أطلقت وزارة التربية العراقية بالتعاون مع الأمم المتحدة مناهج جديدة للمدارس بهدف زيادة الوعي بمفاهيم النزاهة والبعد عن الفساد. يذكر أنّ العراق صنف بأنه ثامن أكثر دولة فسادًا في العالم في عام 2012.


لندن: يبدو أن اليأس من إمكانية وقف تصاعد الفساد المالي والإداري المنتشر في العراق منذ عشر سنوات والمتورط به مسؤولون وموظفون كبار قد بدأ يدفع باتجاه خيارات لمواجهته وتحصين أجيال المستقبل من الغوص في مستنقعه، حيث أطلقت وزارة التربية العراقية بالتعاون مع الأمم المتحدة اليوم مناهج جديدة للمدارس الابتدائية والثانوية تهدف إلى زيادة الوعي بمفاهيم النزاهة والشفافية والأمانة والنأي عن الفساد.

وقامت وزارة التعليم بتصميم المناهج الجديدة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حيث تعد هذه المبادرة المبتكرة والجديدة هي الأولى من نوعها التي تقدم في العراق. وقالت جاكلين بادكوك، المنسقة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بأنه quot;سوف يتم من خلال هذه المناهج غرس قيم هامة في الجيل القادم في العراقquot;.

وأضافت أن quot;الفساد هو المشكلة التي لا تزال تؤرق الدولة العراقيةquot;. وتم تصنيف العراق بأنه ثامن أكثر دولة فسادًا في العالم في عام 2012 وفقًا لمنظمة الشفافية الدولية، حيث يستمر الفساد في عرقلة الطريق أمام آفاق التنمية العراقية رغم وفرة الموارد التي تتمتع بها البلاد.

وتزيد المناهج من فهم الطلاب للقضايا الأخلاقية من خلال الأمثلة العملية والواقعية وعبر المناقشات الموجهة. وسوف يقوم المعلمون بدمج الموضوعات في صلب المواد التي يدرسها الأطفال فيما ستتضمن المبادرة دروساً حول مخاطر الفساد وضرورة النأي عنه وبناء الاحترام واحترام الآخرين والنزاهة والامانة وسوف تستند إلى أفضل الممارسات الدولية التي تتماشى مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي وقع عليها العراق.

كما تم تصميم المناهج الدراسية لتنشئة جيل يُقدر قيم النزاهة والشفافية والأمانة لتُقدم مناهج مكافحة الفساد إلى مدارس وزارة التربية خلال العام الدراسي. وكانت منظمة الشفافية الدولية اصدرت تقريرها السنوي لمؤشر مدركات الفساد لعام 2012 مؤخراً وتضمن الجدول المرفق به 176 دولة كان ترتيب العراق فيه 169.

والأحد الماضي أكد نائب رئيس الوزراء العراقي صالح المطلك تورط الكثير من الكتل السياسية بالفساد الإداري والمالي الذي تشهده البلاد، وأشار إلى أنّ فترة ولايتي نوري المالكي تعتبر الفترة quot;الأكثر فسادًاquot;.

وقال المطلك في كلمة خلال جلسة حول العراق في المنتدى العالمي المقام في الشونة على شواطئ البحر الميت في الاردن إن quot;الفساد في العراق مشكلة كبيرة جداً ولو كانت هناك ارادة سياسية من قبل الكتل السياسية لمحاربة الفساد لكنا حققنا طفرةquot;.. مؤكدًا أن quot;الكثير من الكتل السياسية متورطة بالفساد الاداري والماليquot;.

وأشار المطلك إلى أنّه quot;لو كانت هناك ارادة لمحاسبة المفسدين في رأس الدولة لانخفض الفساد بشكل كبيرquot;.. وقال إن quot;محاسبة الرؤوس تعني هز الكرسي، لأن هذه الكتل ستصطف في البرلمان ضد رئيس الوزراءquot;.

وكانت منظمة الشفافية الدولية التي تعنى بمكافحة الفساد في العالم انتقدت في الرابع من الشهر الماضي quot;عدم حصول أي تقدمquot; في توفير الخدمات الأساسية للمواطن العراقي على الرغم من مرور عشر سنوات على الغزو الأميركي للبلاد، وأكدت أن هذه هي quot;الحقيقة المأساوية لدولة هشة بمؤسسات عرجاء لا تتمكن من توفير أبسط الخدمات الأساس لمواطنيها فضلاً عناستشراء الفساد في مفاصلهاquot;.

وتعد ظاهرة الفساد التحدي الأكبر إلى جانب الأمن الذي تواجهه الحكومات العراقية منذ الحرب الأميركية على العراق عام 2003 ، حيث بلغت مستويات الفساد في العراق حداً أدى بمنظمات دولية متخصصة إلى وضعه من بين البلدان الأكثر فساداً في العالم إذ حل العراق في العام 2012 المنصرم في المرتبة الثامنة من حيث مستوى الفساد فيه.

وكانت هيئة النزاهة العراقية اعلنت منتصف الشهر الماضي أن مبالغ الفساد المالي في البلاد بلغت العام الماضي 120 مليون دولار، فيما تم تهريب مليار دولار إلى الخارج، وقالت إن عدد المحكومين بتهم فساد هم 6 وزراء و26 مديرًا عامًا. وأوضحت أن عدد مزوري الشهادات الدراسية بلغ 101 مرشح لانتخابات مجلس النواب و349 لمجالس المحافظات، وقالت إن 112 نائباً من ضمنهم الجعفري وعلاوي والمطلك لم يكشفوا حتى الآن عن ذممهم المالية.

وقالت هيئة النزاهة العراقية في تقرير لها عن مستوى الفساد في العراق للعام الماضي 2012 إنها نظرت في 33 الفاً و351 دعوى فساد صدرت وفقها أوامر قبض واستقدام إلى 2667 امرًا منها 9 بحق 9 وزراء أو من بدرجتهم و199 أمرًا بحق 61 مديرًا عاماً أو من بدرجتهم أو اعلى منهم.. وأصدرت 845 امر قبض بقضايا تزوير و367 امرًا بقضايا فساد تم منها انجاز 2024 أمر قبض واستدعاء بنسبة 76 في المئة من اوامر القبض.

وأضافت الهيئة في تقريرها السنوي الذي اطلعت quot;إيلافquot; على نصه أنها احالت العام الماضي 5980 متهمًا على المحاكم عن 4278 دعوى فساد منها ضد 12 وزيراً أو من بدرجتهم و979 مديرًا عامًا فأعلى أو من بدرجتهم بينهم 7 مرشحين لانتخابات مجلس النواب لعام 2010 و119 لانتخابات مجالس المحافظات، حيث بلغت قضايا الفساد فيها 120 مليون دولار.

اما عدد الذين تمت محاكمتهم فقد بلغ 2854 متهمًا افرج عن 1145 منهم وحكم بالادانة والعقوبة على 1709 متهمين أي بنسبة 60 في المئة من مجموع عدد المتهمين. وقالت إن عدد المحكومين هم 6 وزراء أو من بدرجتهم أو اعلى منهم صدرت بحقهم 10 احكام قضائية بالادانة و26 مديرًا عامًا أو من اعلى منهم أو بدرجتهم، حيث صدر بحقهم 32 حكمًا قضائيًا بالادانة صدر بحقهم 32 حكمًا قضائيًا بالادانة وبين المحكومين 9 مرشحين لمجلس النواب و17 لمجالس المحافظات تنوعت جرائمهم بين الرشوة والاختلاس والاضرار بالمال العام والتزوير.

وأشارت الهيئة في تقريرها إلى أنّ أكثر من 565 مسؤولاً حكوميًا ممن قدموا كشوفاتهم المالية قد أدلوا بمعلومات خاطئة عن ذممهم المالية، حيث قدموا معلومات غير مطابقة لاستمارة كشف الذمم المالية للعام الماضي.

واوضحت في تقريرها أن من بين هؤلاء خمسة قضاة و28 عضو مجلس نواب وعشرة وزراء و30 وكيل وزير ومستشارًا، إضافة إلى ستة مفتشين عموميين و87 من أعضاء مجالس المحافظات وإداراتها أدلوا بمعلومات لا تتطابق واستمارة الذمم المالية. وقالت إن 97 مديراً عامًا و176 ما بين معاون مدير عام ومدير قسم ومسؤول شعبة، إضافة إلى 66 أستاذاً جامعياً وكذلك 25 سفيراً و35 ضابطاً قدموا معلومات خاطئة عن ذممهم المالية للعام الماضي.