اكدت اعلاميات وصحافيات عراقيات تعرضهن للتحرش من قبل مسؤولين حكوميين وبرلمانيين وسياسيين واعلاميين وصحافيين في مختلف الادارات الحكومية ووسائل الاعلام المختلفة، لكن نسبة عالية منهن تسكت وتستمر في العمل خوفًا من تشويه سمعتها.

بغداد: اوضحت اعلاميات وصحافيات عراقيات أن السلوكيات التي يواجهنها من رجال على اختلاف مسؤولياتهم، سيئة للغاية وفيها امتهان للمرأة واذلال لها، حيث لا فرق بين برلماني أو مسؤول حكومي أو اعلامي في هذا المجال.
وأعلن منتدى الاعلاميات العراقيات في مؤتمره السنوي، المنعقد بمناسبة الذكرى السابعة لاستشهاد الصحافية اطوار بهجت، عن نتائج استبيان أشار إلى تعرض 68 في المئة من الاعلاميات والصحافيات المستطلعة آراؤهن للتحرش، فيما كانت نسبة اللواتي يتعرضن للتحرش أحيانًا 11 في المئة، ونسبة اللواتي لم يتعرضن للتحرش 21 في المئة.
42 في المئة من اللواتي تعرضن للتحرشبقين في العمل، بينما استقالت 45 في المئة منهن، وتعرضت 13 في المئة منهنللطرد. أما السبب في الاستمرار بالعمل على الرغم من التعرض للتحرش، فردّت 40 في المئة السبب إلى الخوف من تشويه السمعة، و24 في المئة إلى الحاجة المادية، و36 في المئة لأسباب أخرى.
خوف على السمعة
اكدت نبراس المعموري، رئيسة منتدى الاعلاميات العراقيات، لـquot;ايلافquot; أن ظاهرة التحرش بالاعلاميات والصحافيات خطيرة ومشينة، كون الصحافية تعمل تحت مسمى السلطة الرابعة، التي تشكل جزءًا من أدوات المراقبة واظهار الحقائق، quot;فكيف يمكن للصحافية أن تعمل وهي مهددة اصلًا بعدم الاحترام؟quot;.
وقالت المعموري: quot;نسبة 68 في المئة هي أقل من النسبة الحقيقية، لأن هناك صحافيات أخفين تعرضهن للتحرش لأسباب متعددة، لذا أجابت 11 في المئة بـquot;أحيانًاquot; في حين هي quot;نعمquot;، وحاولت أن اسحب الخوف من قلوب الصحافيات اللواتي صوتن بذكر نص مكتوب في الاستبانة بأنه لا حاجة لذكر الاسم أو جهة العمل، وأكدت على سرية المعلومات المثبتة في الاستمارة، ولكن ذلك لم ينزع الخوف تمامًا من الصحافياتquot;.
وأضافت: quot;سأقدم لـ إيلاف معلومات حصرية، فقد ربطت بعض المتغيّرات مع سؤال الاستبانة، ومنها عمر المتحرش بهن، فاتضح أن العمر ما بين 20 إلى 30 عامًا، وهي الفئة العمرية الأكثر استهدافًا، تليها الفئة بين 30 إلى 40 عامًا، كما لم يفرق المتحرشون بين المتزوجة والعزباء، فـ 49 في المئة من المتحرش بهن عزباوات، و51 في المئة متزوجات.
لا حسيب ولا رقيب
وربطت المعموري نوع القطاع بالاستبيان، فظهر أن التحرش في القطاع العام اكثر منه في القطاع الخاص. وأتى الخوف من تشويه السمعة الجواب الأكثر اختيارًا على سؤال عن الدافع وراء الاستمرار في العمل على الرغم من التعرض لهذه المهانة.
وهذا يؤكد، بحسب المعموري، أن بعض المؤسسات فقدت الوازع الاخلاقي، quot;وهذا خطير إذ أمسى مصدر قلق وخوف، لأنه لا يوجد قانون يحاسب المتحرش، وبكل الاحوال ستكون الاساءة موجهة للصحافية ولا يحاسب من ارتكب فعل التحرش، وهذه حقيقة، فعندما اتصلت بمحامٍ مختص في هذا الجانب أكد أن قانون العقوبات خالٍ من أي فقرة تحاسب المتحرش، ونادرًا ما تصله شكاوى بهذا الصددquot;.
وتابعت المعموري: quot;سبب سعينا لاجراء هذا الاستبيان هو فضح الممارسات غير الاخلاقية التي تتعرض لها الاعلامية، وبالذات الصحافيات الصغيرات اللواتي لا يتمتعن بالخبرة والتحصيل الدراسي، فهؤلاء غالبًا ما يتعرضن للتحرش اكثر من غيرهن، فقد كان هناك تجاوب كبير مع التقرير الذي اصدره المنتدى، والدليل أن بعض الجهات تدعم هذا الجهد ليكون كتابًا ومرجعًا مهمًا، كون الاستبيان تناول عينة عشوائية، واعتقد أن 200 مشاركة عدد ليس بقليلquot;.
مساومة وابتزاز
طفح كيل الاعلامية اسماء عبيد، لأن الكثير من الاعلاميات والصحافيات يشتكين من التحرش، quot;وبتنا نسمع الكثير من الشكاوى والحكايات حول تعرضهن للمساومة والابتزاز والضغط والطرد من الوظيفة إن لم يستجبن لرغبات المتحرش، واضطرارهن للسكوت والاستمرار بسبب الخوف من تشويه السمعة، أو الخوف من الفقر، لأنها لا تملك موردًا آخر للعيشquot;.
وقالت الصحافية مها (...) لـquot;إيلافquot;: quot;أينما أعمل اتعرض للتحرش، سواء من رئيس التحرير أو الذين اريد الحصول منهم على تصريح صحفي، وصولاً إلى نقابة الصحافيين، فالكل يريد حبًا وحنانًا مقابل الأخبار أو التصاريح، يبدي اعجابه بي قبل أن يقرأ حرفًا مما اكتب او يسمع سؤالًا مني، فأشعر بأنني وسط كماشة من التحرش، ولأنني ارفض مجاراة أحد، اتعرض دائمًا للطرد والتوبيخ والاهانةquot;.
أضافت: quot;انا اعشق الاناقة وأحب أن اكون جميلة مثلما اريد أن اكون صحافية متميزة، ولكن الظاهر أنهم لا ينظرون اليّ الا كوني جسدًا قابلًا للالتهامquot;.
الاولوية للحلوات!
من جهتها، ابدت صحافية، طلبت عدم ذكر اسمها، استياءها من هذه الحالة، كما اسمتها. وقالت: quot;لا اعتقد أن ثمة رجلًا في الدولة او مسؤولاً في مؤسسة اعلامية لا ينظر إلى المرأة الاعلامية او الصحافية من دون أن يفكر في اقامة علاقة معها، فهناك شخصيات تبدو في ظاهرها محترمة لكنها تفقد توازنها امام الصحافية، فيحاولون استمالتها بمغريات كثيرة، ولا يعطون الاخبار الا لمن ترضى بتحرشه بها، فرئيس التحرير لا يريد امرأة ترفض له طلبًا وإلا فصلها، وفي نقابة الصحافيين صارت الحلوات والصغيرات هن المسيطرات على كل شيءquot;.
أضافت: quot;هذه حالة وليست ظاهرة، ومن المؤسف أنها تحدث ضمن السلطة الرابعة التي يجب أن يكون لها صوتها الواضحquot;.
لا يستثني أحدًا
اكدت الاعلامية هديل علي الحسون أن موضوع التحرش لا يقتصر على الاعلاميات فقط، وانما يتعداهن إلى العنصر النسوي بشكل عام، quot;لكن التحرش بالمرأة الاعلامية يكون اكثر جرأة بحكم العمل والمقابلات مع المسؤولين والوجوه الاعلامية، الذين هم اكثر جرأة للمبادرة بالتحرش، بطريقة مهذبة أو غير مهذبة، احيانًا بكلمات الغزل اللطيفة واحيانًا يتعداها إلى مكالمات هاتفية وإلى مواعيد غراميةquot;.
اضافت: quot;اعتقد أن كل اعلامية وصحافية عراقية مهما كان شكلها وجمالها ولبسها تتعرض للتحرش، وبالنسبة إلي، تعرض عليّ العروض للعمل كإعلامية، ولكنني اقول إن الله يحفظنا من شر المتحرشينquot;.