ينتظر المغرب عودة ملكه محمد السادس من فرنسا ليبتّ في الأزمة السياسية التي تعصف بحكومة عبدالاله بنكيران، بعد إعلان حزب الاستقلال انسحابه من الحكومة نتيجة خلافات مع العدالة والتنمية.


أيمن بن التهامي من الرباط: إلى جانب أزمته الاقتصادية الخانقة، يمر المغرب بأزمة سياسية معقدة، بعد تخلي ثاني أكبر قوة سياسية في البرلمان عن دعم الحكومة التي يقودها الإسلاميون.

وكان المجلس الوطنيّ لحزب الاستقلال (المحافظ)، قد قرّر مؤخراً الانسحاب من الحكومة، وذلك بمقتضى الفصل 42 من الدستور، لتفتح الأبواب أمام المراقبين لوضع السيناريوهات المحتملة للخروج من الأزمة.

ويعيش المشهد السياسي حاليًا حالة من الترقب، في انتظار عودة الملك محمد السادس من فرنسا، على اعتبار أنه سيخص الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط باستقبال، في أفق إيجاد مخرج لهذه الأزمة الحكومية.

الانسحاب.. تأكيد استقلالي ونفي إسلامي

يبدو أن رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، سيدفع ثمنًا باهظًا نتيجة تجاهله مذكرة التعديل الحكومي، التي سبق أن تقدم بها حزب الاستقلال، بالتزامن مع مرور 100 يوم على تنصيب الحكومة.

فهذه المذكرة التي شددت في أسطرها الأخيرة على التعجيل بعقد اجتماع لمكونات الأغلبية لدراسة ما جاء في المذكرة، اختار رئيس الحكومة، بتفويض من صقور حزب العدالة والتنمية، وضعها جانبًا، وهو ما جعل الاستقلاليين يعمدون إلى التصعيد بالانتقال من التلويح بالانسحاب من الحكومة إلى إقرارها بشكل نهائي.

وفي هذا الإطار، قال عبد القادر الكيحل، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، quot;نحن اتخذنا القرار وهو نهائي، وليس هناك سيناريو آخر، والتفكير في السيناريوهات المقبلة ليس من همناquot;، وزاد موضحاً quot;نحن الآن نعمل في الأقاليم، حيث نعقد لقاءات مع السكان، ونواصل عملنا بشكل عاديquot;.

وأضاف عبد القادر الكيحل، في تصريح لـquot;إيلافquot;، quot;الحديث عن مقترح للخروج من الأزمة شيء سابق لأوانه، وإذا طلب من الحزب أمر ما فالمجلس الوطني هو الذي سيقرر، لذا فإننا، في حالة مثل هذه، سنعود إليه للبت في الطلب الذي سيجري تقديمه لناquot;.

من جهته، قال عبد العالي حامي الدين، عضو الأمانة العامة للعدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحاكم، إنه quot;إلى حدود الساعة ليس هناك انسحابquot;، مشيرًا إلى أن quot;الوزراء المحسوبين على حزب الاستقلال يقدمون، اليوم الاثنين، الأجوبة في البرلمان... فأين الانسحاب إذن؟quot;.

وأضاف عبد العالي حامي الدين، في تصريح لـquot;إيلافquot;، quot;إلى حدود الساعة لم نتوصل بأي شيء يفيد الانسحاب الفعلي لحزب الاستقلال من التحالفquot;، مبرزًا أن quot;التحالف داخل الحكومة ما زال قائمًاquot;.

وأكد القيادي الحزبي أن quot;العمل الحكومي يجري بشكل عادي، كما أن العمل البرلماني يجري أيضًا بشكل عاديquot;، مشيرًا إلى أن quot;هناك إشكالات في العلاقة مع الأمين العام لحزب الاستقلال على مستوى الأغلبية، وليس على مستوى الحكومةquot;.

التعديل الحكومي هو الحل

تمّ طرح العديد من السيناريوهات حول الخروج من الأزمة السياسية التي يمر بها المغرب، غير أن الأقرب منها بدأت تتضح ملامحه بعد تسجيل بعض الليونة في مواقف قياديين من الحزبين.

وفي هذا الإطار، توقع رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، عبد الرحيم منار السليمي، أن يجري تقليص مخاطر الأزمة السياسية الحالية في المغرب بين الشركاء الحكوميين (الاستقلال والعدالة والتنمية).

واشار إلى أن quot;الخطاب يتغيّر بسرعة، وحزب الاستقلال يحول مطالبه نحو المواجهة مع الحليف السياسي الأضعف في حكومة بنكيران، أي حزب التقدم والاشتراكية، وينبه إلى عدد المقاعد الوزارية التي يقودها هذا الحزب مقارنة مع عدد مقاعده في مجلس النوابquot;.

يضيف منار اسليمي في تصريح لـquot;إيلافquot;: يبدو أن هذا التحول في خطاب الاستقلال ودرجة المرونة التي بات يبديها حزب العدالة التنمية، الذي يعتبر أن قرار الاستقلال بالانسحاب مازال داخليًا ولم يصل إلى رئيس الحكومة، يظهر أن الحزبين باتا مستعدين للمفاوضات، وغير قادرين على تغيير وضعيتهما الحالية كشريكين حكوميين، وفي الوقت نفسه غير قادرين على الذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانهاquot;.

وبناء على ذلك، يرى المحلل المغربي، أنّ سيناريو التعديل الحكومي بات الأكثر احتمالاً باستمرار الاستقلال، إلى جانب العدالة والتنمية بمقاعد وزارية جديدة قد تكون على حساب التقدم والاشتراكية.

أضاف: quot;من هنا فالأزمة تسير نحو الانفراج، وجميع الفرضيات الدستورية المشار إليها في الفصل 47 (استقالة أو طلب إعفاء بعض الوزراء) أو 104 (حل رئيس الحكومة لمجلس النواب) من الدستور باتت تبتعد الآن عن الأزمة السياسية بين الشريكين الحكوميين. فالمغرب قد يعرف، في الأسابيع المقبلة، تعديلاً حكوميًا بقيادة العدالة والتنمية، إلى جانب حزب الاستقلال كحليفين أساسيين، وحزب الحركة الشعبيةquot;، مبرزًا أن quot;استمرار زعيم حزب الاستقلال في اشتراط خروج حزب التقدم والاشتراكية من التحالف، إما أنه سيقود إلى تقليص مقاعد هذا الأخير (التقدم والاشتراكية) أو أن يحل محله حزب جديد في التحالف هو الاتحاد الدستوريquot;.