فيما تواصل العنف في العراق اليوم، وأدى إلى مقتل وإصابة حوالى 80 مواطنًا، فقد دعت الأمم المتحدة الاتحاد الأوروبي إلى لعب دور أقوى لإنقاذ العراق من الانزلاق إلى اقتتال طائفي، وطالبت السياسيين العراقيين باتخاذ إجراءات حاسمة لوقف تزايد العنف.. فيما نأى الزعيم الشيعي مقتدى الصدر بنفسه عن نشاطات الميليشيات المسلحة، ورفضت المخابرات العراقية اتهامها بالضلوع في اختطافات تشهدها البلاد.


أسامة مهدي: قالت بعثة الأمم المتحدة في العراق quot;يوناميquot; إن رئيسها مارتن كوبلر أطلع لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي على التطورات الحالية التي يشهدها العراق. وأضافت أن كوبلر وخلال تبادل لوجهات النظر مع أعضاء البرلمان، أعرب عن مخاوف جدية من ارتفاع وتيرة العنف في العراق، وخطر عودة الصراع الطائفي إلى البلاد، في حال عدم اتخاذ إجراءات حاسمة من قبل القادة السياسيين.

وقال مبعوث الأمم المتحدة quot;تقف البلاد عند مفترق طرقquot;، داعيًا الاتحاد الأوروبي إلى القيام بدور أقوى في التعامل مع التطورات التي تشهدها البلاد، وإلى مزيد من التواصل مع مجلس النواب العراقي.

وأشارت البعثة في بيان صحافي اليوم إلى أن كوبلر أطلع لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي أيضًا على جهود بعثة quot;يوناميquot; الرامية إلى إعادة توطين سكان مخيم أشرف السابقين من عناصر منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة في العراق في بلدان أخرى.

إعادة توطين quot;خلقquot; الخيار الوحيد
وأعرب عن أسفه لعدم تعاون السكان وقيادتهم مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومراقبي الأمم المتحدة، وحثهم على قبول العروض الملموسة لإعادة توطينهم. ودعا كوبلر مرة أخرى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى قبول السكان السابقين في مخيم أشرف في بلدانها، مشددًا على أن quot;إعادة التوطين في بلدان آمنة هو الخيار الدائم الوحيدquot;.

وكان كوبلر حثّ الثلاثاء الماضي quot;جميع الزعماء العراقيين على القيام بكل ما هو ممكن لحماية المدنيين العراقيين، فمسؤولية وقف سفك الدماء ووقف المذابح تقع على عاتقهمquot;. وأضاف في تصريح صحافي quot;أن من مسؤولية السياسيين التحرّك فورًا، وبدء حوار يهدف إلى إخراج الأزمة السياسية من الطريق المسدود، الذي وصلت إليه، وألا يجعلوا خلافاتهم السياسية فرصة يستغلها الإرهابيونquot;.

وشدد كوبلر بالقول quot;سنواصل تذكير الزعماء العراقيين بأن البلاد ستنزلق نحو مرحلة مجهولة ومحفوفة بالمخاطر، إذا لم يتخذوا إجراءات فوريةquot;.

من جهته، فقد أكد زعيم القائمة العراقية أياد علاوي وجود خرق واضح للوضع الأمني، مشيرًا إلى أنّ السلطات المختصة لم تجد شرحًا لهذه الخروقات المتكررة. وقال علاوي في تعليق على صفحته في إحدى شبكات التواصل الاجتماعي اليوم الخميس إن quot;التفجيرات الأخيرة ضحّت بنحو 320 مواطنا بين شهيد وجريح، وذلك في خرق واضح للوضع الأمني من دون أن تجد السلطات المختصة شرحًا لهذه الخروقات المتكررةquot;.

14 قتيلا في العراق اليوم
واليوم قتل 14 شخصًا، وأصيب أكثر من خمسين آخرين بجروح في هجمات متفرقة في العراق، معظمها بسيارات مفخخة في بغداد، حيث جاءت هذه الهجمات بعد يوم على مقتل 28 شخصًا، بينهم 16 قضوا في مجموعة تفجيرات استهدفت حفل زفاف في منطقة سنية شيعية في جنوب بغداد.

ومنذ بداية الشهر الحالي، قتل أكثر من 590 شخصا في أنحاء متفرقة من البلاد، بحسب مصادر أمنية وعسكرية وطبية. وكان رئيس الوزراء نوري المالكي أعلن عن إجراءات أمنية جديدة، تشمل تغييرات في قيادات العمليات والفرق العسكرية، إلا أن هذه الإجراءات لم تحد من أعمال العنف المتصاعدة.

الصدر ينأى بنفسه عن الميليشيات
وقد نأى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اليوم بنفسه عن نشاط الميليشيات المسلحة، وحذر أتباع تياره من أي عمل يؤجّج الطائفية. وقال بيان لمكتبه إن الاستعراضات والتظاهرات بأشكالها كافة quot;بيد السيد القائد (مقتدى الصدر) حصرًا، ولا يحق لأي فرد الإيعاز بهاquot;. وأضاف quot;إن كل من يدعو إلى أي عمل يؤجّج الطائفية بين أبناء شعبنا، فإننا منه براءquot;.

وأكد أن التيار الصدري لم يدعُ إلى أية quot;تظاهرة أو استعراض يؤجّج الطائفية بين أبناء بلدنا الحبيب العراق الجريح، الذي يحتاج في كل آن من يلملم جراحاتهquot;. وأدان quot;التفجيرات الإجرامية التي تعصف بعراقنا من شماله إلى جنوبه، وندعو أبناءنا من العراقيين كافة إلى وحدة الصف ونبذ الطائفية والعنف بأشكاله كافةquot;.

وانتقد الصدر الثلاثاء الماضي صمت الحكومة أمام توالي الهجمات من دون وضع حد للتدهور الأمني، وقال quot;تبيّن لنا جليًا وبلا أدنى شك أن الإرهاب ذو نفوذ وسيطرة في عراقنا الحبيب، لذا فإنهم بين الحين والآخر يصعدون من تفجيراتهم، والكل يكتفي بالاستنكار، بل وصل الأمر إلى حد أنهم نسوا حتى الاستنكار، وصار الصمت هو الملجأquot;.

دعوة إلى نزع الحقد واللجوء إلى الإيمان
وأضاف أن quot;الشعب ابتعد عن اللجوء إلى الله، وفي الوقت نفسه هو بلا حكومة تحميه، وبات في مواجهة الإرهاب بلا معونة من أحدquot;، داعيًا الشعب إلى quot;نزع الحقد من القلوب، ونزع فتيل الحقد الطائفي، والرجوع إلى الله، والاتجاه إلى الدعاء والتسبيح والطاعة وإلى القيادات الدينية، كلّ بحسب عقيدته، وإلى المساجد والقرآن وأهل البيتquot;.

وقال quot;أما ما يخص الحكومة، فعليها محاسبة وطرد الأشخاص المنخرطين في السلك الأمني بلا حق أو لأجل السلطة والشهرة من دون إخلاص أو غيرةquot;.. مشددًا على ضرورة أن تقوم الحكومة بـquot;تقوية الجهد الاستخباري والمخابراتي بالطرق الصحيحة والعمل الجدي من أجل نزع فتيل الاحتقان الطائفي، لا كما وصلنا بأن السيد رئيس الحكومة يريد إعلان بدء الحرب الطائفية في العراقquot;.
ودعا الصدر الشعب والحكومة في الختام قائلًا quot;هذا آخر نداء مني إلى الشعب من جهة، وإلى الحكومة من جهة أخرىquot;. من جهته رفض جهاز المخابرات العراقي اتهامات وجّهت إليه بمسؤوليته عن عمليات قتل وخطف، قيل إنها تتم بعجلاته.

وقال الجهاز في بيان اليوم إنه quot;ينفي جهاز المخابرات الوطني العراقي ما تناقلته بعض المواقع الالكترونية بأن عمليات قتل وخطف تتم بسيارات تابعة الجهازquot;. وأضاف quot;نؤكد أن الجهاز تشكل بموجب الدستور، ويعمل على جمع وتحليل المعلومات والحفاظ على أمن وسلامة العراق وشعبهquot;. واتهم ما أسماها quot;الجهات المغرضة والمعادية بتشويه سمعة الجهازquot;.

يذكر أن جهاز المخابرات متفرغ لجمع المعلومات وتقويم التهديدات الموجّهة إلى الأمن الوطني، وتقديم المشورة إلى الحكومة العراقية، وهو يخضع لرقابة السلطة التشريعية البرلمانية، لكنه يرتبط بمجلس الوزراء.

جدير بالذكر أن تصريحات المسؤولين حول تزايد الشكاوى من انتشار عناصر تابعة لميليشيات مسلحة في العاصمة تناقضت خلال اليومين الماضيين بين تأكيدات المالكي ونفي وزارة الداخلية.

المالكي سيضرب الميليشيات
ففي حين أكدت وزارة الداخلية عدم وجود أي ميليشيات مسلحة تنتشر في الشوارع، واتهمت quot;بعض وسائل الإعلامquot; بالترويج في الأيام الماضية quot;لادعاءات عن انتشار ميليشيات بأزياء مدنية وعسكرية تقوم بقطع الشوارع وتتفحص الهويات وتوجّه أسئلة على أساس طائفي وتقوم بقتل خطف وما شاكل ذلكquot;.. فإن المالكي شدد الثلاثاء عقب الاجتماع الأسبوعي لحكومته، على أن حكومته quot;مصمّمة على ضرب جميع أنواع الميليشيات والعصابات المسلحة الخارجة على القانونquot;، والتي أكد أنها تشكل خطًا أحمر مرفوضًا.

وأوضح أنّ اجتماع حكومته قرر quot;ملاحقة كل أنواع الميليشيات، والضرب بقوة على كل من يخرج على النظام العامquot;، وهو أمر يؤكد وجود هذه الميليشيات فعلًا.

يذكر أن مسلحين ينتمون إلى مختلف الميليشيات الشيعية والتنظيمات المسلحة السنية بدأوا يظهرون في مناطق بغداد أخيرًا، وينفذون عمليات اغتيال على الهوية، كما يقومون بنصب دوريات متحركة للاختطاف.