ضرب 13 تفجيرًا بسيارات مفخخة بعد ظهر اليوم مناطق تسكنها غالبية شيعية في العاصمة العراقية، ما أدى إلى مقتل وإصابة أكثر من 200 مواطن، في حصيلة أولية للخسائر قابلة للارتفاع، في إطار عمليات تستهدف تفجير حرب طائفية في البلاد.. بينما دعا رئيس البرلمان والقيادات الأمنية، التي امتنعت عن الحضور أمام ممثلي الشعب، إلى تقديم مبررات مقنعة حيال هذا التردي الأمني المزمن.


أسامة مهدي: ابلغ مواطنون وصحافيون في بغداد quot;ايلافquot; في اتصال هاتفي ان 13 مفخخة، اضافة الى عبوات ناسفة عدة، انفجرت خلال الساعات القليلة الماضية في اسواق تجارية ومناطق سكنية تقطنها غالبية شيعية في بغداد، الامر الذي ادى الى مصرع حوالى 81 شخصًا واصابة 193 اخرين.

بغداد وضواحيها تشتعل
واشاروا الى ان التفجيرات طالت شارع السعدون وسط العاصمة، اضافة الى مناطق البياع والحبيبية والصدرية والشعب والمدائن والحرية وجسر ديالى والكاظمية وبغداد الجديدة في مناطق شمال وغرب وشرق بغداد.

وتصاعد العنف في العراق منذ مطلع الشهر الحالي، حيث تشهد مناطق مختلفة من البلاد تدهورا أمنيا كبيرا، من خلال تفجير سلسلة من الهجمات بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة وأسلحة كاتمة، استهدفت دوريات الأجهزة الأمنية ودور عبادة وأسواقا شعبية سقط ضحيتها المئات من المدنيين وعناصر أجهزة الأمن.

وقد كثف مسلحون إسلاميون سنة وجماعة دولة العراق الإسلامية المرتبطة بالقاعدة هجماتهم منذ بداية العام، مستهدفين على الخصوص المناطق الشيعية في محاولة لإشعال صراع طائفي أوسع.

رئيس البرلمان يطالب القيادات الأمنية المثول أمام البرلمان والصدر يدعو إلى طرد المقصرين
حول هذه التفجيرات فقد طالب رئيس مجلس النواب الحكومة والقيادات الامنية، التي امتنعت عن الحضور امام ممثلي الشعب، بتقديم مبررات مقنعة حيال هذا التردي الامني المزمن، الذي كبد العراق خسائر جسيمة في ارواح مواطنيه الابرياء العزل.

وأدان النجيفي في بيان صحافي تلقته quot;ايلافquot; مساء اليوم quot;بأشد العبارات التفجيرات العدوانية الآثمة، التي استهدفت اهلنا واحباءنا في بغداد، وراح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحىquot;.

واضاف انه quot;في الوقت الذي نعزي فيه انفسنا وشعبنا، ونعرب عن عميق حزننا لسقوط الشهداء من اخواننا وابنائنا، فاننا نؤكد ان ضعف اداء الاجهزة الامنية واستمرار حالة الخلل والارباك في صفوفها، وعدم قدرتها على التعامل مع التهديدات بالشكل المناسب، هو ما جعل دماء العراقيين رخيصة، وارواحهم عرضة لخطر القتل والتفجير والاغتيالquot;.

وقال quot;لقد اكدنا مرارا وتكرارا ضرورة معالجة حالة الضعف والاهمال المستمرة في اداء اجهزة الامن وتدني مستوى المهنية فيها، وغياب الرقابة والجهد الاستخباري، الامر الذي سهل بشكل مستمر عملية الاختراق من قبل المجرمين والقتلةquot;. وطالب quot;الحكومة والقيادات الامنية، التي امتنعت عن الحضور امام ممثلي الشعب، بتقديم مبررات مقنعة حيال هذا التردي الامني المزمن، الذي كبد العراق خسائر جسيمة في ارواح مواطنيه الابرياء العزلquot;.

اما زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، فقد طالب الحكومة بمحاسبة وطرد quot;المنتمين الى السلك الامنيquot; من دون حق، ولأجل السلطة والشهرة من دون اخلاص، داعيًا الى ضرورة تقوية الجهد الاستخباري، كما دعا الى العمل على نزع فتيل الاحتقان الطائفي و ضرورة لم الشمل، quot;لكن ليس عن طريق الولائم والمنتديات الاقتصاديةquot;.

لطرد المتطفلين على الأمن
ودعا الصدر في بيان على ضوء تفجيرات اليوم إلى محاسبة ومحاكمة وطرد كل الاشخاص المنخرطين في السلك الامني بلا حق او غيرة لاجل مال او شهرة، كما دعا الحكومة الى العمل الجدي من اجل نزع فتيل الاحتقان الطائفي، منتقدا حضور مسؤولين عراقيين منتديات اقتصادية، يحضرها العدو الاسرائيلي.

واضاف quot;تبين لنا جلياً وبلا ادنى شك ان الارهاب ذو نفوذ في عراقنا الحبيبquot;. وقال ان على quot;الحكومة محاسبة ومحاكمة وطرد كل الاشخاص المنخرطين في السلك الامني بلا حق او لأجل مال او شهرة ومن دون اخلاص او غيرة، بل وكل من يقضي يومه في تقصير وقصور وغياب وانغماس في الملذات تاركًا دماء الشعب تسيلquot;.

وشدد على ان quot;على الحكومة العمل الجدي والفعلي لنزع فتيل الاحتقان الطائفيquot;، موضحًا أن عليها quot;العمل على لمّ الشمل، لا عبر الولائم او حضور منتديات اقتصادية يحضرها العدو الاسرائيلي، بل عبر اجتماعات حقيقية وفعلية، كما عليها العمل على إرجاع العلاقات الدولية والاقليمية الاسلامية والانسانيةquot;، كما طالب الصدر بـquot;العمل الجدي على تقوية الجهات الاستخباراتية والمخابراتية بالطرق الصحيحةquot;.

ووجّه الصدر جملة توصيات للشعب العراقي، منها quot;نزع الحقد من القلوب ونزع فتيل الحقد الطائفي، والرجوع الى القيادات الدينية، وان لا يقولوا قولًا ولا يفعلوا فعلًا الا بعد مراجعة علمائهم كل حسب عقيدتهquot;.

اما نائب رئيس الوزراء صالح المطلك فقد اكد على اهمية ان يكون للقوات الامنية موقف حازم وصارم من وجود نقاط تفتيش وهمية، وتجاه من يحاول العبث بأمن وسلامة المواطن. وقال المطلك خلال زيارته عدداً من احياء بغداد quot;ان على ضباط السيطرات مراقبة مناطقهم بشكل جيد، والقاء القبض على العناصر المشبوهة والمخلة بالأمنquot;، مشيراً الى ورود انباء عن حدوث حالات خطف وقتل على الهوية.

المواطنون هلعون
ولفت الى quot;وجود حالة من الهلع والرعب لدى المواطنينquot;، مؤكداً quot;ان هناك تخوفا من التنقل من منطقة الى اخرى بسبب أقاويل تركتها أصداء وجود مجاميع متربصة بالمواطنين الابرياءquot;. ودعا المواطنين وعناصر الامن الى ضرورة التعاون سعياً إلى تشخيص العناصر الغريبة، التي تحاول بث الرعب بين اوساط الشعب العراقي.

من جانبه قال حزب البعث العراقي المحظور، الذي تتهمه السلطات العراقية مع تنظيم القاعدة بتنفيذ هذه التفجيرات، quot;ها هم دعاة الترويج للأقاليم من عملاء المحتلين الاميركيين يرفعون عقيرتهم بالطرق على معزوفتهم النشاز محاولين عبثاً تسييس الدين واستخدامه لأغراض سياسية نفعية رخيصة تحت أغطية طائفية مهترئة والدين والمذاهب، والطوائف منهم براء، فهم حاولوا تشويه التظاهرات الشعبية الحاشدة والاعتصامات المفتوحة، التي تمضي في شهرها السادس، وقد تكبد فيها المتظاهرون والمحافظات المنتفضة عددًا من الشهداء في الفلوجة والموصل، واكثر من 150 شهيدا وجريحا في مجزرة الحويجة المروعة، وفي المقابل صعدت حكومة المالكي من جرائم ميليشياتها، التي راحت تنصب السيطرات الوهمية في وسط بغداد، وتختطف المواطنين على الهوية، وقد بلغ عدد شهداء هذه العمليات الإجرامية المئات خلال الأيام القلائل الماضيةquot;.

واضاف البعث في بيان تسلمته quot;ايلافquot; قائلا quot;بالترافق مع الانهيار الشامل في الوضع الأمني واستمرار التفجيرات الإجرامية في موجتها الجديدة اليوم التي طالت الكاظمية والشعب والحبيبية والمدائن ومنطقة السعدون وغيرها، وراح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى، عمدت حكومة المالكي الى شن حملات اعتقال واغتيال واسعة النطاق لمجاهدي البعث والمقاومة وضباط الجيش السابق وأبناء الشعب، الذين رفضوا دعوات الأقاليم المشبوهة والتأجيج الطائفي المقيت، ويستنكرون التفجيرات الإجرامية وعمليات القتل على الهويةquot;.

صلاة موحدة
وفي رد على استهداف المساجد الشيعية والسنية في العراق فقد اقيمت صلاة موحدة لمواطني الطائفتين في نصب الشهيد في وسط بغداد الجمعة الماضي، دعا فيها رئيسا الوقفين السني والشيعي الى الحفاظ على الوحدة، لإفشال محاولات الفتنة الطائفية التي تقوم بها القاعدة والبعثيون والميليشيات الشيعية.

وقد تقدم المشاركين في الصلاة الموحدة، التي اقيمت في نصب الشهيد وسط العاصمة العراقية بمشاركة مئات المصلين من مواطنيها، رئيسا الوقفين الشيعي صالح الحيدري والسني أحمد عبد الغفور السامرائي ووزير المصالحة الوطنية عامر الخزاعي.

وقبل صلاة الجمعة، التي القى خطبتها الحيدري، دعا السامرائي الى العمل من اجل انهاء عمليات القتل وسفك الدماء والتصدي للفتنة التي يتعرّض لها العراقيون ليعيشوا بأمن وعز وكرامة. من جانبه شدد الحيدري على ان العراقيين وحدة موحدة بشيعتهم وسنتهم وعربهم واكرادهم وتركمانهم ومسلميهم ومسيحييهم، فهم يشكلون جسد العراق الواحد.

وقال في خطبة الجمعة ان العراقيين بكل مكوناتهم يقفون صفا واحدا في وجه من يريدون الفتنة الطائفية واراقة الدماء، وهم مصرّون على وحدتهم من اجل خيرهم وامن بلدهم.

وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي دعا الى صلاة موحدة في التاسع عشر من الشهر الحالي، حيث قال quot;إن الذين يستهدفون المساجد هم اعداء السنة والشيعة على حد سواء، ويخططون لإشعال الفتنة، وهو مخطط قديم يراد إحياءه ، واناشد علماء الدين الافاضل القيام بواجبهم بنبذ الطائفية والفرقة والدعوة الى وحدة الصف، ونؤكد ان توجيهاتنا الى الاجهزة الأمنية بحماية جميع المساجد ودور العبادة واضحة ومشددة، ولا تساهل مع اي تقصير في هذا المجالquot;.

واضاف quot;ان الصلاة الموحدة يفهم منها انها تجمع العراقيين من السنة والشيعة، وهذا ما نتمناه، فالصلاة الموحدة الحقيقية يجب ان تجمع المسلمين بكل طوائفهم في مسجد واحد، وانا ادعو الى اقامة صلاة موحدة بهذا الشكل في أحد مساجد بغداد الكبيرة، وأن تستمر بصورة دائمة كل يوم جمعةquot;.

استهدافات بالجملة
وقد أدى هجوم للجيش العراقي على ساحة اعتصام في بلدة الحويجة في محافظة كركوك الشمالية في الشهر الماضي إلى موجة من العنف، اسفرت عن سقوط أكثر من 800 قتيل منذ ذلك الوقت، طبقًا لأرقام الأمم المتحدة، وهو أعلى عدد من القتلى في شهر واحد منذ نحو خمس سنوات.

وتصاعدت خلال الاسابيع الاخيرة عمليات استهداف دور العبادة السنية والشيعية في العراق بشكل اعاد الصورة الدامية، التي كانت عليها ابان سنوات الحرب الاهلية الطائفية في ظل تزايد استهدافها أخيرًا باعمال القتل والتفجيرات العشوائية التي تنسب الى تنظيم quot;القاعدةquot; وquot;التكفيريينquot;.

ومع تصاعد التوتر الطائفي في البلاد تحوّل العنف اليومي خلال الاسابيع الماضية من استهداف للقوات الامنية خصوصا الى ما يُسمى quot;حرب المساجدquot;. ويعيش العراق منذ 10 سنوات على وقع اعمال عنف يومية، قتل فيها عشرات الآلاف. وتدفع هذه الحوادث العديد من العراقيين الى تجنب الذهاب الى المساجد والحسينيات، وتعيد الى اذهانهم ايام الحرب الطائفية بين عامي 2006 و2008 حين كانت دور العبادة الهدف الاول للاعمال الارهابية.

ومنذ انسحاب القوات الاميركية نهاية عام 2011، تركزت معظم الهجمات على القوات الحكومية والمناطق الشيعية، وهي اعمال عنف غالبا ما يتبناها تنظيم quot;دولة العراق الاسلاميةquot; الفرع العراقي لتنظيم القاعدة.