فيما أعلن في بغداد اليوم الاثنين عن تقديم وزير الكهرباء العراقي رعد شلال استقالته فقد اتهم مسؤول برلماني رئيس الوزراء نوري المالكي بعقد صفقة مع الوزير يتم فيها تبرئته من مخالفات مالية مقابل عدم فضحه المسؤولين المتورطين بملفات الفساد، في حين دعت لجنة النفط والطاقة البرلمانية إلى استجواب نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني ووزير الكهرباء من قبل مجلس النواب.


شلال وصفقة مع المالكي وفساد الكهرباء

أسامة مهدي: أعلن وزير الكهرباء رعد شلال المنتمي الى القائمة العراقية استقالته من منصبه بعد ساعات من صدور قرار من المالكي يؤكد فيه ان شلال غير ضالع في عمليات فساد، لكنه خالف تعليماته بعدم توقيع عقود من شركات وسيطة، وانما كان يجب ان يكون التوقيع مع الاصلية والتعامل معها مباشرة.

وبرغم الإعلان امس واليوم في مجلس النواب ان الوزير شلال سيمثل امامه للاجابة وتوضيح الاتهامات الموجهة إليه بقضية عقود وهمية مع شركتين كندية والمانية اجنبية بلغت قيمتها مليار و700 الف دولار، إلا أنه لم يحضر الى المجلس على خلفية اتفاق المالكي معه بعدم المثول امام البرلمان تجنبًا لفضحه المتورطين من المسؤولين في عمليات فساد مقابل تبرئته من الضلوع بعمليات فساد تتعلق بهذه العقود.

جاءت استقالة الوزير بعد ساعات من صدور بيان من المالكي يؤكد فيه عدم علاقة الوزير بأي عقود فساد مالية. وقال المالكي في بيان صحافي تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه انه quot;نظرًا إلى كثرة اللغط الإعلامي وما شاب موضوع عقود وزارة الكهرباء الاخيرة من تكهنات وتحليلات قد تبتعد عن الواقع احيانا، وجدنا انه من الضروري توضيح الحقائق لوضع الامور في نصابها الصحيحquot;:

١. ان وزارة الكهرباء قامت بإبرام عقود مع شركات وسيطة وغير مصنعة، وقد وقع وزير الكهرباء هذه العقود خلافًا لمقررات واضحة من مجلس الوزراء تمنع إبرام اي عقد مع شركات غير مصنعة.
٢. إن الإجراءات التي تمت بحق وزير الكهرباء تتعلق بجانب إدارة العقود، ولم يثبت لدينا ضلوعه شخصيًا بقضايا فساد تستدعي اجراءات اخرى.
وشدد المالكي على ضرورة التزام الوزراء وجميع المسؤولين الحكوميين بما يصدر من قرارات بشأن العقود وغيرها من التعاملات. ودعا الأجهزة الرقابية ووسائل الاعلام الى quot;ضرورة تشديد الرقابة، لكن مع تحري الدقة والابتعاد عن المبالغاتquot;.

اتهام للمالكي وشلال بصفقة تمنع فضح المسؤولين الفاسدين
اثر ذلك، اتهم النائب المستقل صباح الساعدي المالكي والوزير شلال بعقد صفقة بينهما، تقضي بتجنب فضح المسؤولين المتورطين بقضايا فساد مالي.

وكشف الساعدي خلال مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان في بغداد اليوم عن وثيقة موقعة من قبل وزير الكهرباء رعد شلال موجهة الى نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني يبلغه فيها بأنه هو من زكّى الشركتين الكندية والالمانية الوهميتين اللتين تم التعاقد معهما لتنفيذ مشاريع لتوفير الطاقة الكهربائية في انحاء البلاد بلغت قيمتها 1.7 مليار دولار.

واشار الى ان الشهرستاني ابلغ من جهته وزير الكهرباء قائلا quot;انني تأكدت بنفسي أن الشركتين رصينتان، ولديهما اعمال مماثلة، ولا مانع من التعاقد معهماquot;.

واضاف الساعدي ان المالكي وشلال عقدا صفقة يقوم بموجبها المالكي بتبيض صفحة شلال، ويعلن انه غير فاسد، ويبدل اقالته الى استقالة، ويقبلها في مقابل عدم فضح شلال المتورطين بملفات فساد الكهرباء مع حصوله على كل حقوقه التقاعدية.

واكد quot;ان هذه الصفقة عقدت لكي لا يفضح شلال سياسيين كبارًا ضالعين في عمليات الفساد في وزارة الكهرباءquot;. واوضح ان هذه الحالة شبيهة بحالة استجواب وزير التجارة السابق عبد الفلاح السوداني quot;حين سارع المالكي بقبول استقالته، ويمكن ان يتكرر هذا الامر مع صفاء الدين الصافي (وزير التجارة السابق وكالة) المطلوب للقضاءquot; بحسب قوله.

وأشار الساعدي إلى أن نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني متورط أيضًا بالعقود المبرمة مع الشركات المفلسة والورقية. وقال ان هذه القضية ليست الأولى في وزارة الكهرباء، وقد تكررت أيضًا في وزارات أخرى، مثل الشركات الكورية، التي تعاقد معها مجلس الوزراء في آذار (مارس) الماضي.

البرلمان يطالب باستدعاء الشهرستاني وشلال
وقد اكدت لجنة النفط والطاقة البرلمانية في تقرير عن القضية عرضته على مجلس النواب اليوم وجود عمليات فساد كبيرة في وزارة النفط منذ عام 2003. واشارت الى ان الفساد يشمل فسادًا اداريًا وماليًا على كل مستويات اتخاذ القرار.

واوصت بتشكيل لجنة تحقيقية في الامر واستدعاء نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني والوزير شلال للمثول امام النواب لاستجوابهما حول العقود الوهمية. كما طالبت المالكي بعدم قبول استقالة الوزير شلال الى حين التحقيق في ملابسات القضية. واكدت ضرورة زجّ القطاع الخاص في تنفيذ مشاريع الكهرباء.

من جانبها شددت لجنة النزاهة البرلمانية على وجود فساد في عقود الكهرباء ضالع فيها مسؤولون كبار. واشارت الى ان صلاحية الوزير تقضي بتوقيع عقود لا تزيد قيمتها عن 50 مليون دولار ونائب رئيس الحكومة لشؤون الطاقة 100 مليون دولار وما يزيد عن ذلك هو من صلاحية مجلس الوزراء. واشارت الى ان العقود الوهمية بلغت قيمتها 1.7 مليار دولار، ما يعني ان الامر من صلاحياته، مؤكدة ضرورة المضي في التحقيق في الامر، الذي قالت انه سيكشف عن فساد كبير وعلى اعلى المستويات.

رعد شلال سعيد

وكان المفتش العام لوزارة الكهرباء قد الغى في الاسبوع الماضي العقدين الوهميين، لكن المسألة أثارت ردود فعل سياسية وشعبية واسعة. ويمثل الفساد مشكلة رئيسة للعراق منذ 2003 ووضع مؤشر الفساد لعام 2010 الصادر من منظمة الشفافية الدولية العراق بين أكثر دول العالم فسادًا.

وقد طالبت القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي التي ينتمي اليها وزير الكهرباء بفتح كل ملفات الفساد في وزارة الكهرباء منذ عام 2003 ولغاية تولي رعد شلال ادارة الوزارة للكشف عن مصير 27 مليار دولار خصصت وصرفت على قطاع الكهرباء من دون نتائج ايجابية.

وقالت المتحدثة باسم العراقية ميسون الدملوجي إن quot;العراقية ستطلب بدءا قبل التصويت على اقالة وزير الكهرباء من منصبه التحقيق معه بشأن عقدي الكهرباء والدعوة الى حضور جميع الاطراف التي اشتركت بتوقيع العقدين وعدم اقتصارها على شلالquot;. واوضحت أن quot;العراقية ستطلب فتح تحقيق بشأن تخصيص وصرف 27 مليار دولار اميركي لوزارة الكهرباء منذ عام 2033 ولغاية الآنquot;.

واشارت الى ان quot;العراقية ستصوّت على اقالة شلال، لكن يجب ان يكون التحقيق شاملاً كل المسؤولين المتورطين بملفات فساد في عقود الكهرباءquot;.

وتولى القيادي في دولة القانون ونائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني ادارة وزارة الكهرباء بالوكالة في الحكومة السابقة بعد تقديم وزيرها كريم وحيد استقالته بطلب من المالكي على خلفية تظاهرات شعبية شهدتها المدن العراقية احتجاجًا على سوء الكهرباء.

وكان المالكي أكد الخميس الماضي أن طلب إقالة وزير الكهرباء تم إرساله إلى مجلس النواب، فيما لفت إلى أن مجلس الوزراء فوجئ بأن عقد الشركتين الألمانية والكندية ما زال نافذًا رغم قرار المجلس بإلغاء كل العقود الوسيطة. وأصدر المالكي في السابع من الشهر الحالي قراراً يقضي بإقالة وزير الكهرباء على خلفية توقيع العقود.

ويعاني العراقيون منذ الحرب الأميركية في بلادهم، والتي اسقطت النظام السابق، يعانون انقطاع التيار الكهربائي وعدم القدرة على استخدام اجهزة التكييف والمراوح فترات طويلة. لكن في هذا العام تضافر ارتفاع الحرارة مع نقص المياه لتصبح الحياة غير محتملة تقريبًا للكثيرين في شهر رمضان الحالي.

ويتعرض العراقيون إلى انقطاع الكهرباء ما يتراوح بين ست و14 ساعة يوميًا، ومما زاد الامور سوءًا ان بعض المحافظات العراقية تعرضت لموجة من الحر الشديد على مدار الاسبوع الماضي، حيث وصلت درجات الحرارة الى 56 درجة مئوية.

ويزيد الحر القائظ من الضغط على شبكة الكهرباء المتهالكة في العراق، ونظرًا إلى تراجع امدادات الكهرباء من الشبكة الوطنية يضطر العراقيون للاعتماد بدرحة اكبر على مولدات خاصة لتشغيل اجهزة تكييف الهواء والثلاجات.

ويحتاج العراق أكثر من 15 الف ميغاوات من الطاقة الكهربائية لتلبية الطلب في الصيف، فيما قال وزير الكهرباء في اذار (مارس) الماضي ان المتوقع الا تتجاوز الامدادات خلال الصيف الحالي 7000 ميغاوات. وفي اجراء استهدف تخفيف حدة الغضب الشعبي المتزايد بسبب استمرار انقطاع الكهرباء قررت الحكومة العراقية أخيرًا توفير الوقود بالمجان لمولدات الكهرباء في احياء المدن في انحاء البلاد، على أن تتولى هذه الاحياء تزويد السكان بالكهرباء فترة لا تقل عن 12 ساعة يوميًا باسعار معقولة.

وكان وزير الكهرباء رعد شلال قد وعد أخيرًا بإنهاء أزمة الكهرباء بنهاية عام 2013، وأن يشهد العام المقبل تجهيز المواطنين بالكهرباء لفترة 16 ساعة يومياً.