قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري يوم الجمعة إن محادثاته المكوكية مع الزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين بشأن إحياء المفاوضات المباشرة بين الجانبين كانت quot;بنّاءة جدًاquot;، لكنه لم يخفِ شكوكه من استئناف وشيك للمفاوضات المباشرة بين الطرفين.
نصر المجالي: يبدو كيري، الذي عُلم أنه يحمل quot;خارطة طريقquot; مصمّمًا على مواصلة جهوده، حيث سيعود إلى المنطقة الاثنين للمشاركة في المؤتمر الاقتصادي العالمي في الأردن، الذي سيشارك فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونظيره الإسرائيلي شيمون بيريز.
وعلمت quot;إيلافquot; أن محاولات تجري لعقد قمة رباعية على هامش quot;دافوسquot;، تجمع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وكلًا من الرئيسين الإسرائيلي بيريز والفلسطيني عباس والوزير الأميركي، وذلك في محاولة لتجاوز أية عراقيل أمام خطة كيري.
إحياء السلام
لم ينجح كيري خلال شهرين من اللقاءات في إحراز أي تقدم سوى إحياء مبادرة السلام العربية، التي يعود تاريخها إلى عام 2002 بدعم من قطر، بينما يواصل الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني تبادل الاتهامات حول العوائق التي تحول دون استئناف محادثات السلام.
وخلال تصريحاته للصحافيين، بعد يومين من المحادثات في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، حثّ كيري الجانبين على الامتناع عن اتخاذ أية تصرفات استفزازية quot;تعيدنا إلى الوراءquot;، وقال إنهما يجب أن يركّزا بدلًا من ذلك على التقدم نحو محادثات السلام.
وقال كيري، بعد محادثات منفصلة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس، quot;وصلنا إلى وقت يحتاج فيه الزعماء إلى اتخاذ قرارات صعبةquot;.
وكان كيري قد وصل إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية الخميس، حيث يواصل جهوده لدفع إسرائيل والفلسطينيين نحو العودة إلى مفاوضات السلام المجمدة منذ نحو ثلاثة أعوام، بينما تتزايد الشكوك حول نجاح جهوده.
خطة في مرحلة الإعداد
هذا والتقى كيري الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله بعد ظهر الخميس، وأعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أنهما بحثا خلال لقائهما خطة سلام يقوم كيري بإعدادها.
وقال عريقات لوكالة فرانس برس عقب اللقاء quot;الخطة لا تزال حتى الآن في مرحلة الإعداد والاتصالات مع كل الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية والعربية والأوروبية وروسيا وكل الأطراف الدولية المعنية بالسلام والاستقرار في منطقتناquot;.
وبحسب عريقات، فإن quot;كيري يقوم بجولات مكثفة واتصالات واسعة للوصول إلى صيغة لخطتهquot;، مشيرًا إلى أنه quot;لا يوجد طرف في العالم يستفيد من السلام كما يستفيد الشعب الفلسطيني، ولا يوجد طرف يخسر من استمرار الاحتلال، كما الشعب الفلسطينيquot;.
وأكد عريقات أن quot;دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة متصلة من دون استيطان هي ليست شروطا، بل التزامات لتحقيق السلامquot;.
لقاء نتنياهو
وبدأ كيري زيارته بلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس، حيث قال في مستهل لقائه مع نتنياهو quot;أعرف هذه المنطقة جيدًا، لدرجة أنني أعلم أن هناك شكوكًا، وفي بعض الأوساط هناك سخرية، وهناك أسباب لذلك، وقد مضت سنوات مريرة من خيبة الأملquot;.
وأكمل quot;نأمل أنه من خلال كوننا منهجيين وحذرين وصبورين وواضحين وعنيدين، سيمكننا التقدمquot;. وأكد نتنياهو من جانبه quot;نريد إعادة إطلاق محادثات السلام مع الفلسطينيينquot;، مشيدًا بجهود وزير الخارجية الأميركي. وأضاف quot;هذا أمر نرغب فيه، وأمر ترغب فيه، ونأمل أن يكون الفلسطينيون يرغبون فيه أيضًاquot;.
ورحّب كيري quot;بجديةquot; نتانياهو في quot;بدء العملquot; الأساسي، الذي تحدث عنه الرئيس الأميركي باراك أوباما في زيارته في آذار/مارس الماضي. وأشار كيري إلى أن الجنرال الأميركي جون آلن quot;موجود هنا على أرض الواقع للعمل مع نظرائه حول مسائل الأمنquot;.
انقسام إسرائيلي
ما يؤكد تعقيد مهمة وزير الخارجية الأميركي انقسام الوزراء الإسرائيليين حول القضية الفلسطينية باعتراف وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني المسؤولة عن ملف المفاوضات مع الفلسطينيين.
وصرح كيري بعد لقائه ليفني quot;ينبغي تأمين الظروف لإحياء المفاوضات. نأمل في أن يتخذ الفلسطينيون كل التدابير في هذا الاتجاهquot;. وخلال استقباله ضيفه الأميركي، قال الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز quot;إذا نجحتم سيكون نجاحًا لنا، وإذا فشلتم سيكون فشلًا لنا. سنكون إلى جانبكم. إن مهمتكم من أجل السلام تعنينا جميعًاquot;. وكانت ليفني قالت في وقت سابق الخميس للإذاعة العامة quot;توجد خلافات أيديولوجية داخل الحكومةquot;.
وأشارت إلى أن تعثر المفاوضات منذ أكثر من ثلاث سنوات quot;لا يخدم سوى أولئك الذين يعتقدون كل يوم أن بإمكانهم الاستيطان على أرض (في الضفة الغربية) وبناء منزل جديد (في مستوطنة) وأنه بهذه الطريقة يمكن منع التوصل إلى اتفاقquot;. وكانت ليفني تشير إلى لوبي المستوطنين، وأيضًا إلى شركاء آخرين مهمين في الائتلاف الحاكم.
ويتكون الائتلاف الحكومي في إسرائيل من حزب البيت اليهودي القومي المتطرف، الذي يدعو إلى مواصلة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة، ويعارض أيضًا إقامة أي دولة فلسطينية، إضافة إلى حزب الليكود اليميني بزعامة نتنياهو.
هنالك أيضًا حزب يش عتيد (هناك مستقبل)، الذي شكل حلوله في المرتبة الثانية مفاجأة في الانتخابات التشريعية بزعامة وزير المالية يائير لابيد. واستبعد لابيد أخيرًا أي تجميد للاستيطان وأي تنازل عن القدس الشرقية المحتلة، التي يؤكد الفلسطينيون أنها ستكون عاصمة لدولتهم المستقبلية.
ومثل نتنياهو، يرغب لابيد في اتفاق موقت مع حدود موقتة بدلًا من معاهدة سلام كاملة لإقامة الدولة الفلسطينية، الأمر الذي استبعده مرارًا الرئيس الفلسطيني محمود عباس. واعترفت ليفني، التي تترأس حزب quot;الحركةquot; الوسطي الذي ركز في حملته الانتخابية على موضوع إعادة إطلاق محادثات السلام، بأنها quot;الوحيدة التي تقاتل من أجل هذا الموضوعquot;.
وأعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، الذي التقى الخميس نتنياهو وعباس، دعم بلاده والاتحاد الأوروبي الكبير للجهود الأميركية، لكنه نبّه إلى أن quot;إمكانات إيجاد حل الدولتين لن تكون إلى الأبدquot;. وهذه الزيارة الرابعة لكيري إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية منذ توليه حقيبة الخارجية في شباط/فبراير الماضي.
تأتي لقاءات كيري بعد يوم قضاه في عمّان، حيث التقى عشرة وزراء خارجية آخرين في مؤتمرquot;أصدقاء سورياquot; في محاولة لإنهاء النزاع السوري.
شكوك
وعلى الرغم من التصريحات العلنية بدعم جهود كيري لدفع الجانبين إلى طاولة المفاوضات، يبدو الجانبان متشككين في إمكانية نجاح جهوده.
على الجانب الفلسطيني، فإن اللهجة غير مشجّعة أيضًا، حيث قالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، في مقابلة مع الصحافة الفلسطينية، إنها ترى أنه quot;لا يوجد استعدادquot; لدى الجانب الإسرائيلي للعودة إلى المفاوضات، مشيرة إلى أن الأمر quot;كما لو يريدون جعل مهمة كيري مستحيلةquot;، ولافتة إلى أن عباس ينتظر نتائجها حتى 7 حزيران/يونيو المقبل.
أخيرًا، رأى نمر حماد المستشار السياسي لعباس أنه quot;من الواضح الآن أن الإسرائيليين يهينون الجهود الأميركيةquot;.
التعليقات