط تحالفًا آخر يضم أحزاب الحضارة، والإصلاح والنهضة، والفضيلة. ويعتبر هذا التحالف بمثابة الطلاق الرسمي بين حزبي الوسط والحرية والعدالة، لاسيما بعد رفض الدكتور محمد محسوب، نائب رئيس حزب الوسط، الإستمرار في الحكومة كوزير للشؤون النيابية والقانونية، وبعد مهاجمة عصام سلطان، نائب رئيس الحزب، الإخوان علانية أكثر من مرة.

وقال المهندس عمرو فاروق، المتحدث باسم حزب الوسط، لـquot;إيلافquot; إن هناك مشاورات وتنسيقاً مع عدد من الأحزاب الإسلامية الوسطية، مشيرًا إلى أن الحزب يعمل من أجل خوض الإنتخابات من خلال مجموعة من الكوادر، وإلى أهمية التحالفات الإنتخابية أو التنسيق ما بين الأحزاب ذات المرجعية أو التي تتقارب برامجها السياسية.

تسليم البلد للإخوان

بعد إعلان جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة قرارها النهائي بمقاطعة الإنتخابات المقبلة، صار في حكم المؤكد أن الأحزاب الإسلامية لن تجد من ينافسها، فستنصرف إلى التنافس الحاد في ما بينها، وأن حزب النور السلفي سوف يجلس في مقاعد المعارضة، وهو ما اعتبره الدكتور مصطفى النجار، النائب السابق وأحد شباب الثورة، مفارقة من مفارقات مقاطعة الانتخابات.

وانتقد النجار في تصريحات صحافية، مقاطعة الأحزاب الليبرالية الممثلة في جبهة الإنقاذ للإنتخابات، وقال: quot;مقاطعة الانتخابات هروب من مواجهة الواقعquot;، داعيًا المعارضة إلى عقد تحالفات مع حزب النور الذي أظهر معارضته للإخوان، حتى لا تشارك الجبهة في تسليم البلد للإخوان.