يخشى العراقيون من أن يؤدي تصاعد موجة العنف المتبادل بين السنة والشيعة إلى اندلاع حرب أهلية تنتهي بتفتيت العراق دويلات طائفية، تأثرًا بتداعيات الأزمة السورية، ويلقون باللوم على ضعاف النفوس من الطرفين.
بغداد:يزداد شعور العراقيين بالخوف من مجهول بات يترصدهم، من خلال العنف والعنف المضاد الذي يضرب المدن والاحياء السكنية بشكل منظم، يومًا في مناطق شيعية وآخر في مناطق سنية، وبدأوا يعلنون عن مخاوف حقيقية من حرب اهلية أو من تقسيم للبلاد. واعرب العديد من العراقيين عن تخوفهم مما يجري على الساحة العراقية من عنف طائفي واضح الملامح، يضرب في اعماق المجتمع، مؤكدين وجود اجندات خارجية عديدة يتم تنفيذها بأصابع واجساد داخلية، من الذين لا يريدون للعراق الخير أو من جهلة يغريهم المال.
شبح انفجار
أبدى وزير الثقافة العراقي الاسبق مفيد الجزائري تخوفه مما يجري، مؤكدًا أنه تطور خطير. وقال: quot;نحن في خوف حقيقي، وأنا كعراقي اشعر بالخوف مما يجري، والحقيقة في وقت انفجار العنف في 2006 و2007 كانت بداياته مشابهة لما يحدث الآن، تحصل اعمال ارهابية من هذا النوع المدمر والقاتل والإبادي، فحين تحصد في عملية واحدة ارواح عشرات الناس فهذه ابادة، ويأتي رد مشابه من الطرف الآخر وتتحول القضية إلى ردود فعل متتابعة، لا يمكن السيطرة عليها، فإن شئت أم ابيت ستكون امام شبح انفجار ما، ولا اريد أن نذكر كلمة حرب اهلية أو شيئًا من هذا النوع، فما يحدث تطور جديد وخطير جدًاquot;.
اضاف: quot;الذي يقف وراء هذا كله هم المتطرفون ومن يقف وراء المتطرفين، فهناك مجموعات وفرق وتنظيمات متطرفة لا تتصرف بمفردها، ولا بد أن تكون هناك جهات ما داخلية وخارجية تدعمهاquot;. وتابع: quot;مصالح الناس متباينة والتطلعات والمطامح والخطط متعارضة، وفيها ما هو مشروع وما هو غير مشروع، وفيها ما يتطلع لخدمة الناس والبلد وفيها ما لا يرى الا خدمة مصلحته الخاصةquot;.
حريق للاخضر واليابس
أكد عمر عبد الرحيم، الطالب في جامعة بغداد، شعوره بالرعب مما يحدث. وقال: quot;لا أريد أن اقول اين اسكن ولكنني اشعر بالرعب، فالتفجيرات والاغتيالات تطال الناس الابرياء هنا وهناك، ولا اعتقد أن الامر سيتوقف ما دامت حرب الطوائف مشتعلة، وكل طرف يرد على الآخر بقتل ودمار وخراب، وكأنّ الطرفين ليس فيهما عاقل يفهم أن الطرفين يتضررانquot;.
اضاف: quot;اعتقد أن الحريق اذا شب سيحرق الاخضر واليابس، ومن المؤكد أن هناك من سيرقص لخراب العراق وتمزيق نسيج وحدتهquot;.
اما الطالبة الجامعية فيحاء طاهر فقد اعترفت أنها لا تنام الليل بسبب هذه الحوادث. وقالت: quot;لم استطع النوم وانا اتابع معركة الخزي الكبير بين العراقيين في أيهم يقتل اكثر من الآخر، فهذا هو الجهل بعينه، الذي يفرح له الاعداء، والمؤامرة كبيرة لكن نأسف أن ينفذها عراقيون، فهناك تنفجر حسينية وهناك ينفجر مسجد، هنا قتلى من المصلين المحمديين وهناك قتلى من المصلين المحمديين، وهكذا يفوز المتطرفون الذين لا يعرفون اللهquot;.
خلايا نائمة
اما المحلل السياسي واثق الهاشمي فأشار إلى أن وراء هذه التداعيات اطرافاً خارجية. وقال: quot;العراق على فوهة بركان، من ازمة سياسية خطيرة، إلى تدخل خارجي وخروقات امنية غير طبيعية، خلقت كلها حالة من انعدام الثقة بين المواطن والاجهزة الامنية، فموجات العنف المتتالية تضرب مساجد سنية ومراقد شيعية ومساجد اكراد وتركمان، في خلطة غريبة عجيبة لاثارة النعرة الطائفية والحرب الاهلية، واعتقد أن الحكومة والقوات الامنية شبه عاجزة، ولا توجد رغبة لدى السياسيين في أي حوارات لانقاذ العراق من التقسيمquot;.
أضاف: quot;الذين يقومون بهذه التفجيرات اطراف داخلية وخلايا نائمة واطراف خارجية تحاول التأثير على البلد في ظل تداعيات الاوضاع في سوريا، فهناك دول عديدة لها مصالح في العراق، من دول اقليمية ودول خارجية لا ترغب بالخير للعراق، لكن للاسف هناك سياسيون يرغبون بهذا التصعيد، واعتقد أن ما يجري في العراق له علاقة بما يحدث في سوريا، فالمشهد السوري شهد تطورًا تمثل في اتفاق دولة العراق الاسلامية وجبهة النصرةquot;.
وتابع: quot;الحل هو في التوافق ووضع خطط امنية جديدة، فالخطط القديمة أكل عليها الدهر وشرب وينبغي إحداث تبديل جدي في القيادات الامنيةquot;.
الطرف الثالث
اكد الكاتب والمحلل السياسي عبد الامير المجر وجود طرف ثالث يستغل الازمات، quot;وأعتقد أن هناك جهات في الطائفتين الشيعية والسنية تعمل على الانفصال، وهناك من يسعى إلى اقليم سني وآخر شيعي، من دون أن يعلنوا ذلك، واعتقد أن هنالك طرفاً ثالثاً ربما يكون مرتبطًا بأحد الطرفين يعمل على ما هو ابعد من ذلك، وهي الحرب الاهلية التي تمهد للانفصال، فالخطوط متشابكة بشكل يصعب فرزهاquot;.
اضاف: quot;لا شك في أن اصحاب الاجندات الخارجية لهم اذرع في الداخل، سياسية ومنفذة، تتمثل في كثير من الاغبياء أو المسوخ الذين يستثمرون في مثل هذه الازمات، وهو امر معروف وشائع، لكن القراءة الإستراتيجية لا تجعلنا نتوقف عند هؤلاء، بل عند الاسباب والمرجعيات الاساسية التي تعمل بهذا الاتجاه، ومن اجل ايقاف هذه التداعيات يجب إطلاق مؤتمر وطني عراقي تعالج من خلاله الازماتquot;.
صراع على كرسي الحكم
اما مدير تحرير جريدة المشاكس مؤيد عبد الوهاب فقد اكد أن العنف لا ينتهي اذا استمر على هذه الشاكلة، ولا بد لمن يخافون على وطنهم أن يتفقوا. وقال: quot;يبدأ العنف من تخلف المجتمعات، لكن في العراق هناك اجندات خارجية تريد اشعال الحرب الاهلية، فالعنف لا يواجه إلا بعنف مضاد، لأن التخلف موجود في كل الاطراف المتناحرة على السلطةquot;.
أضاف: quot;القضية ليست صراعًا طائفيًا، بل هو صراع على كرسي الحكم، والمواطن هو الضحية، والعنف إذا استمر على هذه الشاكلة،مرة هنا ومرة هناك، فلن ينتهي والضحية سيكون المواطن، لذلك لا يوجد حل الا مع الذين يحبون وطنهم، عليهم أن يتفقوا على حماية الناس والحفاظ على وطنهم من التقسيم ومن شيطان التدخلات الخارجية التي تريد تفتيتهquot;.
التعليقات