يسير العراق على طريق محفوفة بالمخاطر تنحدر نحو المواجهة، حيث إن جيش رجال الطريقة النقشبندية، الذين ظهروا كبديل محتمل لتنظيم القاعدة في بلاد ما بين النهرين، يقود هذه الأيام تمرداً ضد حكومة المالكي.


قبل أيام من انسحاب قوات الولايات المتحدة من العراق، قال مسؤولو الاستخبارات الأميركية إنهم يشعرون بالقلق من أن التمرد السني المقبل في البلاد لن يكون على يد تنظيم القاعدة، بل من قبل منظمة ينتمي قادتها إلى حزب البعث في عهد الرئيس السابق صدام حسين.
اليوم، وبعد اشتباك عدد كبير من العشائر السنية مع القوات الحكومية الأسبوع الماضي، تدور الكثير من الأسئلة والمخاوف في أذهان العراقيين من كل الطوائف أهمها: هل تتجه البلاد نحو حرب أهلية جديدة؟ وهل ستكون إحدى جبهاتها بقيادة البعثيين السابقين؟
ظهرت مجموعة جيش رجال الطريقة النقشبندية كبديل محتمل لتنظيم القاعدة في بلاد ما بين النهرين لأهل السنة الذين يشعرون بالتهميش في ظل حكومة العراق التي يقودها الشيعة ويتجهون لحمل السلاح مرة أخرى.
تأججت مشاعر الغضب الاسبوع الماضي بعد غارة شنتها قوات الأمن على معسكر احتجاج السنة في قرية الحويجة، وهي معقل للمجموعة، مما أدى إلى مقتل عشرات القتلى.
في هذا السياق، اعتبرت صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; أنه في الوقت الذي واصل فيه تنظيم القاعدة تنفيذ عمليات تفجير السيارات والهجمات الانتحارية، عمل جيش رجال الطريقة النقشبندية على تسليح أفراده وقام بتجنيد مقاتلين من صفوف وحدات الحرس الجمهوري لصدام حسين ونظم حملة إعلامية قوية مع مجلة الكترونية عبر الانترنت مستخدماً وسائل الاعلام الاجتماعية لنشر رسالته التي تفيد بأن أفراده quot;هم حماة القومية العربية السنية ويقفون ضد النفوذ الإيرانيquot;.
quot;إنهم يخوضون حرباً على المدى الطويلquot;، قال مايكل نايتس، المحلل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، الذي يجري أبحاثاً حول جيش رجال الطريقة النقشبندية، مشيراً إلى أن quot;الجماعة في وضع جيد جداً لاستغلال ما يحدث في العراقquot;.
استمرت الاشتباكات بين مسلحين من السنة والقوات الحكومية خلال عطلة نهاية الأسبوع، فيما يقول ديبلوماسيون وخبراء في السياسة العراقية إن الأحداث الأخيرة قد تدفع البلاد إلى شفا حرب أهلية جديدة.
وحذر مارتن كوبلر، ممثل الأمم المتحدة في العراق، مؤخراً من أن البلاد quot;يمكن أن تتجه نحو المجهولquot;، فيما أشارت مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة لمنع نشوب الصراعات، إلى أن العراق quot;على طريق محفوفة بالمخاطر تنحدر نحو المواجهةquot;.
الخوف الذي يسود العراق حالياً يعكس الطبيعة المتغيّرة لأعمال العنف الأخيرة، فالتفجيرات العشوائية لا تملك إلا قدرة محدودة على تحدي سلطة الدولة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن عدداً كبيراً من القادة السنة وغيرهم من المواطنين قد تنصلوا من مثل هذه الهجمات. لكن ما يراه العراقيون اليوم مشهداً مختلفاً تماماً، فهناك أعداد كبيرة من الرجال السنة الذين بدأوا بحمل السلاح وتشكيل وحدات الميليشيا ومحاربة الحكومة.
واعتبرت quot;نيويورك تايمزquot; أن احتمال نشوب حرب أهلية في العراق يمكن أن يتوقف على أمرين: قدرة رئيس الوزراء نوري المالكي على نزع فتيل الأزمة من خلال تقديم تنازلات ذات مغزى إلى السنة، مثل الإصلاح القضائي والإفراج عن السجناء السنة المحتجزين بدون تهم، وقدرة الجماعات مثل جيش رجال الطريقة النقشبندية على إقناع السنة بالشروع في حملة المقاومة المسلحة.
في أعقاب غارة الحويجة، التي أطلقت موجة من الهجمات الانتقامية ضد قوات الأمن العراقية، يقول بعض السنة إنهم على استعداد للانضمام إلى الجماعات المسلحة مثل تنظيم جيش رجال الطريقة النقشبندية لمحاربة الحكومة التي يعتبرونها موالية لإيران التي ترفض استيعاب دور ذي مغزى لأهل السنة في الحياة العامة.
quot;ما حدث في الحويجة هو فخ وقعت فيه الحكومة وهي الآن في سيناريو مشابه لما حدث في سوريا في بدايات الثورةquot;، قال غازي الزيدي (62 عامًا)، وهو سني من محافظة ديالى، مشيراً إلى أن quot;العنف سيؤدي الى تأجيج مشاعر العراقيين ويدفعهم للتحضير لثورة ضد الحكومة، كما يساهم في جلب المزيد من التعاطف مع أولئك الذين يشكلون القوات التي تحارب الحكومةquot;.
وعلى الرغم من أنه نفى احتمال اعتماد جيش رجال الطريقة النقشبندية نهج القاعدة في الإصابات الجماعية، إلا أنه اعتبر أن quot;الجماعة تعاونت، في بعض الأحيان، مع تنظيم القاعدة لتنفيذ هجمات بالسيارات المفخخةquot;.
ووقعت الكثير من الهجمات من قبل المجموعة في المناطق القبلية حول الحويجة، ويقول محللون إن أفراداً من التنظيم لعبوا دوراً في الاحتجاجات في المدن ذات الغالبية السنية التي بدأت في ديسمبر/ كانون الاول، وكانت سلمية إلى حد كبير حتى الاسبوع الماضي.
وفي إشارة إلى الاشتباك الذي وقع في الحويجة، قال نايتس إن جيش رجال الطريقة النقشبندية quot;إما حرّض عليه أو عمل على استغلاله بشكل سريع جداًquot;.