فيما يجري رئيس بعثة الامم المتحدة في العراق مارتن كوبلر في مدينة كركوك اليوم الخميس جولة جديدة من المباحثات مع مكوناتها الاربعة في مسعى لحل أزمتها السياسية والاتفاق على اجراء انتخاباتها المعطلة منذ عام 2005 ، فقد طرح تركمان وعرب المحافظة مقترحات جديدة للحل وسط تبادل اتهامات.

يستمعرئيس بعثة الامم المتحدة في العراق مارتن كوبلرأو من يمثله، خلال مباحثات في مدينة كركوك العراقية الشمالية الغنية بالنفط اليوم مع مكوناتها التركمانية والكردية والعربية والمسيحية، إلى مقترحات جديدة من اجل التوصل الى حلول تكفل اجراء انتخابات المحافظة (225 كم شمال شرق بغداد) التي يقطنها حوالي المليون نسمة، وكانت خلافات بين هذه المكونات اعاقت اجراء انتخاباتها لاختيار حكومتها المحلية منذ عام 2005.
التركمان يرفضون سجلات الناخبين لعام 2010
وقبيل وصول كوبلر الى كركوك قال رئيس الجبهة التركمانية العراقية النائب ارشد الصالحي إن الحل الأمثل لإجراء انتخابات محلية في كركوك اذا تعذر الوصول الى توافقات بين مكوناتها هو اعتماد التوزيع المتساوي للمقاعد ولدورة انتخابية واحدة وبعدها يدقق سجل الناخبين في المحافظة ثم الذهاب الى الانتخابات quot;وإن كانت أدق تمثيلاًquot;.
وقال الصالحي خلال مؤتمر صحافي في كركوك إن الاجتماع الذي يعقد اليوم بين نواب مكونات كركوك في مجلس النواب العراقي ورئيس بعثة الامم المتحدة في العراق quot;يوناميquot; سيبحث سبل الوصول الى صيغة توافقية لاجراء انتخابات محافظة كركوك. واشار الى أن هذه المحافظة تعرضت لسياسة التعريب من قبل النظام السابق قبل عام 2003 وسياسة التغيير السكاني بعد 2003 من قبل الاكراد quot;والآن يريد الطرفان العربي والكردي الاتفاق على ازالة التركمان من كركوك بهذه الانتخاباتquot;.
وحذر الصالحي بالقول إن الانتخابات المنتظرة هذه ستكون فاشلة لكنه اذا اريد لها أن تجري بشكل نزيه وسلس فيجب الرجوع الى الاسباب التي دعت الى تأجيل الانتخابات في عامي 2005 و2009 حين جرت الانتخابات المحلية في بقية المحافظات العراقية. واشار الى أن التركمان سيقدمون مقترحات جديدة الى مجلس النواب العراقي حول انتخابات محافظة كركوك.
واوضح المسؤول التركماني أن عرب واكراد المحافظة يتفقون على سجلات الناخبين لعام 2010 لكن التركمان يريدون اعتماد سجلات الناخبين لعام 2004 وهو امر سيبت فيه مجلس النواب. يذكر أن التركمان يرفضون سجلات عام 2010 لأنهم يتهمون الاكراد بدفع آلاف من افراد قوميتهم من المناطق الكردية الشمالية الى كركوك بهدف تغيير تركيبتها السكانية التي يغلب عليها التركمان سابقًا، حيث مالت لهم الكفة حين جرى تجديد سجلات الناخبين عام 2010 .
ويوم الثلاثاء الماضي نظمت الكتلة التركمانية في مجلس محافظة كركوك اعتصاما أمام مبنى ديوان المحافظة تلبية لدعوة عضو المجموعة التركمانية علي مهدي صادق لمناسبة مرور 10 أعوام على تشكيل مجلس المحافظة كركوك عقب سقوط النظام السابق.
وجاء الاعتصام لنقل quot;رسالة إلى جميع الأطراف من الحكومة الاتحادية بسلطتيها التنفيذية والتشريعية والحكومة المحلية في كركوك حول مظالم التركمان وعدم نيل حقوقهم رغم مرور أكثر من 10 اعوام على دخول البلد مرحلة جديدة من الديمقراطية والتعددية بعد عقود من الاضطهاد والدكتاتورية ابان النظام البائدquot;، بحسب بيان صدر عن الاعتصامquot;.
واشار رئيس مجلس المحافظة حسن توران من القومية التركمانية الى أن quot;الاعتصام هو بمثابة صرخة للتركمان في المحافظة والعراق للانتباه الى ما يعانيه هذا المكون والالتفات اليه رغم تثبيت الحقوق له في الدستور العراقي الا أن ترجمة تلك الحقوق على ارض الواقع لم ترَ النور لغاية يومنا هذا، واضاف: quot;نتمنى أن نعيش مواطنين من الدرجة الاولى مثل باقي القوميات ونيل حقوقنا المشروعة من اعادة الاراضي المغتصبة ضمن القرارات الجائرة للنظام البائد وتوفير الامن للتركمان ومناطقهم واعطائهم حقهم في التعيينات اضافة الى الاستحقاقات في المناصب وفي مقدمتها منصب مدير عام تربية كركوك الذي هو من حصة المكون التركماني والذي صادق عليه مجلس المحافظةquot;.
وطالب المعتصمون الحكومة ومجلس النواب العراقيين التعامل بجدية مع قرار الغاء قرارات لجنة شؤون الشمال في زمن النظام السابق، والتي صودرت بموجبها اراضي التركمان والاكراد خلال فترة حكم النظام السابق.

العرب يريدون تمثيلاً أوسع
ومن جانبهم أعلن نواب عرب كركوك إصرارهم على إجراء انتخابات محلية في أسرع وقت واعتبروا أن عدد أعضاء المجلس الحالي quot;لا يتناسب مع حجم عرب كركوكquot;.. وأكدوا أن quot;صوت أعضاء المكون العربي واحد ولا خلاف بينهم.
وخلال مؤتمر صحافي عقده ممثلو المكون العربي في كركوك مع نواب المحافظة العرب امس قال النائب عمر الجبوري إن quot;المكون العربي هو الأكثر حاجة لإجراء الانتخابات المحلية التي لم تجرِ في كركوك منذ العام 2005 لأن عدد ممثليه في مجلس المحافظة الحالي هو ستة فقط ولا يتناسب مع حجمهمquot;. وأشار الى أن هنالك quot;ثلاثة مكونات رئيسة في كركوك وأي قانون للانتخابات بالمحافظة ينبغي أن يوضع من خلال توافقها وتقديم تنازلات متبادلة من قبل الجميع. وشدد على ضرورة وجود ضمانات كافية بعدم تغليب مكون على آخر لأن وضع كركوك لا يحتمل إلا التوافق ومراعاة حقوق كل مكون بما في ذلك الكلدوآشوريونquot;.
وعلى الصعيد ذاته،قال رئيس المجموعة العربية، الشيخ عبد الله سامي العاصي إن ممثلي المكون العربي متفقون على ضرورة إجراء الانتخابات المحلية بالمحافظة. وأوضح أن الاتهام الذي وجهه لرئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر الاحد الماضي بأنه يسعى الى فرض رأيه على مكونات كركوك نابع من حقيقة أنه لا يمكن تنفيذ أي شيء في كركوك من دون تفاهم ممثلي مكوناتها.
ومن جهته، قال مشاركون في اللقاء العربي بكركوك إن quot;عمليات الاغتيال ضد العرب في كركوك مستمرةquot;، وانتقدوا quot;عدم وجود أي اهتمام من أي جهة عربية سياسية أو حكومية أو من نواب الحويجةquot;.
وأضاف أن quot;نواب الحويجة منشغلون بتمرير مشروع الانتخابات المتفقين فيه مع الأكراد بإجراء انتخابات كركوك من دون أي قيد أو شرطquot;،. وحذروا في بيان نقلته وكالة القدس برس من أن quot;المشروع معناه تسليم كركوك على طبق من ذهب للآخرين ضاربين بالعرب ومطالبهم المشروعة عرض الحائطquot;.
وأكد اللقاء العربي المشترك أن quot;الدماء العربية التي تسيل يومياً وما ارتكب بحق العرب في كركوك يتحمل مسؤوليته نواب الحويجة كاملةً والجهات الأمنية في كركوك من دون استثناءquot;. وأشار إلى أن quot;المجموعة العربية في مجلس المحافظة عارضت بناء الخندق المحيط بكركوك، وانسحبت من اجتماع المجلس المخصص لهذا الغرض وأيدنا نحن معارضتهاquot;. واتهم اللقاء نواب عرب كركوك بالسعي لتمرير قانون للانتخابات يسهم في ضياع صوت وتمثيل عرب المحافظة. وقال إن عمليات الاغتيال ضد العرب في كركوك المستمرة خلال الأيام المنصرمة لم تلقَ أي اهتمام من اية جهة كانت عربية سياسية أو حكومية أو من نواب الحويجة الذين هم منشغلون بتمرير مشروع الانتخابات المتفقين فيه مع الأكراد بإجراء انتخابات كركوك من دون أي قيد أو شرط quot;.
يذكر أن الاكراد يصرون على كردستانية محافظة كركوك ويطالبون بضمها الى اقليمهم الشمالي الذي يحكمونه منذ عام 1991 بينما تعارض مكونات المحافظة الأخرى الامر وتطالب ببقاء كركوك مستقلة اداريًا أو تشكل اقليمًا لوحدها.
كوبلر يسعى الى انتخابات في المحافظة بأسرع وقت
وكان كوبلر شدد خلال اجتماع مماثل مع ممثلي مكونات كركوك الاحد الماضي على ضرورة الإسراع في اجراء الانتخابات في كركوك المعطلة منذ عام 2005، وعدم استبعاد أي طرف منها، وقال إن اجراء الانتخابات في المحافظة مهم جدًا من اجل قيام مجلس محلي قوي.
وتعتبر محافظة كركوك، التي يقطنها مليون عراقي، من المناطق المتنازع عليها، حيث يطالب الاكراد بضمها الى اقليمهم الشمالي الذي يحكمونه منذ عام 1991، بينما يرفض تركمان وعرب المحافظة ذلك، ويدعون إلى بقائها مستقلة في إقليم مستقل.
وتنص المادة 23 من قانون انتخابات مجالس المحافظات على أن تجري انتخابات محافظة كركوك والأقضية والنواحي التابعة لها بعد تنفيذ عملية تقاسم السلطة الإدارية والأمنية والوظائف العامة، بما فيها منصب رئيس مجلس المحافظة والمحافظ ونائب المحافظ بين مكونات محافظة كركوك بنسب متساوية بين المكونات الرئيسة.
وتم تشكيل مجلس محافظة كركوك عقب سقوط النظام السابق في نيسان (ابريل) عام 2003، من ممثلي القوميات الرئيسة الأربع في كركوك، مع مراعاة حالة التوافق، بغرض تنظيم أمور المحافظة وملء الفراغ الإداري والتشريعي فيها.
وأكمل المجلس دورته الأولى مع انجاز العملية الانتخابية، التي جرت في الثلاثين من كانون الثاني (يناير) عام 2005، حيث انبثق من تلك العملية ميلاد أول مجلس منتخب للمحافظة، عن طريق الاقتراع السري والمباشر، وبمشاركة أوسع قطاعات المجتمع في المحافظة. وجاءت النتائج المعلنة والمصادق عليها من قبل المفوضية المستقلة العليا للانتخابات بممثلين للقوائم الفائزة لشغل 41 مقعداً في مجلس محافظة كركوك، وأسفرت النتائج عن حصول القائمة كركوك المتآخية الكردية على 26 مقعداً، وجبهة تركمان العراق على ثمانية مقاعد، والتجمع الجمهوري العراقي على خمسة مقاعد، والائتلاف الإسلامي التركماني والتجمع الوطني العراقي على مقعد واحد لكل منهما.