وسط شكوك بإمكانية نجاح القادة العراقيين الذين بدأوا إجتماعاتهم في مدينة أربيل الشمالية في حل الأزمة السياسية الحالية والاتفاق على تشكيل حكومة شراكة وطنية حقيقية تم رفع الجلسة الافتتاحية والانتقال الى بغداد لاستئناف الاجتماعات غداً الثلاثاء.. في وقت دعت فيه وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون القادة للاتفاق على حكومة عريضة تشارك فيها جميع الاطياف العراقية.
شكلت قضايا تحقيق المصالحة الوطنية وطي صفحة الماضي والمشاركة الحقيقية في السلطة والعمل لعراق بلا تمايز مذهبي أو عرقي وإعادة الثقة بين القوى العراقية وضرورة الاسراع بتشكيل حكومة شراكة والتشكيك في النجاح بحل القضايا العالقة.. النقاط الابرز التي ركز عليها قادة الكتل العراقية في كلماتهم خلال بدء قمتهم السياسية في اربيل عاصمة إقليم كردستان اليوم لبحث أسس إنهاء الأزمة السياسية الحالية الناتجة من تعثر تشكيل الحكومة الجديدة.
بارزاني
وفي كلمة افتتح بها الاجتماعات التي انعقدت حول طاولة مستطيلة وسط اجراءات امنية مشددة قال رئيس اقليم كردستان زعيم التحالف الكردستاني مسعود بارزاني ان هذا الاجتماع ينعقد في ظرف تاريخي وحساس تمر به البلاد وسط قلق داخلي وخارجي لتأخر تشكيل الحكومة بعد 8 اشهر من الانتخابات.
واشار الى وجود إشكاليات وشكوك خلقتها ظروف العهود السابقة اضافة الى هواجس بين القوى السياسية تحتاج لاعادة الثقة والاعتراف بان العراق لايمكن ان يحكم الا بالتواصل بين قياداته من دون إبعاد وتهميش واقصاء من خلال حوار وطني يوصل الى التوافق الوطني. وشدد على ان اول مهمة يجب التصدي لها هو اعادة الثقة بين الكتل السياسية تمهيدا لانعقاد جلسة البرلمان الخميس المقبل من اجل اعادة الطمأنينةإلىنفوس العراقيين ويعزز تصديهم للارهاب واستعدادهم لتدعيم اسس البناء الديمقراطي. وعبر عن ثقته بتحمل القادة لمسؤولياتهم بالاتفاق على جميع النقاط الخلافية وتشكيل حكومة شراكة وطنية حقيقية.
طالباني
وقال الرئيس العراقي جلال طالباني فقد عبر عن ثقته بنجاح القادة العراقيين في إنهاء الازمة السياسية وتشكيل حكومة شراكة قوية تحقق الوفاق الوطني والوحدة الوطنية. ودعا القادة الى الانتصار على جميع القضايا الخلافية وتحمل مسؤوليتهم تجاه شعبهم.
المالكي
ومن جانبه اشار رئيس الوزراء زعيم التحالف الوطني نوري المالكي الى ضرورة الاسراع بالاتفاق على مفردات تشكيل حكومة الشراكة الوطنية وعلى مناصب الرئاسات الثلاث والتصدي لتوفير الامن والاستقرار والخدمات.
ودعا الى حصر الخلافات في جانبها الايجابي بشكل يوصل الى حل عراقي للأزمة السياسية. وشدد على ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية باعتبارها قارب النجاة لبناء دولة قوية مستقرة. ودعا الى بدء صفحة جديدة تخلص العراقيين من الماضي وصراعاته وإنهاء عمليات الانتقام من الاخر وترك الماضي خلف الظهور شرط الالتزام بالعملية السياسية ودستورها ومبادئها. واشار الى انه اذا لم يكن هناك احترام للاخر لايمكن تحقيق الامن والسيادة واقامة علاقات خارجية مبنية على المصالح المشتركة.
علاوي
ومن جهته قال رئيس الوزراء الاسبق زعيم القائمة العراقية الفائزة في الانتخابات اياد علاوي ان الاجتماع ينعقد في ظروف حساسة عراقيا واقليميا مشددا على ضرورة الاسراع بتشكيل حكومة شراكة حقيقية وفقا للاستحقاقات الانتخابية تكون قادرة على بناء مؤسسات الدولة على اسس مهنية للانتقال بالعراق الى واقع جديد افضل.
واشار الى ان تشكيل الحكومة يتطلب تعريف معنى الشراكة التي يجب ان تبنى على التساوي والتوازن وان لايكون هناك تمايز بين العراقيين على اسس مذهبية او عرقية او جهوية وانما عراقيون متساوون في الحقوق والواجبات والصلاحيات وان تكون الشراكة في اتخاذ القرار السياسي من قبل الفائزين وغير الفائزين محذرا من انه من دون ذلك لن تكون هناك شراكة حقيقية. واكد علاوي ضرورة ان تكون الصلاحيات متساوية ومضمونة من قبل مؤسسات الحكم وتحديد هوية العراق والاسس التي سيقوم عليها مستقبله.
عمار الحكيم
وقال رئيس الائتلاف الوطني عمار الحكيم ان نجاح هذا الاجتماع سيحقق شراكة حقيقية تمكن من بناء دولة المؤسسات والالتزام بالدستور. وشدد على ضرورة خلق الثقة بين القوى السياسية من اجل تحقيق الامن والاعمار. ودعا الى حكومة قوية قادرة على توفير الامن والرفاه وبناء علاقات متينة عربيا واقليميا ودوليا. وانتقد عدم دعوة قيادات نسوية الى هذا الاجتماع.
الهاشمي
ومن جهته عبر نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي عن عدم ثقته بقدرة الاجتماع على حل جميع القضايا العالقة. واشار الى ان العديد من نقاط جدول الاعمال تحتاج الى اجتماعات وحوارات متعددة وطويلة. واكد ضرورة الشراكة الحقيقية في الحكومة والسلطة موضحا ان المواطنين يشعرون بالإحباط من الظروف التي أعقبت مشاركتهم في انتخابات تاريخية.
عبد المهدي
اما نائب الرئيس عادل عبد المهدي فقد اشار الى ان العراق يعاني حاليا سلبيات كثيرة ما يتطلب حكومة قوية بصلاحيات شراكة حقيقية. واوضح ان المواطن يشعر بالاحباط من استمرار الارهاب وفقدان الخدمات وحذر من ان الديمقراطية في العراق هشة وتحتاج الى الدفاع عنها من خلال معالجة التصادمات بين الصلاحيات والقوانين.
وفي كلمتين لهما شدد رئيس تيار الوسط ابراهيم الجعفري والقيادي في تحالف الوسط اياد السامرائي على ضرورة تحمل القادة لمسؤولياتهم امام مواطنيهم والعمل بجد لخلق حكومة شراكة حقيقية في الصلاحيات وفي الحكم والسلطة.
جدول الاعمال
وقبل اختتام جلسة اجتماعهم الافتتاحية التي استمرت ساعة ونصف الساعة وانتقالهم الى بغداد لمواصلة نقاشاتهم بدءا من مساء غد تمت الموافقة على جدول اعمال الاجتماعات التي ستستمر يومين وهي: الالتزام بالدستور، التوافق الوطني والمجلس الوطني للسياسات العليا والنظام الداخلي لمجلس الوزراء وقانون هيئة المساءلة والعدالة والاصلاحات الضرورية والمسائل العالقة بين حكومتي كردستان والمركز ومناصب الرئاسات الثلاث ووثيقة الاصلاح السياسي.
وقد عبر عدد من القادة المشاركين عن شكوك في امكانية انجاز جميع هذه القضايا داعين الى حل بعضها وترحيل الاخرى الى لجان مختصة وسط اعتراض اخرين مؤكدين اهمية انجاز اتفاقات متكاملة.
خلافات تسبق الاجتماعات
وسبقت خلافات وتراشق كلامي بين الكتل السياسية العراقية حول المناصب السيادية العليا وتأكيد بعضها ونفي الاخر للاتفاق على هذه المناصب اجتماع القادة السياسيين الذين التقوا في اجتماع اليوم للمرة الاولى منذ حضورهم جلسة مجلس النواب اليتيمة التي عقدت في الرابع عشر من حزيران/ يونيو الماضي في محاولة اخيرة للاتفاق على شكل الحكومة المقبلة بعد 8 أشهر من الانتخابات النيابية العامة التي شهدتها البلاد في اذار/ مارس الماضي.
وشارك في مباحثات الطاولة المستديرة التي دعا اليها بارزاني في ايلول/ سبتمبر الماضي كل من رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ورئيس تيار الاصلاح الوطني ابراهيم الجعفري ورئيس المؤتمر الوطني احمد الجلبي وعدد من قادة التيار الصدري ممثلين للتحالف الوطني واياد علاوي وأسامة النجيفي وصلاح المكلك ممثلين للكتلة العراقية وعمار الحكيم وعادل عبد المهدي وهمام حمودي ممثلين للائتلاف الوطني فيما يشارك الرئيس جلال الطالباني الى جانب بارزاني ورئيس الوفد الكردي المفاوض روز موري شاويس في افتتاح جلسات الطاولة.
ويعكف القادة السياسيون حاليا على مناقشة ورقة عمل اسفرت عن اجتماعات ممثلي الكتل السياسية في بغداد خلال الايام الستة الماضية بمعدل جلستين يوميا وهي تتضمن عدة نقاط خلافية لم يتم التوصل الى حل لها خلال تلك الاجتماعات وهي تتعلق بالشراكة الوطنية وآليات تحقيقها والتوازن الوطني وآليات تطبيقه والاصلاحات الضرورية في المجال الحكومي والتشريعي والقضائي والقضايا العالقة بين حكومة اقليم كردستان والحكومة الاتحادية اضافة الى مواضيع تتعلق بالمصالحة الوطنية وهيئة المسأءلة والعدالة.
وتنص مبادرة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني التي طرحها في أيلول/ سبتمبر الماضي على quot;التوافق الوطني وتوضيح مبدأ الشراكة وتقسيم المناصب وتقليل صلاحيات رئيس الوزراء حتى يمكن ان نصل الى حكومة تستطيع ان تحل مشاكل البلدquot;. ويشكل منصب رئيس الوزراء عقدة اساسية في المحادثات نظرا للصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها على الصعيدين الامني والسياسي. ورغم مرور ثمانية اشهر على الانتخابات التشريعية لا تزال البلاد من دون حكومة بسبب خلافات مستعصية بين الكتل النيابية.
ومن ضمن هذه الخلافات مطالبة الكتلة العراقية بتوسيع صلاحيات مجلس الأمن الوطني للسياسات الإستراتيجية بما يمكنه من إصدار قرارات يحيلها على الحكومة لتنفيذها فيما يريد التحالف الوطني الإبقاء على صلاحيات المجلس كما هي وحصر مهامه بإعطاء المشورة والتوصيات للحكومة. ومن النقاط الخلافية أيضا موضوع التوازنات في الأجهزة الأمنية والنظام الداخلي لمجلس الوزراء ومكتب القائد العام للقوات المسلحة وتعيين الدرجات الخاصة في الدولة والمؤسسات الحكومية والممثليات الخارجية للعراق والإصلاحات في الحكومة.
وقد كانت اجتماعات بغداد تمهيدية فقط فيما ستصدر القرارات النهائية بصدد هذه القضايا عن اجتماعات قادة الكتل في أربيل. وبشأن موقف الكرد من خلاف التحالف الوطني والعراقية حول صلاحيات مجلس الأمن الوطني للسياسات فإن الاكراد يتفقون مع ائتلاف العراقية في توسيع صلاحيات المجلس الأمن الوطني وأيضا بشأن إيجاد التوازنات في الأجهزة الأمنية فيما يتفقون مع التحالف الوطني بشأن النظام الداخلي لمجلس الوزراء ومكتب القائد العام للقوات المسلحة والممثليات الخارجية والدرجات الخاصة.
يذكر ان المجلس السياسي للأمن الوطني في العراق كان قد تشكل بالتزامن مع تشكيل الحكومة العراقية الحالية في أيار/ مايو عام 2006 ويضم رئيس الجمهورية ونائبيه ورئيس الوزراء ونائبيه ورئيس مجلس النواب العراقي ونائبيه وممثلي الكتل السياسية في مجلس النواب فضلا عن ممثل لرئيس إقليم كردستان العراق لكنه يعد لحد الآن مؤسسة غير دستورية.
تباين الرؤى حول المناصب السيادية
وتنعقد اجتماعات أربيل وسط خلافات حول المناصب السيادية بين تأكيد الاتفاق حولها وبين نفي هذا الامر. فقد اكد علي الدباغ الناطق باسم الحكومة العراقية أن اتفاقا سياسيا حول المناصب السيادية قد تم التوصل اليه بين قادة الكتل السياسية مشيرا الى ان هذا الاتفاق ينص على تجديد ولاية الرئيس جلال طالباني فيما يحتفظ المالكي بموقعه لولاية ثانية. واوضح ان الاتفاق ينص على منح منصب رئيس مجلس النواب للقائمة العراقية بزعامة اياد علاوي وعليها تقديم مرشح لشغل المنصب.
واضاف ان الاتفاق جرى بين التحالف الوطني والتحالف الكردستاني لكن القائمة العراقية لم تعط حتى الان موافقتها النهائية حول من سيتسلم منصب رئاسة الجمهورية او رئاسة مجلس النواب. وتشير مصادر مطلعة الى ان العراقية ستحصل على منصب رئاسة المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية الى جانب منصب رئاسة البرلمان او رئاسة الجمهورية في حال تقررت.
لكن المتحدث باسم الكتلة العراقية حيدر الملا نفى بشدة حسم موضوع المناصب السيادية مؤكدا ان ما نشرته بعض وسائل الاعلام عن قبول العراقية بمرشح التحالف الوطني نوري المالكي مقابل مناصب لها أمر غير صحيح. واشار الى ان الهدف من هذه التقارير هو ارباك المشهد السياسي العراقي. وجاء هذا التصريح ردا على تقارير اشارت الى الى ان اجتماعا لقادة الكتلة العراقية في عمان مساء السبت قد خرج باتفاق قادة القائمة على المشاركة في حكومة يرأسها المالكي مقابل تسلم علاوي رئاسة مجلس السياسات والنجيفي رئاسة البرلمان والهاشمي منصب نائب رئيس الجمهورية والمطلك وزارة الخارجية.
ومن جانبه أكد نائب رئيس الوزراء رئيس الوفد الكردي المفاوض روز نوري شاويس بقاء مسألة توزيع المناصب السيادية دون حسم الى جانب نقاط أخرى سيجري بحثها في اجتماع قادة الكتل في اربيل اليوم.
وقال شاويس في مؤتمر صحافي في اربيل ان الاستعدادات قد اكتملت لاحتضان اجتماع الكتل اليوم موضحا ان بعض النقاط المهمة لا تزال من دون حل بانتظار اجتماع القادة لاتخاذ القرار بشأنها مثل توزيع المناصب السيادية واتخاذ القرار بشأن صلاحيات عدد من المؤسسات تمهيداً لذهاب الكتل الى اجتماع البرلمان المقبل يوم الخميس المقبل متوافقين حول كل النقاط الخلافية.
كلينتون تحث القادة على تشكيل حكومة تمثل جميع الاطراف
وحثت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون القادة في العراق على تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة. وقالت كلينتون بحذر للصحافيين في ملبورن خلال زيارة لاستراليا لإجراء محادثات دبلوماسية ودفاعية quot;على مدى الثمانية أشهر الماضية رصدنا اشارات عديدة على انهم اقتربوا من التوصل الى اتفاق انهم على وشك تشكيل حكومة اتفقوا على ترتيبات اقتسام السلطة لكن هذا لم يتجسد بعدquot;.
وكان رئيس السن في المجلس النواب العراقي القيادي الكردي فؤاد معصوم قد اعلن الجمعة الماضي تأجيل جلسة مقررة للبرلمان الاثنين المقبل الى الخميس بهدف افساح المجال امام مبادرة بارزاني. وقد فازت في الانتخابات العراقية التي جرت في السابع من آذار/ مارس الماضي كتلة العراقية بزعامة علاوي بحصولها على 91 مقعدا برلمانيا وائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي على 89 مقعدا والائتلاف الوطني برئاسة عمار الحكيم على 70 مقعدا والتحالف الكردستاني على 57 مقعدا من مجموع مقاعد مجلس النواب البالغة 325 مقعدا.
التعليقات