على الرغم من رفضه المشاركة في حكومة قائمة على المحاصصة الحزبية، قال الأزهر بالي، رئيس حزب الأمان التونسي، إنه سيساند رئيس الوزراء الجديد علي العريض مع أنه ليس رجل وفاق.


تونس: عبّر الأزهر بالي، رئيس حزب الأمان الذي يحتفل يوم 20 آذار (مارس) الجاري بالذكرى الأولى لتأسيسه، عن ثقته بمستقبل تونس، القادرة على تحقيق قفزة تنموية هامة تمنح الثقة، مؤكدًا على أنه سيدعم حكومة علي العريض على الرغم من رفضه المشاركة فيها، لأنها اعتمدت مبدأ المحاصصة الحزبية في تعيين الوزراء.

وقال بالي في مقابلة مع quot;إيلافquot;: quot;علينا أن ننتظر الأفعال والنتائج حتى نصدر حكمنا على نجاح أو فشل هذه الحكومةquot;، مطالبًا بإعداد روزنامة دقيقة ومتفق عليها للمحطات القادمة من أجل كسب ثقة الشعب التونسي والفرقاء السياسيين.

وشدّد على أن العريض لا يمكن أن يكون رجل وفاق، لأنه يحمل في ملفه أخطاء وزارة الداخلية، مؤكدًا على أنه كان بارك مبادرة الجبالي التي أفشلها كل من حزب المؤتمر وحركة النهضة.

واعتبر أن قانون تحصين الثورة إقصاء لخصم سياسي، مؤكدًا ضرورة منح الشعب حرية إقصاء الفاسدين من خلال الإنتخابات، quot;فإن تباطؤ الحكام الشرعيين في تطبيق المحاسبة كان وراء عودة هؤلاء إلى الساحة السياسيةquot;.

وإليكم الحوار كاملًا:

بدأت الحكومة الجديدة العمل الفعلي بعد نيلها ثقة المجلس الوطني التأسيسي. فهل تراها قادرة على النجاح؟

فوتت حركة النهضة فرصة تشكيل حكومة تضمّ كل الفرقاء السياسيين من أجل مدّ جسور الحوار وخلق جو من التفاؤل حتى تكون الحكومة مدعومة من الجميع. اليوم، وبعد نيلها الثقة، نعتبرها شرعية، لكن كنّا نتمنى أن تضم شخصيات وطنية تنتمي إلى كل الأحزاب. ذلك لم يحصل، وجاءت حكومة محاصصة على الرغم من وجود وزراء مستقلين، ولكن هذه الإستقلالية ستقيّم من خلال الأداء الذي وعدوا بأنه سيكون بعيدًا عن الولاء للأحزاب. في كل الحالات، حزب الأمان سيساند حكومة العريض.

للنجاح عوامل وشروط

لكن هناك من يرى بأنها حكومة محكومة بالفشل؟

لا يمكن الحكم على الحكومة قبل أن تبدأ عملها الفعلي، وعلينا أن ننتظر الأفعال والنتائج التي وعدوا بها، ومن خلالها يمكن أن نصدر حكمًا بالفشل أو النجاح. والمهم أن المعارضة ستبقى مترصدة للحكومة، ومتى حادت عن أهدافها التي أعلنت عنها سنتصدى لها. صحيح أننا انتظرنا إبعاد بعض الوزراء الذين فشلوا في حكومة الجبالي، لكن ذلك لم يحصل، خصوصًا وزراء حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذين أعتبرهم مجموعة من طلاب الكراسي ليس إلا. من ناحية ثانية، وحتى تحقق الحكومة النجاح، لا بد أن تتعامل المعارضة بإيجابية بعيدًا عن منطق الإفشال، الذي رافق مرحلة حكومة الجبالي، والذي منعها من تحقيق أهدفها. فالمعارضة كانت في الواقع سلبية وهدامة.

هذه الحكومة وجانب المجلس الوطني التأسيسي مطالبان بتحديد روزنامة واضحة ودقيقة حتى الإنتخابات القادمة، لإرسال إشارات ثقة تجعل الجميع يعمل من أجل إنجاح المرحلة الإنتقالية. وسيكون الشعب التونسي أول الداعمين للحكومة حتى تمر بالبلاد إلى ضفة الأمان.

ما هي شروط نجاح حكومة علي العريض؟

أهم شرط يتمثل في وضع روزنامة واضحة ومتفق عليها بين جميع الفرقاء تضم موعدًا للإنتخابات القادمة إلى جانب احترام نهاية تسيير هذه الحكومة للبلاد، والذي حدد بنهاية العام الجاري. ولا بد أن تعمل في أجواء من الحيادية بعيدًا عن منطق الولاءات الحزبية واستغلال النفوذ من أجل الحصول على بعض المكاسب، وبعيدًا عن العمل من أجل مكاسب انتخابية، مع السعي جديًا من أجل تخفيض الأسعار وإبعاد شبح العنف.

هل يمكن أن يكون علي العريض رجل وفاق بين مختلف الفرقاء؟

يحمل العريض في تاريخه السياسي العديد من الأخطاء، بينما رجل الوفاق يجب أن يكون ملفه خاليًا من أية أخطاء أو تجاوزات. على الرغم من أني أعلم شخصيًا أن ما حصل لما كان على رأس وزارة الداخلية أتى عن حسن نية، لكن لا معنى لحسن النية في السياسة، فالنتائج هي المعيار الأساسي للتقييم.

فبئس المستقبل!

ما دور المعارضة في المرحلة القادمة؟

على المعارضة أن تقوم بدور المراقب لعمل الحكومة والموجه لها. في حال زاغت عن كل ما اتفق حوله فإنها ستكون بالمرصاد. من ناحية ثانية، في الديمقراطيات لا يمكن أن تتعسف المعارضة على السلطة، وبالتالي عليها أن تعرف حدودها. وفي المرحلة التأسيسية، علينا التأسيس لعلاقة ثقة بين السلطة والسلطة المضادة. فإذا أسسنا للإنقلاب على الشرعية فإننا بالتالي نؤسس لعودة الإستبداد.

لماذا وقفتم مع حكومة التكنوقراط التي دعا إليها حمادي الجبالي؟

كنا ساندنا مبادرة الجبالي في حكومة تعبر عن كل التونسيين، وتحوز ثقة جميع الفرقاء السياسيين. وكانت هذه الحكومة لتكون الأكثر قدرة على امتصاص غضب الشارع والإحتقان العام. كما كانت المبادرة الأكثر قدرة على مدّ جسور التواصل والتقارب بين الجميع، على مختلف برامجهم وآرائهم.

ومن أفشل المبادرة؟

حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحركة النهضة. وأعتبر حزب المؤتمر مصيبة حلت بالبلاد، يضم مجموعة من الحقوقيين و المحامين دافعوا عن حركة النهضة أيام محنتها، والآن تكافئهم حركة النهضة. وإذا كان اليوم مستقبل تونس رهين شخصيات كهؤلاء فبئس المستقبل.

وما هي علامات فشل حكومة الجبالي؟

في الواقع، تحملت حكومة الجبالي وحدها وزر كل التجاذبات السياسية والهزات الإجتماعية والمطلبية. لم يكن التعاطي مع هذه المشاكل على قدر كبير من المسؤولية. وقد قامت الترويكا الحاكمة بتمرير مشاريع وبرامج من خلال العمل الحكومي، ما جعل المؤتمر من أجل الجمهورية يفقد العديد من عناصره، وبالتالي فإن حكومة الجبالي أصابت في بعض المواطن وفشلت في مواطن أخرى. لو لم تفشل لما أعلن الجبالي مبادرة جديدة وقام بحلّ الحكومة من أجل الإصلاح.

فليُقصِهم الشعب

وما رؤية حزب الأمان بخصوص قانون تحصين الثورة؟

اعترضنا على ذلك ليس من باب أننا تجمّعيون (نسبة إلى حزب التجمع المنحلّ وهو حزب الرئيس السابق زين العابدين بن علي)، بل لأننا نرى أن الشعب هو المخوّل الوحيد باستبعادهم نهائيًا. فمن حيث المبدأ، ثمة أناس خانوا تونس فمن غير المعقول أن نعيد ائتمانهم لبلادنا، لكنني أرى أن الشعب هو الذي سيقصيهم وهو المخول بذلك، ولو تم إقصاؤهم بقانون فإنهم سيتظلمون ويتحولون بالتالي إلى مظلومين ومبعدين، وقد يستنجدون بالخارج للتأليب على تونس.

من الأفضل أن يوضعوا تحت مجهر الشرعية وتسلط عليهم الأضواء ليكتشفهم الشعب، ومن ثمّ محاسبتهم و إقصائهم في انتخابات حرة و نزيهة. بالتالي، قانون تحصين الثورة إقصاء ليس بالحل الأمثل لإبعاد هؤلاء الفاسدين. ونحن نثق بالشعب التونسي وبوعيه، لكن لا بد من إخراجه من ضبابيته، ولا بد اليوم من الوضوح ليعرف من يختار بعيدًا عن سياسات الإقصاء.

وما رؤيتكم لقانون العدالة الإنتقالية؟

لا بد من تفعيل قانون العدالة الإنتقالية في أقرب وقت، لأننا نعتبر أن هذه العدالة قد تأخرت كثيرًا، وهو ما مكّن أباطرة الفساد بأن يعودوا من جديد لمواصلة فسادهم، وربما بأكثر حدّة، وأن ينظموا صفوفهم في أحزاب وأن يشتروا نوابًا في المجلس التأسيسي وأحزابًا تحارب من أجلهم. هذا طبعًا بسبب التباطؤ في التعاطي مع المحاسبة والعدالة الإنتقالية.

مقومات النجاح موجودة

كيف يبدو لك كرجل أعمال وضع الإقتصاد التونسي ومستقبله؟

نحن نعتبر أن السياسة هي حوكمة إدارة الشأن العام، والقدرة على استنباط الحلول واجتذاب الخيرات لهذا البلد. فتونس تتمتع بكل مقومات النجاح، وحباها الله مزايا التاريخ والجغرافيا، وهي بالتالي قادرة وفي ظرف وجيز وفي ظل وجود سياسيين وطنيين على أن تصبح من أفضل البلدان وأقواها اقتصاديًا.

وما مستقبل حزبكم في المرحلة القادمة؟

حشرت حركة النهضة نفسها في زاوية. لها نسبة كبيرة في هذا الشعب،لكن بين 60 و 70 في المئة من التونسيينمتخوف، يبحث عمن يمثله ويدير شؤونه بحكمة، ويطمئنه على مستقبله ومستقبل بلاده، ويحافظ على نمطه المجتمعي.