السعودية تعيد بعض برامج الثمانينيات، التي كانت وصفة سحرية وواقعية لحل مشكلة الإسكان آنذاك، وتعود اليوم لتشابه الظروف رغم النمو السكاني المرتفع، مع تعزيز quot;ملكيquot; للقرارات عبر إنشاء مصانع جديدة للإسمنت ووقف تصديره.

الرياض: أعادت السعودية برامج الإسكان العام التي انتهجتها في أواخر الثمانينيات، والمنفذة عبر وزارة الأشغال العامة والإسكان، وهي الوزارة الملغاة في العام 2003 أعادت برامج تلك الحقبة إلى المستقبل والحاضر، بعد أن تبين مقدرتها على خلق مناخ سكني تنموي يستجيب لمتطلبات الواقع.

وكان القرار الملكي الذي صدر حمل في محتواه أوامر عديدة منها، أن تتوقف وزارة الشؤون البلدية والقروية quot;فوراًquot; عن توزيع المنح البلدية التي تتم من قبل الأمانات والبلديات، وأن يتم تسليم جميع الأراضي الحكومية المُعدة للسكن بما في ذلك المخططات المعتمدة للمنح البلدية سالفة الذكر، التي لم يتم استكمال إيصال جميع الخدمات وباقي البنى التحتية إليها، إلى وزارة الإسكان لتتولى تخطيطها وتنفيذ البنى التحتية لها ومن ثم توزيعها على المواطنين حسب آلية الاستحقاق.

وكلف الأمر وزارة المالية باعتماد المبالغ اللازمة لتنفيذ مشاريع البنى التحتية لأراضي الإسكان، هو ما يجعل وزارة الإسكان تقوم بإعطاء المواطنين أراضي سكنية مطورة وقروضاً للبناء عليها حسب آلية الاستحقاق التي لم تعلنها وزارة الإسكان حتى الآن، ويعطي الأمر وزارة الإسكان الصلاحية الكاملة لاعتماد المخططات لمشاريعها الإسكانية دون الحاجة لتنفيذها، حسب أنظمة وزارة الشؤون البلدية والقروية.

إعادة السعودية لنهج الخطط الثمانينية السابقة، يأتي بعد عامين من إنشاء وزارة الإسكان الممتلئة خزينتها بما يقارب الـ(100 مليار دولار) وبعد مواجهتها ضغطًا شعبيًا كبيرًا في أزمة سكنية كبرى تدحرجت كرتها منذ أواخر التسعينيات، وفي ظل عدم اعتراف رسمي بهذه المشكلة طوال أعوام سابقة.

وكانت خطط الثمانينيات تركز على إعطاء المواطنين الأراضي المطورة بكامل خدماتها ووفق تخطيط نموذجي، مما يتيح للمواطن بناء وحدته السكنية عبر قرض دون فوائد من صندوق التنمية العقارية، وهو ما كان يعرف آنذاك ببرنامج (أرض وقرض)، إضافة إلى وحدات سكنية معدودة أنشأتها حينها وزارة الأشغال العامة والإسكان، وكانت في خانة الخيارات أمام المواطنين.

ويأتي القرار بعد quot;فشلquot; وزارة الإسكان في تنفيذ أكثر من نصف مليون وحدة سكنية، بسبب شح الأراضي وإعلان وزيرها شويش الضويحي ذلك في أكثر من مناسبة، إضافة إلى خلل كبير في تنفيذ بعض مشاريع الوزارة في بعض مناطق المملكة.

خبير اقتصادي: القطاع الخاص سيحمل المستقبل

الخبير الاقتصادي الدكتور شاكر أبوعيد قال خلال إجابته عن تساؤل إيلاف حول عودة برامج سابقة في زمن مستقبل، أن الخطط لا تهتم سوى بالواقع ومتى ما كانت الحاجة لها ستعود في ضوء تكرار الظروف التي تحيط بالمملكة، معتبراً أن أزمة العام 1978 تتكرر لكن اليوم عبر نطاق واسع مع النمو السكاني الكبير، إضافة إلى انحسار الأراضي السكنية.

وطالب أبوعيد بتطوير الأراضي البيضاء داخل المدن مفندًا في ضوء تحليل اقتصادي أنها ستؤدي إلى تأخير تجاوز حدود التنمية المكانية، خاصة وأنها داخل النطاق العمراني للمدن، وهو ما يسهم في ضمان التكلفة الأقل قبل مد البنية التحتية.

ممتدحًا القرار الملكي السعودي الذي وجد فيه وفق حديثه محاور تغيير لمستقبل إسكاني أفضل، خاصة وأنه دعا وزارة الإسكان إلى إيقاف تنفيذ المشاريع السكنية، وكذلك خلق بيئة تنافسية بين شركات التطوير العقاري وبقية ركب القطاع الخاص، وسيمكن الوزارة من الإشراف فقط على تنفيذ المشاريع.

بوابة الإسكان

وسيكون أمام المواطنين السعوديين، فرصة كبرى في الاختيار بين التمويل الحكومي دون فوائد، أو الوحدة السكنية الجاهزة، أو الأرض المطورة والتمويل، في وقت لم يكن أمامهم سوى تمويل صندوق التنمية العقارية الذي يطول ظرف قدومه إلى قرابة العقدين، رغم النمو السكاني الهائل في السعودية.

الإسكان .. والتنفيذ

وكان الملك عبدالله أصدر أمرًا عاجلاً قبل إصداره القرار الخاص بالإسكان، ممثلاً أرضية قوية له متمثلاً بإلزام مصانع الإسمنت باستيراد 10 ملايين طن لتغطية احتياجات أسواقها، إضافة إلى ما تنتجه حالياً، وكذلك الأمر إنشاء 3 إلى 4 مصانع جديدة quot;عاجلاًquot;، واعتماد 3 مليارات ريال (900 مليون دولار) للدعم لمدة 3 سنوات.

ويعتبر القرار الخاص بمصانع الإسمنت رافدًا جديدًا لتوفير البنية التحتية ويسد بابًا كبيرًا جعل أسعار الإسمنت بعيدة عن متناول البناء، ويتيح للقطاعات المختلفة بناء المشاريع وضمان عدم تعطلها أو توقفها.