بعد تأخر استمر خمسة أشهر وخلافات سياسية مستمرة منذ تشكيل الحكومة العراقية أواخر العام الماضي حول المرشحين للوزارات الأمنية الثلاث فقد أعلن في بغداد اليوم أن المالكي قد رشح ثلاث شخصيات لتولي حقائب هذه الوزارات الشاغرة التي يتولاها هو حاليًا وكالة وذلك في تسارع لمواجهة تصاعد الاغتيالات بكاتم الصوت والتهديدات بعمليات انتقامية اثر مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن لكن كتلة علاوي قالت انها لم تطرح المرشح لوزارة الدفاع مصرة على ان يكون احد اعضائها.


قال رئيس مجلس النواب العراقي اسامة النجيفي خلال مؤتمر صحافي في بغداد اليوم ان المجلس قد تسلم رسالة من رئيس الحكومة نوري المالكي يرشح فيها ثلاث شخصيات لتولي حقائب الوزارات الامنية للدفاع والداخلية والامن الوطني.

واشار الى ان المالكي قد ارسل السير الذاتية للمرشحين الثلاثة موضحا انه تم توزيعها عن طريق البريد الالكتروني على الاعضاء تمهيدًا لمناقشتها مع ممثلي الكتل السياسية اولا ثم طرح الاسماء للتصويت امام البرلمان الاسبوع المقبل لكنه لم يفصح عن اسماء المرشحين.

وأوضح ان مسالة التمديد للقوات الاميركية في العراق بعد الموعد المقرر لانسحابها الكامل من العراق بنهاية العام الحالي امر بيد الحكومة وهي التي تقرر بصدده.

واضاف انه اذا كانت الحكومة راغبة في التمديد عليها الدخول في مفاوضات مع الجانب الاميركي لكنه اكد ان شيئًا من هذا القبيل لم يطرح بعد. واضاف انه في حال اتخاذ الحكومة بقرار في هذا المجال فأن القرار الاخير سيكون لمجلس النواب بالتصويت بالموافقة او المعارضة للتمديد.

وقد ابلغ مصدر عراقي قريب من مفاوضات تعيين الوزراء الثلاثة quot;أيلافquot; في اتصال هاتفي من بغداد اليوم ان المالكي قد رشح وزير الثقافة الحالي سعدون الدليمي لوزارة الدفاع (عن القائمة العراقية) بدلا من وزارة الثقافة التي يشغلها حاليًا على الرغم من معارضة العراقية لهذا الترشيح.

وقال انه تم ايضًا ترشيح الفريق توفيق الياسري (عن التحالف الوطني) وهو ضابط في الجيش العراقي وشارك في الانتفاضة الشعبية ضد النظام السابق عام 1991.. فيما تم ترشيح وزير البلديات والاشغال العامة السابق رياض عريب (عن التحالف الوطني) لوزارة الامن الوطني.

لكن القائمة العراقية رفضت هذه الترشيحات وقال المتحدث باسمها شاكر كتاب إن قائمته لن تصويت على مرشحي المناصب الأمنية خارج الاتفاق السياسي. وقال في تصريح صحافي ان حقيبة الدفاع من حصة العراقية وهي المسؤولة عن ترشيح شخصيات لتوليها.

واشار الى ان العراقية قدمت مرشحين لحقيبة الدفاع إلى المالكي وفي حال اختياره لأي مرشح خارج ترشيحات العراقية فأنه مرفوض ولن تصوت له القائمة في مجلس النواب. واوضح ان العراقية لم ترشح الدليمي لتولي حقيبة الدفاع. يذكر ان الدليمي لاينتمي الى العراقية وانما الى تحالف الوسط الذي رشحه لوزارة الثقافة التي يتولاها حاليا.

المرشحون الثلاثة للوزارات الأمنية

وعمل سعدون الدليمي عمل مدرسا في جامعة بغداد ومحاضرا في الجامعات البريطانية ثم في جامعات عربية عديدة منها السعودية والاردن وقد أسس quot;مركز العراق للبحوث والدراسات الاستراتيجيةquot; عام 2003 وهو من المراكز المرموقة والمعروفه دوليا واقليميا.

وقد تولى حقيبة وزارة الدفاع العراقية من 1-6-2005 وحتى 3-6-2006 وعمل مستشارا في مجلس الوزراء منذ منتصف حزيران (يونيو) عام 2006 حتى توليه وزارة الثقافة لدى تشكيل الحكومة الحالية في الحادي والعشرين من كانون الاول (ديسمبر) الماضي. ويقول الدليمي عن اتجاهه السياسي quot;أنتمي إلى العراق وأهله وخاصة الذين ينبذون الطائفية والتقسيم والمحاصصة ويسعون نحو بناء مشروع وطني يؤسس دولة قوية تقوم على أسس مدنية ديمقراطيةquot;.

اما توفيق اليارسي فهو يشغل حاليا منصب مستشار في وزارة الداخلية لشؤون لخبرته العالية في القضايا الامنية والعسكرية وكان شارك في الانتفاضة الشعبية ضد النظام السابق عام 1991 ثم اصيب فيها قبل لجوئه الى السعودية ثم الى لندن حيث عمل في صفوف المعارضة العراقية وشكل تنظيما للضباط المنشقين عن النظام السابق حتى عام 2003 حين عاد الى العراق وعمل مستشارًا في وزارة الداخلية وهو يحظى بسمعة طيبة.

ومن جهته ينتمي رياض غريب الى ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي والذي انضم اليه قبل عامين بعد انفصاله عن المجلس الاعلى الاسلامي برئاسة عمار الحكيم اثر خلافات تنظيمية.. ثم شغل حقيبة وزارة البلديات والاشغال العامة في حكومة المالكي السابقة التي تشكلت في ايار (مايو) العام 2006 وحتى انتهاء ولايتها بتشكيل الحكومة الحالية.

ضغوط الاسلحة الكاتمة ومقتل بن لادن

واضاف المصدر العراقي ان تصاعد عمليات الاغتيال باسلحة كاتمة الصوت والتي طالت مسؤولين وضباط ورجال امن خلال الشهرين الماضيين ومقتل زعيم القاعدة اسامة بن لادن والتهديدات بعمليات انتقامية جديدة قد عجلت في اقدام المالكي على ارسال مرشحيه للوزارات الامنية.

واليوم قتل واصيب حوالي مائة شرطي في مدينة الحلة (100 كم جنوب بغداد) اثر تفجير انتحاري لسيارة مفخخة قرب مركز مديرية الشرطة في المدنية. كما كما قالت السلطات العراقية التي وضعت قواتها في حال تأهب قصوى اثر مقتل بن لادن إن تنظيم القاعدة استطاع اختراق الاجهزة الامنية، وهو يخطّط الآن لتنفيذ عمليات اغتيال ضد عدد من الشخصيات المهمة مؤكدة اعتقالها عددًا من الخلايا المسلحة التي تنفذ عمليات قتل بالأسلحة الكاتمة الصوت والعبوات الناسفة.

وقال الناطق الرسمي باسم عمليات بغداد اللواء قاسم عطا ان السلطات تتابع خلايا مسلحة للقاعدة تتحرك لتنفيذ عمليات اغتيال ضد شخصيات مهمة،مؤكدًا ان المعلومات الاستخبارية التي حصلت عليها من خلال تنفيذ عمليات القتل بالاسلحة الكاتمة للصوت والعبوات الناسفة تؤكد وجود خرق امني. وأضاف عطا خلال مؤتمر صحافي في بغداد اليوم عرض خلاله اعترافات ثلاثة من عناصر القاعدة ان تنظيم القاعدة يعتمد في عملياته المسلحة حاليًّا على الخلايا الصغيرة التي تضم ثلاثة او اربعة عناصر تقوم عناصر نسائية لا يعرفونها بنقل كواتم الصوات والعبوات الناسفة اليها وبعد تنفيذهم للعمليات الموكلة بهم تسحب منهم هذه الاسلحة ةتسلم الى خلايا اخرى.

وأشار الى ان القوات الامنية تتعامل مع هذه النشاطات بتحركات سريعة وتشديد الاجراءات الاحترازية ونقاط التفتيش الثابتة والمتحركة، اضافة الى الجهد الاستخباري الذي يعتمد على معلومات المواطنين. وقال انه من خلال تتبع نشاط هذه الخلايا المسلحة فقد تم التأكد بوجود خروقات امنية وقام القضاء بإصدار مذكرات القاء قبض وتم فعلاً اعتقال عدد من العناصر محذّرًا المسؤولين والضباط باخذ الحيطة والحذر في تحركاتهم.

ومن جهته، قال الكولونيل باري جونسون المتحدث باسم الجيش الأميركي quot; ندرك أن قتل بن لادن قد يؤدي الى رد فعل عنيف من القاعدة في العراق وتنظيمات متطرفة أخرى تتبع تنظيم القاعدةquot;.

وقتل زعيما تنظيم القاعدة في العراق ابو ايوب المصري وابو عمر البغدادي القائد المزعوم لتنظيم دولة العراق الإسلامية في غارة في ابريل (نيسان) العام 2010 حيث كانت هذه ضربة كبيرة للجماعة التي أنحي باللائمة عليها في سقوط مئات القتلى بالعراق بعد غزو هذا البلد العام 2003. لكن قادة الجيش العراقي مازالوا يتهمون القاعدة بتنفيذ عشرات الهجمات التي تنفذ كل شهر ضد المواطنين والشرطة والجيش ومسؤولي الحكومة العراقيين.

وتعيش البلاد أزمة سياسية تتمثل بعدم اكتمال تشكيل الحكومة وعدم الاتفاق على أسماء الوزراء الذين سيتولون إدارة الوزارات الأمنية حتى الآن. ومنح البرلمان العراقي في جلسته التي عقدت في 21 من كانون الأول (ديسمبر) الماضي الثقة لحكومة غير مكتملة يترأسها نوري المالكي. وتضم الحكومة العراقية حاليا 38 وزارة هي الاكبر في تاريخ العراق وتعتبر الرابعة التي تتشكل منذ سقوط النظام العراقي السابق العام 2003 والثانية التي يراسها المالكي بعد حكومته الاولى المعلنة العام 2006.