يتنازع العرب والأكراد في العراق على محافظة كركوك الغنية بالنفط وبات الخلاف يشكل تهديدا لوحدة البلاد، وإذا ما سارت الامور بشكل خاطئ فيمكن ان تؤدي الى قتال فعلي.

كركوك (العراق): تقف محافظة كركوك الغنية بالنفط والمختلطة اتنيا ويسودها العنف في قلب المناطق المتنازع عليها بين العرب والاكراد في شمال العراق حيث يهدد الخلاف عليها وحدة البلد.
وتشمل كركوك قوميات مختلفة، الاكراد والعرب والتركمان وهي الجزء الرئيس من الاراضي الشاسعة التي يطالب بضمها اقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي امام اعتراضات شديدة من حكومة بغداد الاتحادية.
ويقول جون ديرك المتخصص بشؤون العراق ويعمل في مؤسسة quot;اي كي ايquot; quot;من وجهة نظر جيوسياسية ان كركوك مهمة بصورة كبيرة بسبب الاحتياطيات النفطية والغازية المحيطة باراضيهاquot;.
بدورها، تقول ربى الحصري محررة موقع quot;ايراك اويل فورمquot; ان quot;حقول كركوك توفر الجزء الاكبر من النفط في شمال العراقquot; فيما وضع المسؤولون في شركة نفط الشمال انتاج النفط في المحافظة ما بين 425 الف و 450 الف برميل يوميا.
ويقول ديرك من quot;وجهة نظر سياسية ان السيطرة على مدينة كركوك هي قضية بالغة الحساسية بالنسبة إلى جزء كبير من الناخبينquot;.
من جانبه، يقول فلاح مصطفى رئيس الشؤون الخارجية في حكومة اقليم كردستان ان quot;كركوك مهمة ليس بسبب نفطها فقط، بل لأنها تعبر عن رمزية القمع والحرمان الذي تعرضنا لهquot;.
ولم يظهر المسؤولون في الحكومة الاتحادية اي مؤشرات عن رغبتهم في التخلي عن مدينة كركوك.
ورأى دبلوماسيون ومسؤولون إن الاراضي المتنازع عليها بين بغداد وكردستان في محافظات نينوى وكركوك وديالى والتي تتشارك بقوات الامن وترفع العلم والموازنة، تشكل اكبر تهديد لاستقرار العراق على المدى البعيد.
ومن ابرز ملامح احتمال نشوب صراع، قيام الجانبين بنشر تعزيزات عسكرية على خطوط التماس قرب مدينة كركوك، خلال تزايد التوتر العام الماضي. ويقول محافظ كركوك نجم الدين كريم ان التحشيدات لاتزال في مواقعها حتى اللحظة.
ويقول كريم وهو كردي لفرانس برس quot;لدينا مواجهة بين الجيش العراقي وقوات البشمركة الكردية، وعندما يكون لديك وضع مثل هذا، فانه يسبب توترا، واذا ما سارت الامور بشكل خاطئ فيمكن ان تودي الى قتال فعليquot;.
واضاف ان quot;القتال لا يساعد المجتمعات التي ترغب في العيش فعلا جنبا الى جنب، ولا تساعد المستثمرين الذين يرغبون في المجيء للعمل في المدينة ولا الشركات التي تبحث عن بيئة امنةquot;.
وتابع quot;اعتقد ان هذه القضايا اذا لم تحل فانها قد تؤدي الى مشاكل جسيمة قد تشمل وقوع مواجهة مسلحة وقد تؤدي بالنتيجة الى تقسيم العراق وزعزعة استقرار المنطقةquot;.
ووفقا لدريك لا يوجد حلول سريعة لقضية الاراضي المتنازع عليها.
واعتبر بهذا الصدد ان quot;اللاعبين من جميع الاطراف يتقنون لعبة الانتظار، فهم يحتمل انهم يرغبون في تجنبها في الوقت الراهن بدل الذهاب الى حرب او حتى التفاوض او عقد اي اتفاقquot;.
وهناك خلاف رئيس بين القيادات الكردية والقادة الاتحاديين حيث رفض الاكراد بشدة اقامة قيادة عسكرية تقع المناطق المتنازع عليها ضمنها.
ويقول كريم بهذا الخصوص ان القيادة تعني ان تشمل الجيش والشرطة والتي شبهها بquot;اعلان احكام عرفيةquot; وان الخلاف مضى اكثر من ذلك الى حد يضر العمليات الامنية في المحافظة.
ويوضح كريم quot;لقد امرنا كل مديريات الشرطة في المحافظة بعدم الامتثال الى اوامر القيادة العسكرية التي تتلقى اوامرها من بغدادquot;.
ويضيف quot;لذا فان كل التعاون الذي كان موجودا بين الشرطة والجيش في السابق قد توقف تماماquot;.
واكدت قيادات رفيعة المستوى في شرطة كركوك تعليق التعاون مع قيادة العمليات التي اطلق عليها اسم عمليات دجلة.
وفي الوقت الذي يتشاحن السياسيون على القيادة العسكرية، فإن سكان كركوك يقعون ضحايا العنف المتكرر، الذي يعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عن بعضه، لكن تبقى دوافعه ومن ورائه غير واضحة.
ويقول سمير اسماعيل الذي لايزال يعاني جروحا اثر تفجير قنبلة قرب متجره الذي يبيع فيه ملابس في مدينة كركوك quot;هناك العديد من افراد الشرطة والاسايش، لكن ليس هناك امنquot;.
وتساءل سمير quot;الى متى يبقى العراق يعاني هذا العنف؟ كل يوم هناك تفجيرات وكل يوم تقع عمليات قتل، وفي كل يوم هناك ارهابquot;.
بدوره، يقول سلام الجابري وهو بائع ملابس متجول ان quot;الحالة الامنية ازدادت سوءاquot;.
ويضيف quot;على الرغم من الخلاف بين الساسة العرب والاكراد فان العلاقات الاجتماعية بين المجتمعين طيبةquot;.
ويتابع quot;كلنا، العرب والاكراد علاقتنا متواصلة، وليس هناك مشاكل بين المواطنين، المشاكل فقط بين الحكوماتquot;.