فشل البرلمان العراقي اليوم في عقد جلسة طارئة، كان مقررًا نقلها تلفزيونيًا لمناقشة ملابسات الهجوم على ساحة الاعتصام في الحويجة، بسبب مقاطعة عدد كبير من النواب، مما اضطر رئاسته لتحويلها سرّية تشاورية، في ظل تناقضات في التقارير الأمنية حول الحادث.. فيما شارك المالكي وقادته العسكريون في تشييع جثامين الجنود الخمسة، الذين اغتيلوا في الرمادي.. في حين يصل رئيس وزراء كردستان بارزاني إلى بغداد غدًا لبحث الملفات العالقة بين الطرفين.


أسامة مهدي: قاطع نواب ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، ومعهم عدد من نواب التحالف الشيعي، الجلسة الطارئة، التي كانت مخصصة لبحث تداعيات مهاجمة القوات الأمنية لساحة اعتصام المحتجين في قضاء الحويجة في محافظة كركوك الشمالية، الأمر الذي أدى إلى مقتل وإصابة حوالى 100 منهم، بسبب ما قالوا إنه عدم إدراج قانون تجريم نشاط حزب البعث ضمن جدول أعمال الجلسات.

وقال رئيس كتلة دولة القانون البرلمانية خالد العطية خلال مؤتمر صحافي إن عدم الاستجابة لمطلب الائتلاف بإدراج قانون تجريم نشاط حزب البعث هو استحقاق دستوري حسب المادة 75 من الدستور ضمن جدول أعمال جلسات البرلمان للتصويت عليه، دفع نوابه إلى مقاطعة جلسات المجلس.

قانون لمنع البعث
وأضاف إن مطالبة دول القانون المستمرة بإدراج هذا القانون ضمن جدول أعمال المجلس للتصويت هي من أجل قطع الطريق أمام أي محاولة لعودة البعث، الذي تحالف مع القاعدة وجيش رجال الطريقة النقشبندية.

ودعا العطية إلى ضرورة الانتهاء من التحقيق في قضية حادث الحويجة، الذي كلفت به اللجنة الوزارية برئاسة صالح المطلك نائب رئيس الوزراء، معترضًا على قيام بعض أعضائها بإطلاق تصريحات فيها أحكام مسبقة.

وكان مجلس النواب أنهى في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2011 القراءة الأولى لقانون quot;حظر حزب البعث والأحزاب والأنشطة العنصرية والإرهابية والتكفيريةquot;، والذي ينص على أن كل من انتمى إلى حزب البعث بعد نفاذ هذا القانون أو روّج لأفكاره وآرائه بالوسائل كافة، quot;سيعاقبquot; بالسجن لمدة لا تزيد على 10 سنوات.

يهدف القانون إلى quot;منع عودة حزب البعث إلى السلطة أو الحياة السياسية تحت أي مسمى، وعدم السماح له بأن يكون ضمن التعددية السياسية والحزبية في العراق، فضلًا عن حظر الكيانات والأحزاب والتنظيمات السياسية، التي تتبنى أفكارً أو توجهات تتعارض مع مبادئ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطةquot;.

سرية في غياب البث
وقد اضطر غياب النواب هؤلاء عن حضور الجلسة الطارئة اليوم، والتي كان مقررًا لها أن تكون علنية وتنقل مباشرة من على شاشة قناة quot;العراقيةquot; الرسمية ليطلع العراقيون على تفاصيل وملابسات الحادث ومواقف الكتل السياسية منها.. اضطر رئاسة البرلمان إلى تحويل هذه الجلسة العلنية الى سرّية تشاورية.

وقد حضر نائب رئيس الوزراء صالح المطلك رئيس لجنة التحقيق الوزارية في حادث الحويجة إلى جلسة البرلمان، وأدلى بشهادته حول الأزمة الأمنية. وأشار المطلك إلى أن لجنته لم تنته من إعداد تقريرها حول الحادث بعد، وهي تحتاج مزيدًا من الوقت للاستماع إلى شهود آخرين والإطلاع على وثائق وأفلام مرتبطة بما جرى.

تقارير الحويجة متناقضة
وفور انتهاء جلسة البرلمان، أكد رئيس كتلة الأحرار البرلمانية الممثلة للتيار الصدري بهاء الأعرجي أن تقارير اللجنة الوزارية واللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق في أحداث الحويجة متناقضة. وقال خلال مؤتمر صحافي في مبنى البرلمان إن اللجان المشكلة في حادثة الحويجة قدمت معلومات متناقضة، حيث استمع النواب إلى تقارير اللجنة الوزارية وتوصيات اللجنة البرلمانية، التي اعتبرت القتلى شهداء، ويجب تعويضهم، وكذلك كشفت عن استخدام العنف، مما يؤكد وجود تقصير في المؤسسة الأمنية.

وأوضح أن اللجنة الوزارية أقرّت بوجود اشتباكات مسلحة، ما يعني أن بعض المتظاهرين كانت بحوزتهم أسلحة. وطالب الأعرجي المتظاهرين في ساحات الاعتصام بالمحافظة على سلمية التظاهرات، حتى يستمر دعمها، وكذلك احترام مؤسسات الدولة وهيبتها وتسليم الجناة والقتلة من أجل أن ينالوا جزاءهم العادل.

وكان أعضاء لجنة تقصي الحقائق النيابية، التي شكلتها رئاسة البرلمان، قد قامت برفقة أعضاء من المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان بزيارة محافظة كركوك يوم الجمعة الماضي، للتحقيق في أحداث قضاء الحويجة.

وأجرت اللجنة، التي ترأسها النائب عمار طعمة عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، وضمت كلًا من النواب سليم الجبوري رئيس لجنة حقوق الإنسان ومظهر الجنابي ومها الدوري وسميرة الموسوي وجمال الكيلاني ووصال سليم، لقاءات مع محافظ كركوك ونائبه وأعضاء في مجلس المحافظة، أعقبتها لقاءات مع المسؤولين في دائرة الصحة والمستشفيات، واستمعت إلى شهود العيان والمصابين وإلى عدد من المواطنين، الذين كانوا متواجدين في مكان الحادث، وواكبوا مجريات الأحداث.

نجيرفان بارزاني في بغداد غدًا لبحث ملفات عالقة
إلى ذلك، رحّبت الأمم المتحدة بمساعي التهدئة والتوصل إلى حلول للأزمة بين بغداد وأربيل خلال زيرة سيقوم بها إلى بغداد غدًا الاثنين رئيس وزراء إقليم كردستان نجيرفان بارزاني، للبحث مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في القضايا العالقة بين الطرفين.

وأكد رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق quot;يوناميquot; مارتن كوبلر في بيان اليوم ترحيبه بالاجتماع المقرر عقده بين المالكي وبارزاني يوم الاثنين في بغداد. وقال quot;آمل حقًا أن يسهم هذا الاجتماع في إيجاد حلول طويلة الأمد، تستند إلى الدستور للتغلب على الأزمة الراهنة في العراق، وفي عودة الوزراء الأكراد إلى عملهم في مجلس الوزراء الاتحادي قريبًاquot;.

وأضاف quot;في هذه المرحلة الحرجة لا بد من الجلوس معًا، والتحدث بروح بناءةquot;. وشدد على أن quot;الحوار هو أفضل وسيلة للتغلب على المشاكلquot;. وأشار كوبلر إلى أن كلا الطرفين quot;بحاجة إلى معالجة المسائل العالقة وإلى الأبد، مثل الشراكة الحقيقية والأمن والميزانية وتقاسم الواردات بطريقة شفافة وصريحةquot;.

وقالت مصادر كردية إن زيارة نجيرفان بارزاني إلى بغداد تهدف إلى إعطاء المحادثات دفعة قوية لتسوية الخلافات بين الإقليم وبغداد والأزمة السياسية ككل في البلاد، في ظل الرغبة القائمة في التمسك بالحوار والابتعاد عن العنف. وكانت القيادة الكردية قررت في وقت سابق إرسال وفد إلى بغداد للبحث في الخلافات بين الطرفين، فيما يواصل الوزراء والنواب الأكراد مقاطعة اجتماعات مجلس النواب والحكومة.

وتبادل التحالفان الوطني والكردستاني خلال الأسبوعين الأخيرين الرسائل والوفود لغرض معالجة القضايا العالقة، وأبرزها المادة 140 من الدستور ومستحقات الشركات النفطية الأجنبية ومصير قوات البيشمركة والشراكة الوطنية. وهناك مشاكل قديمة بين بغداد وأربيل بشأن مناطق متنازع عليها وإدارة الثروة النفطية، وكذلك ميزانية حرس الإقليم quot;البيشمركةquot; وغيرها.

تميزت علاقة كردستان بالتوتر الشديد مع الحكومة الاتحادية خلال الولاية الثانية لرئيس الوزراء نوري المالكي، الذي تتهمه القيادة الكردية بالتفرّد في القرارات وقيادة البلاد نحو الدكتاتورية.

المالكي شارك في تشييع الجنود الخمسة
هذا وجرى في بغداد اليوم تشييع جثامين الجنود الخمسة، الذين قتلوا في محافظة الأنبار أمس السبت، في هجوم مسلح، وقع بالقرب من ساحة الاعتصام في مدينة الرمادي، حيث شارك في التشييع رئيس الوزراء نوري المالكي ووزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي وأعضاء لجنة الأمن والدفاع البرلمانية وأهالي الضحايا.

وقد جرى التشييع في مقر وزارة الدفاع في المنطقة الخضراء في بغداد، ومن ثم تم نقل الجثامين إلى مثواها الأخير. ودعا المالكي quot;المتظاهرين السلميين إلى طرد المجرمين، الذين يستهدفون قوات الجيش والشرطة العراقية من محافظة الأنبارquot;. وطالب quot;علماء الدين وشيوخ العشائر وأبناء الشعب، وخصوصًا في محافظة الأنبار، بنبذ هؤلاء القتلةquot;.

أما رئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري فقد قال في تصريح صحافي مكتوب تلقته quot;إيلافquot; اليوم quot;إن بشاعة طريقة قتل الجنود الخمسة كشفت عن هوية الذين يقفون وراءهاquot;. وشدَّد على ضرورة معاقبة الإرهابيين، الذين ارتكبوا تلك الجريمة. واعتبر أنَّ موقف العشائر المتجلي في الانسحاب من ساحة التظاهر بعد جريمة قتل الجنود تعبير عن اصطفافها مع الشعب.

وأكد الجعفري أن الوحدة الوطنية التي تجمع العراقيين على اختلاف مذاهبهم وقومياتهم أقوى من كلِّ الأعداء. وقال quot;إنَّ أبناء قواتنا المُسلّحة العراقية درع الوطن الذي يصونه من الانتهاكquot;.

تمديد مهلة تسليم المطلوبين
وفيما دانت القائمة العراقية اليوم قتل الجنود في الرمادي، طالبت القوات المسلحة بأن لا تزجّ بنفسها في الصراعات السياسية. وطالب النائب عن القائمة خالد العلواني خلال مؤتمر صحافي في مبنى البرلمان الحكومة بتطبيق القانون على الجميع والإسراع في تسليم قتلة المتظاهرين في الفلوجة والموصل والمطلوبين للقضاء من أفراد القوات المسلحة وكذلك إنجاز التحقيقات في مجزرة الحويجة والكشف عن المسؤولين عنها وتسليمهم للقضاء العادل.

من جهته أعلن قائد عمليات محافظة الأنبار الفريق الأول الركن مرضي المحلاوي اليوم عن البدء بملاحقة المسلحين المسؤولين عن مقتل الجنود الخمسة. وقال إن مهلة الأربع وعشرين ساعة، التي منحت للمعتصمين لتسليم قتلة الجنود الخمسة، والتي انتهت ظهر اليوم، قد تم تمديدها، بعد إجراء مفاوضات مع شيوخ عشائر الأنبار، الذين سلموا لنا أسماء الجناة، وتتم الآن عملية ملاحقتهم وتقديمهم للعدالة.

وأضاف في تصريح لوكالة quot;كل العراقquot; إن المفاوضات مازالت جارية مع شيوخ العشائر حول الموضوع إلى حين اعتقال المسؤولين عن الجريمة.

يذكر أن 5 من أفراد الجيش العزل قد قتلوا، وأصيب آخر بجروح أمس السبت بهجوم مسلح أثناء عودتهم إلى بيوتهم للتمتع بالأجازة قرب ساحة الاعتصام في مدينة الرمادي . على أثر الهجوم، دعت قيادة عمليات وشرطة الأنبار شيوخ العشائر والمعتصمين إلى التعاون في اعتقال المنفذين، محددة مهلة 24 ساعة لذلك، وبخلافه quot;فإنها ستحرق الأخضر واليابسquot; على حد تعبيرها.

وفي حين أفتى رجل الدين السني البارز عبد الملك السعدي بحرمة قتل عناصر الجيش والشرطة، فقد طالب المتظاهرين بمنع الملثمين والمنقبين من دخول ساحات التظاهرات. ومن جانبه كشف رئيس مؤتمر صحوة العراق أحمد أبو ريشة مساء أمس السبت، عن اعتقال شخصين من قتلة الجنود العراقيين في مدينة الرمادي وتسليمهم إلى القوات الأمنية.