لم تحدث التغييرات السياسية في العراق أي تقدم في واقع المرأة العراقية، فما زالت تعاني انتقاصًا من حقوقها الإجتماعية والسياسية التي كفلها لها الدين بمرجعيتيه السنية والشيعية، بسبب هيمنة العقلية الذكورية أسوة بالمجتمعات العربية الآخرى.



واشنطن: عشر سنوات من عمر التغيير في العراق لم تحرز تقدمًا كبيرًا في ملف حقوق المرأة العراقية. فما زالت المرأة العراقية تعاني تراجعًا في أوضاعها الإجتماعية وانتهاكات لحقوقها الدستورية والقانونية واستبعادًا من النشاطات السياسية والإقتصادية، تحت ستار الشريعة الاسلامية.
تأتي هذه الإنتهاكات باسم الشريعة في الوقت الذي تؤكد فيه المرجعيات السنية والشيعية أن الإسلام لم يقف يومًا ضد نيل المرأة حقوقها، بل اعتبرها حقوقًا أصيلة في التشريع الإسلامي وأمرًا مسلمًا به. فهو لم ينتظرها كي تطالب بها، إذ بادر بذكرها بشكل مفصل. وجعلها والرجل متساويين اجتماعيًا بما يحقق مبدأ تكافؤ الفرص والعدل، ولكن المقيد الحقيقي ليس الدين بقدر ما هي الهيمنة الذكورية التي بقيت أسيرة العادات والتقاليد التي تحارب طموح المرأة.

العادات المقيّدة

لا يرى الشيخ مكي الحائري الأسدي فرقًا بين المرجعيات السينية والشيعية في ما يختص بالحقوق المدنية للمرأة والرجل على السواء، ويعتبر أنه لا يجوز لأحد اتهام المرأة إذا أرادت أن تتعلم من تجارب البشرية ما يخدمها في تطوير نفسها وتحسين أدائها، شريطة ألا يتعارض ذلك مع القيم والمبادئ والثوابت الإسلامية التي تحصّن المرأة من الإنزلاق في مهاوي الرذيلة.
قال: quot;ما ترفضه المرجعية الإسلامية هو أن تعلم المرأة ما الذي يؤدي إلى انهيارها، ليس في الغرب وحده، إنما في أي حضارة أو مجتمع آخر.
ويرى الحائري أن الدستور العراقي رفع المرأة العراقية إلى مرتبة شريكة الرجل في بناء العراق الجديد، فكفل لها حقوقها السياسية والقانونية إسوة بالرجل، ما يقيها مواجهة خطر انتقاص حقوقها القانونية والسياسية.
قال: quot;أعتقد أن المرأة العراقية اليوم تساهم في كل مناحي الحياة العامة، والمعاناة التي تعانيها من بعض الظلم والقهر لا يأتي من المرجعيات الدينية بل من المفاهيم والعادات والتقاليد الموروثة التي تمارسها العائلات، ونسبت مع الوقت إلى الدين بجانب الجهات التكفيرية والظلامية التي لا تفرق بين رجل وامرأة في الإرهابquot;.

الفقهاء يرسخون الذكورية

يرى الدكتور الكاتب الإسلامي أحمد صبحي منصور أن التشريع الإسلامي لا يقف ضد حقوق المرأة، ووجب عليها شرعًا أن تناضل لاسترجاع حقوقها. قال: quot;تمتلك المرأة جميع الحقوق، بجانب حقها في التعليم والعمل والترقي والحق في رئاسة الدولة، لكن تشريعات الفقهاء المخالفة للإسلام والمتناقضة هي من يقف ضد حقوق المرأة، وهي من يرسخ الثقافة الذكورية التي تقهر المرأةquot;.
يعتبر منصور أن دعاة الإسلام السياسي مخالفون للإسلام في تشريعه الحق ومنه ما يخص المرأة، مضيفًا: quot;لا يعترفون بحق المرأة في النضال ولا حقها في المطالبة، بينما يبيحون لأنفسهم أن يتسلطوا على الشعوب المسلمة باسم الإسلام، وفي سبيل طموحهم السياسي يقتلون الأبرياء وينشرون الإرهاب، بينما الإسلام برئ مما يزعمونquot;.

العراقية تحتاج للثقافة

يبقى المجتمع العراقي، كغيره من المجتمعات العربية، يحتاج إلى غربلة العادات والتقاليد الموروثة التي لا تمت للدين بصلة، بقدر ما تكرس لثقافة الهيمنة الذكورية على المرأة، التي تسهم في زيادة تهميشها. كما تحتاج المرأة نفسها إلى تثقيفها بحقوقها الشرعية، فكثير من النساء يجهلن حقوقهن.
وترى استبرق المقداد، وهي عراقية مقيمة في ديترويت، أن الكثير من العراقيات يجهلن حقوقهن السياسية ويحتجن إلى تثقيف، quot;وذلك لا يعود فقط إلى التعليم ولكن إلى العائلة والتقاليد التي لا تسمح لكثير من النساء بالإنخراط في مجال العمل أو حتى إكمال دراستهم فيتم تزويج الفتاة في سن صغيرةquot;.
أما وليم وردة، الناشط في مجال حقوق الإنسان، فقد رأى في حديث لإذاعة العراق الحر أن المرأة تعاني انتهاكات لحقوقها الدستورية والقانونية كما تعاني الأعراف والتقاليد العشائرية، يضاف إلى ذلك أنها قليلة الثقة بنفسها ولا تبذل جهودًا كافية لتغيير وضعها نحو الأفضل.