استبقت السلطات الإيرانية الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد أقل من شهر بحملة منظمة لقمع المعارضين والنشطاء والاعلاميين الذين لا يشاطرونها الرأي السياسي، كما خفضت من سرعة الانترنت لقطع تواصل هؤلاء مع الخارج.


بيروت: الاضطرابات التي وقعت بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية في العام 2009 لا تزال تؤرق قادة الجمهورية الاسلامية. ولذلك، تعمل السلطات على تهيئة المناخ السياسي في البلاد قبيل العملية الانتخابية المقبلة.

وعلى الرغم من أن قادة الثورة الخضراء ما لازالوا يقبعون قيد الإقامة الجبرية ومن انقسام أفرادها حول مقاطعة الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل، تخشى السلطات الايرانية من تكرار سيناريو 2009، ما دفعها إلى شن حملة قمع مسبقة على النشطاء والصحفيين وغيرهم من المعارضين.

وفي خطوة استباقية استعدادًا لإعلان المرشحين الرئاسيين الذين وافق عليهم مجلس صيانة الدستور، تم تخفيض سرعة الإنترنت، وتشديد الإجراءات الأمنية في طهران، واعتقال عدد قياسي من الصحفيين.

قمع استباقي

أعلن التلفزيون الإيراني الحكومي القائمة النهائية للمرشحين، التي استبعدت كل من الرئيس الايراني السابق هاشمي رفسنجاني، وإسفنديار رحيم مشائي، الحليف المقرب من الرئيس احمدي نجاد، الذي تعهد بشن حملة نشر أسرار قذرة لخصومه في حال تم رفض ترشيح مستشاره.

وشملت الحملة القمعية التي شنتها سلطات الأمن الإيرانية في أوساط المعارضة والمنشقين على النظام إعدام رجلين بتهمة التجسس ومحاربة دين الله، واعتقال مجموعة من النشطاء، واستدعاء عدد من منظمي حملات المعارضة لاستجوابهم، ومنع إطلاق سراح السجناء السياسيين وحرمانهم من الزيارات العائلية ونقل بعضهم إلى سجون انفرادية.

ونقلت صحيفة غارديان البريطانية عن عدد من نشطاء حقوق الإنسان في إيران قولهم إن قمع الدولة قد ازداد حدة خلال الأسابيع التي تسبق انتخابات الرئاسة، بسبب مخاوف السلطات من تكرار التظاهرات الاحتجاجية المناهضة للحكومة الإيرانية، التي جرت في أعقاب نتائج انتخابات الرئاسة في العام 2009.

ونشرت الصحيفة قاعدة بيانات على شبكة الإنترنت تتضمن دراسة بتفاصيل أعمال القمع التي مارستها السلطات الإيرانية، وتتضمن ما يقرب من 2600 سجين من سجناء الرأي في إيران، من بينهم مئات من النشطاء وعشرات من الطلبة والنساء المدافعات عن حقوق المرأة والمحامين والفنانين والسياسيين السابقين والكثير من أفراد الأقليات الدينية والعرقية في إيران.

خلف القضبان

في العام 2009، احتجت الحركة الخضراء المعارضة على نتائج الانتخابات الرئاسية، وقابلت قوات مكافحة الشغب تلك التظاهرات بقتل عشرات المحتجين، واعتقال المئات منهم. ولا يزال هناك ما لا يقل عن 391 طالبًا و90 معلمًا و65 كاتبًا وشاعرًا وسينمائيًا و20 محاميًا و131 صحافيًا ومدونًا داخل السجون الإيرانية.

أما سجناء الأقليات الدينية والعرقية في إيران، فتشير غارديان إلى اعتقال ما لا يقل عن 572 كرديًا و203 عرب و192 أذربيجانيًا و240 بهائيًا و13 بلوشيًا و40 مسيحيًا و98 صوفيًا وزرادشتيًا ويهودي واحد.

ومع اقتراب موعد الانتخابات، تسعى السلطات الإيرانية لضمان عدم تكرار ما حدث في العام 2009، فألغت هذا الأسبوع قرار الإفراج المشروط عن الناشط باهريح هديات، وعن الصحافيين أحمد زيدابادي وباهمان أحمدي أموي ومسعود باستاني الذين أُلقي القبض عليهم في العام 2009.

وذكر موقع كلامي المعارض أن عددًا من النشطاء تعرضوا للاعتقال في عدد من المحافظات الإيرانية، كما تلقى بعضهم استدعاءات لاستجوابهم. فيما يقبع رئيس تحرير موقع بازتاب المحافظ علي غزالي في السجن منذ اعتقاله أوائل هذا الشهر. كما ذكرت شبكة إيران الإخبارية أن السلطات اعتقلت عددًا من المتعاطفين مع نجاد ومرشحه مشائي، الذي رفض مجلس صيانة الدستور طلبه خوض اللانتخابات الرئاسية.